فريق عُمان للإبحار المحيطي يحطم الرقم القياسي العالمي للإبحار حول أيرلندا

مسقط- الرؤية

أضاف مشروع عُمان للإبحار رقماً قياسياً عالمياً آخر إلى رصيده وإلى رصيد السلطنة، وذلك بعدما استطاع القارب "مسندم" من فئة (مود70) المدعوم من وزارة السياحة أن يحطم الرقم القياسي العالمي للإبحار حول أيرلندا والذي كان قد بقي مسجلاً باسم قارب "لاكوتا" منذ عام 1993.

وقطع القارب "مسندم" مسافة التحدي خلال 40 ساعة و51 دقيقة 57 ثانية، بفارق يقارب أربع ساعات عن القارب "لاكوتا" الذي استغرق 44 ساعة و42 دقيقة و20 ثانية لقطع مسافة التحدي. وشارك في تحقيق هذا الإنجاز ثلاثة أبطال عُمانيين هم سامي الشكيلي، وياسر الرحبي، وفهد الحسني، وهو الثلاثي الذي شارك العام الماضي على متن القارب نفسه لتحطيم الرقم القياسي السابق للإبحار حول بريطانيا وأيرلندا. وقد كان طاقم القارب مسندم يترقب هذا الفرصة منذ عامين بعد أن حاول في عام 2013م تحطيم الرقم السابق ولكنّه تراجع عن ذلك بسبب الظروف الجوية غير المواتية وحفاظاً على سلامة البحّارة والقارب. وفي هذا العام كان الطاقم وفريق الإبحار المحيطي في خضم سباق جراند بركس جاياندر في فرنسا ويتابع الأحوال الجوية ويترقّب الفرصة المواتية، وحين حانت الفرصة انطلق القارب من فرنسا متجهاً إلى نقطة الانطلاق في مدينة دان لاهير جنوب العاصمة الأيرلندية دوبلن، ومن هناك انطلقوا في هذا التحدي واستطاعوا تحقيق إنجاز عُماني آخر يضاف إلى سجل الإنجازات الرياضية العُمانية.

ويعد هذا الإنجاز فريداً من نوعه على مستوى العالم نظراً لصعوبة التحدي وبقاء الرقم القياسي السابق صامداً لفترة طويلة تزيد على عشرين عاماً، كما يُعد إضافة نوعية إلى المسيرة الرياضية للسلطنة، وسيكون له دور كبير في إلهام الأجيال الصاعدة لرفع مستوى طموحاتها في شتى الرياضات، علاوة على إسهامه في تعميق ارتباط الأجيال الحاضرة بالتراث البحري العريق للسلطنة وإدخال هذه الرياضة كأحد أبرز الرياضات الأصيلة ذات الأثر الإيجابي للقطاعين السياحي والاستثماري. كما يأتي هذا الإنجاز متماشياً مع أهداف مشروع عُمان للإبحار الذي يعمل منذ تأسيسه في عام 2008 على إحياء الأمجاد البحرية العُمانية التي سطرها الأجداد، وفي سبيل تحقيق ذلك يركز المشروع على ثلاثة أركان أساسية يتمحور أولها في تنمية القدرات والكوادر الوطنية من خلال تزويدهم بالمهارات الحياتية الضرورية للتميز في مختلف ميادين الحياة، ويتمحور الركن الثاني حول تعزيز الرياضة الوطنية وإشراك الشباب والشابات في تحقيق إنجازات رياضية للسلطنة مثلما فعلوا في تحطيم الأرقام القياسية والإبحار في تحديات عالمية مرموقة، أمّا الركن الثالث فهو توظيف الكوادر الوطنية وتوظيف المناشط الرياضية من أجل الترويج للسلطنة سياحياً في مختلف المحطات التي يزورها البحارة العُمانيون.

وعبّر البحارة العُمانيون عن سعادتهم الغامرة بهذا الإنجاز، وقال سامي الشكيلي بعد وصوله إلى خط النهاية: "سعادتي لا توصف بهذا الإنجاز بالرغم من التحديات الكبيرة التي كانت أصعب من التحدي السابق حول بريطانيا وأيرلندا، ولكن بفضل العمل الجماعي استطعنا المحافظة على سرعة القارب حتى خط النهاية وكسرنا الرقم القياسي السابق" وأضاف: "أعتبر هذا الرقم القياسي أهم إنجازاتي البحرية حتى الآن وفخر لي أن أهدي هذا الإنجاز إلى السلطنة وإلى مولاي صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظّم- حفظه الله وأدام عليه الصحة والعافية-"وكان سامي قد تعرّض في آخر ساعات السباق إلى إصابة طفيفة في الكتف والصدر إثر سقوطه داخل قمرة القارب، وتلقى الإسعافات الأولية والرعاية اللازمة فور وصول القارب إلى خط النهاية.

أمّا فهد الحسني الذي يُعد من أكثر العُمانيين خبرة على متن القارب "مسندم"، فقد كان سعيداً بتحقيق هذا الحلم وقال: "نحمد الله على هذا الإنجاز فهو حُلم لكل بحار وأنا فخور بمشاركتي في تحقيقه، كما أنني فخور برفع علم السلطنة على رأس هذا الإنجاز". وأضاف: "لم يكن طريق التحدي مفروشاً بالورود، بل كان محفوفاً بالمخاطر والتحديات، حيث واجهنا انخفاض سرعة الرياح لمدة 5 ساعات تقريباً في اليوم الثاني وكلفنا ذلك خسارة بعض الوقت، ولكن بعدها هبت الرياح بقوة حتى خط النهاية. ومن ضمن التحديات كذلك انخفاض درجات الحرارة لأننا متعودون على درجات الحرارة المرتفعة في السلطنة، وواجهنا تحدياً مع التيارات الباردة القادمة من الشمال حتى أننا كنّا نفقد الشعور بأصابعنا أحياناً مع كثرة الماء والرياح ولكننا استطعنا التأقلم بسرعة وحققنا الحلم".

كما تحدث ياسر الرحبي أحد أعضاء الفريق عن سعادته بهذا الإنجاز وقيمته الوطنية لكل عُماني، وقال: "إنه إنجاز غير عادي، وهو بلا شك إضافة كبيرة إلى سجل إنجازاتي الشخصية، ولكن الأهم من ذلك أنّه إنجاز للسلطنة في الساحة الدولية. واجهنا الرياح العاتية والأمواج المتلاطمة ولكننا لم نستسلم وواصلنا المسير حتى خط النهاية، وكان مفتاح النجاح يكمن في المحافظة على سرعة القارب والمحافظة على تركيزنا من خلال التناوب في أوقات العمل والراحة".

وعن هذا الإنجاز، عبّر ديفيد جراهام الرئيس التنفيذي لمشروع عُمان للإبحار عن سعادته بما حققه الشباب وقال إنّ هذا التحدي كان ضمن أهداف القارب مسندم لعدة سنوات، وإنّ تحقيقه على أرض الواقع دليل على العمل الدؤوب والتفاني الذي يتحلى به فريق الإبحار الشراعي المحيطي. وأضاف جراهام: "ليس هناك اختبار أقوى للانضابط والتحمّل من السباق مع الزمن، حيث يتعيّن على الفريق أن يحافظ على تركيزه طوال الوقت، ولذلك حرصنا على غرس هذه المهارات والقيم لدى البحارة منذ تأسيس المشروع. ومن خلال مشاركة البحارة العُمانيين في هذا الإنجاز يمكن القول أنّ رياضة الإبحار الشراعي في السلطنة تسير على الطريق الصحيح".

ويُعد الثلاثي العُماني المكون من سامي الشكيلي، وياسر الرحبي وفهد الحسني من أفضل البحارة المحيطين بمشروع عُمان للإبحار ولهم سجل قوي من المشاركات المحيطية مقارنة بتاريخهم القصير في عالم الإبحار، وهم الجيل الثاني من البحارة المحيطيين المحترفين بعد الجيل الأول الذي يضم أسماء لامعة مثل محسن البوسعيدي وصالح الجابري وأحمد المعمري وعبدالله البوسعيدي.

ويتدرب البحّارة المحيطيون العُمانيون على يد الفرنسي المحترف سيدني جافنييه الذي يُعد ألمع الأسماء في الإبحار المحيطي على مستوى العالم، حيث شارك في سباق فولفو المحيطي ثلاث مرات وحقق المركز الأول والثاني فيها، كما حقق المركز الثاني في سباق الترانزات لا مونديال 2004م وهو صاحب الرقم القياسي في الإبحار المنفرد في سباق الدوران حول بريطانيا، كما أنّه كان مع البحارة العُمانيين العام الماضي عند تحطيمهم للرقم القياسي للإبحار حول بريطانيا وأيرلندا، وهو البحار الذي قطع المحيط الأطلسي منفرداً على القارب "مسندم" العام الماضي في سباق روت دورام، وحقق فيه المركز الخامس.

تعليق عبر الفيس بوك