الاتصال واحتياجات ماسلو

خلفان العاصمي

يتصل الإنسان بالآخر كي يُلبي حاجاته العامة بهدف التكاملية ما بين النَّاس جميعًا ووفق مبدأ الحاجة المتبادلة من الآخر وللآخر، حيث يُعد الاتصال ظاهرة وسلوكا إنسانيا يستخدمه الفرد لتبادل المعلومات والمنفعة لاستمرار حياته، فالاتصال عملية اجتماعية هامة لا يمكن أن يعيش بدونها الإنسان أو المنظمات أو المؤسسات على المستوى المجتمعي ككل، وهذه العملية ينبغي أن تقوم على مجموعة من المبادئ، أهمها الصراحة والوضوح ودقة الأخبار والمعلومات والالتزام بالمعايير الاجتماعية السائدة في المجتمع مثل الصدق والأمانة والإخلاص، وعلميًا يشير مفهوم الاتصال إلى العملية أو الطريقة التي تنتقل بها الأفكار والمعلومات بين النّاس داخل نسق اجتماعي معين يختلف من حيث الحجم ومن حيث محتوى العلاقات المتضمنة فيه بمعنى أنّ هذا النسق الاجتماعي قد يكون مجرد علاقة ثنائية نمطية بين شخصين أو جماعة صغيرة أو مجتمع محلي أو مجتمع قومي أو حتى المجتمع الإنساني ككل، وتنبع حاجة الإنسان للاتصال لتحقيق مجموعة من الاحتياجات الأساسية له هي نفسها التي وردت في هرم ماسلو للاحتياجات الإنسانية فحاجة الإنسان إلى الماء ضرورية وعدم تلبيتها يؤدي إلى الموت فيفقد الإنسان حياته كذلك الحاجة إلى الانتماء، والحب والعلاقات الإنسانية تتساوى في أهميتها مع الحاجة إلى الطعام والشراب، وذلك لضمان الحياة وحفظ الإنسان من الفناء، فالشعور بالأمومة والأبوة والرغبة في الإنجاب تعد من الأمور والحاجات الضرورية للإنسان، ولكي نشبع هذه الحاجات لابد للإنسان أن يتفاعل مع الآخرين، ولا بد من وجود الآخرين في حياة الإنسان لتبادل المصلحة والمنفعة وبذلك يصبح الاتصال أمرًا حتميًا لا يستطيع الإنسان أن يشبع حاجاته إلا بالاعتماد على الآخرين والاتصال بهم.

تعد اللغة الأداة التي تمكن الإنسان أن ينقل من خلالها أحاسيسه ومشاعره وما يُريده للآخرين، وبها يتم تحقيق الهدف من الاتصال، كما أنّها تجسد حالة تفاعل الفرد مع النّاس المحيطين به، ومع بيئته من حوله، فهي بذلك تعد وسيلة الاتصال، ولا يقصد باللغة الكلام فقط، بل قد تكون أفعالاً، أو إشارات نستخدمها للترميز عن معنى، وقد تكون إيماءات كما يحدث في تعبيرات الوجه، أو قد تكون حركات جسدية يتم من خلالها إيصال معنى مفهوم لدى الآخرين، ومن خلال اللغة ينقسم الاتصال إلى نوعين أولهما الاتصال اللفظي وهو الاتصال الذي يحدث نتيجة لاستخدام اللغة اللفظية كوسيط اتصالي، فاللغة تُعد وسيلة اتصال فعّالة ومؤثرة تساعد على تحقيق أهدافنا وتجعل اتصالنا بالآخرين أكثر نجاحاً، ولا نحتاج في استخدامها ضرورة دراسة قواعد اللغة كالنحو والصرف، حيث إنّ الوظيفة الرئيسية للغة هي وظيفة اتصالية، إذ يجب أن ندرك البعد الاتصالي للغة، وباعتبارها ظاهرة اجتماعية لا يمكن عزلها عن النشاط الاجتماعي، وتتميز اللغة اللفظية بمجموعة من الخصائص أبرزها الخصوصية ويقصد بها خصوصيتها العائدة للإنسان لأنه يستخدمها لهدف ما، فهو يخطط لما يقول ثم يغيره أو يعدله بناء على إستراتيجية معينة وتتغير اللغة وفقاً للموقف حيث لكل تفاعل لفظي لغة جديدة لأن الموقف الذي يحدث فيه الاتصال يعد موقفاً جديدًا، أما الخاصية الثانية فهي الذوبان والتلاشي أي انتهاء اللفظ بعد أدائه، إذ إنّه بمجرد الانتهاء من اللفظ يصبح بعيدا عن أيّ إعادة، حتى لو حاولنا الإعادة فإننا نستخدم ألفاظا جديدة (تعد لغة جديدة)، وذلك بسبب تغير الموقف الاتصالي، أما الخاصية الثالثة فتتمثل في الإبدال والإحلال ويقصد بهما استخدام اللغة في غير زمانها أو مكانها حيث بها نتكلم عن أشياء واقعية وخيالية، نتكلم عما هو موجود وما هو غير موجود أمامنا ونتكلم عن الماضي والمستقبل، وأشياء لم نرها، أما النوع الثاني من الاتصال فهو الاتصال غير اللفظي والنابع من وجود لغة غير كلامية لا تقل أهمية عن اللغة المنطوقة بل تؤدي نفس الوظيفة، أي أنّه اتصال لا يتضمن كلمات، وهي كثيرة في حياتنا اليومية مثل استخدام اليد للتعبير عن أشياء كثيرة أو حركات الرأس (نعم - لا)، أو الألوان بما توحي به من استوجاب أفعال معينة مثل ما يحدث فى إشارات المرور، ويقسم الاتصال غير اللفظي إلى ثلاثة أنواع هي لغة الإشارات مثل بعض الحركات الجسمانية للتعبير بها بدلا عن الكلام سواء الرأس أو اليدين أو الأصابع للتعبير عن الأرقام أو للتهديد ومنها جاءت لغة الإشارة التي تستخدم للتواصل مع المعاقين سمعيا، وكذلك لغة الفعل، فالأفعال التي يصدرها الإنسان تعد تعبيرا يراد إيصاله إلى الآخرين، فالطرق باليد على منصة الخطابة يعبر عن الحزم والشدة، والجري من شيء يعبر عن شيء مخيف أو خطر ما، ومن وسائل الاتصال غير اللفظي أيضاً لغة الأشياء وتعنى استخدام الأشياء المادية بما تحمله من معان بقصد إيصالها للآخرين مثل إرسال باقة ورد، أو هدية في مناسبة ما.

تعليق عبر الفيس بوك