قمة "كامب ديفيد".. حسابات الربح والخسارة بين الحلفاء

◄ القمة المرتقبة خطوة باتجاه تشكيل نظام إقليمي يحدد "أولويات اللحظة" بما يتناسب وتصاعد وتيرة الأحداث

◄ مباحثات "مارثونية" في باريس بين كيري ونظرائه في "مجلس التعاون" للوقوف على نقاط اتفاق مشتركة

◄ ملفات "ملغومة" على طاولة "كامب ديفيد".. وتساؤلات مشروعة تحدد أطر المستقبل السياسي في المنطقة

◄ "النووي الإيراني": أوباما يسعى للطمأنة.. والخليجيون متخوفون من "تغوُّل" الدور الإقليمي لطهران

◄ أزمة اليمن: واشنطن "تتجمل" والخليج "في موقف قوة".. والتوافق حول "إعادة الأمل" يؤول لحلول قريبة

◄ أوباما يفتح ملف "11 سبتمبر" مجددا للخروج من مأزق سوريا والعراق.. و"الشرعية" في ليبيا سيناريو "غامض"

النتائج التي خرج بها لقاء وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بنظرائه الخليجيين في العاصمة الفرنسية باريس، توسِّع دائرة الاهتمام بما ستؤول إليه القمة الأمريكية-الخليجية المرتقبة في قصر "كامب ديفيد" -والتي دعا إليها الرئيس الأمريكي قادة دول مجلس التعاون الخليجي في الثالث عشر من مايو الجاري- سيما وأنها تجيء بُعيد أيام قلائل من اجتماع تشاوري خليجي عُقد بالعاصمة السعودية الرياض، لم يخرج بأي جديد فيما يتعلق بالقمة سوى بتجديد التطلعات لأن تخدم مباحثات "كامب ديفيد" أمن واستقرار المنطقة، على الرغم من أن أعمال القمة تجيء وسط تحديات جسيمة تعصف بالمنطقة، وتطورات تستجد على الساحة؛ يُعد أبرزها التوافق المبدئي بين إيران والغرب حول الملف النووي، والذي يقترب من مرحلة الحسم في الفترة الراهنة تمهيدا لصياغة اتفاق نهائي نهاية الشهر المقبل، وإلى جانبه يأتي الصراع في اليمن بتطوراته، والصراع الدائر في كل من سوريا وليبيا والعراق.

وبما يتوازى مع هذا الطرح، يبرز على كواليس القمة المرتقبة، التقارب الخليجي-الفرنسي الذي نجحت من خلاله باريس في أن تملأ الفراغ الذي خلفته السياسات "المرتبكة" للرئيس الأمريكي باراك أوباما تجاه دول الخليج وأمنها.. فحضور الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند قمة الرياض التشاورية، يبث برسالة رمزية على مفادها أن بلاده ستكون إلى جانب دول مجلس التعاون إذا فكر الأمريكيون في التخلي عن التزاماتهم تجاهها، أو ماطلوا في دعم موقفها في ملفي اليمن والنووي الإيراني.

الرُّؤية - هيثم صلاح

ما تطرق إليه كيري خلال محادثات باريس -التي جرت بمقر إقامة السفيرة الأمريكية هناك، والتقى خلالها وزراء خارجية الدول الست في مجلس التعاون الخليجي- تضمَّن حديثا مطولا حول الأولويات الإقليمية المشتركة والتعاون الأمني، إلى جانب تطورات مفاوضات مجموعة "5+1" الحالية مع إيران، حول برنامجها النووي المثير للجدل، إضافة إلى القلق حيال البرنامج النووي الإيراني والمخاوف إزاء امتلاك طهران سلاحًا ذريًا في نهاية المطاف مع حصولها على رفع العقوبات، التي تخنق اقتصادها، في مسعى للوصول إلى نقاط اتفاق مشتركة بين الأطراف قبيل انطلاق أعمال القمة.

كواليس القمة

وعودٌ على كواليس القمة، فإنه وعلى الرغم مما حملته الدعوة الموجهة من إدارة البيت الأبيض عن أن القمة تأتي -وكما صرح أكثر من ناطق باسمها- لتبديد مخاوف دول الخليج العربية من تداعيات الاتفاق النووي المتوقع التوصل إليه بين إيران ودول مجموعة (5+1)، إلا أن حقيقة الأمر تقول بغير ذلك؛ إذ إن الرئيس أوباما لا يملك أن يطمئن أحداً -وهو الذي يُعاني من متلازمة "عَوَز الإرادة والتدبير"- مما يجعل الثقة بتطميناته ضرباً من "التهور السياسي"، كما أن دول مجلس التعاون لا تحتاج تطمينات من هذا النوع؛ سيما وأن الأصل ألا تكون لدى هذه الدول مخاوف؛ لأن إيران سوف تتعهد بالتخلي عن مساعيها إلى امتلاك سلاح نووي. وعلى العكس، فالمنطق يقول إن دول الخليج يجب أن ترحب بذلك؛ لأن إيران بدون نووي مُتعبة، فكيف بها نووية!!

وفضلاً عن ذلك، لا يحتاج الرئيس أوباما أن يطمئن دول الخليج من تداعيات حصول تقارب إيراني-أمريكي، فلطالما تعايشت دول الخليج مع إيران حليفة للأمريكان، ووكيلاً لهم في المنطقة، منذ سقوط ثورة مصدق، وحتى قيام ثورة الخميني. وفوق ذلك، يُدرك القادة الخليجيون أن إدارة أوباما لن تستطيع -حتى لو تهاونت- أن تسمح بسيطرة إيرانية في الخليج؛ سيما وأن ذلك يناقض مصالحها تماماً، فالولايات المتحدة التي قادت أكبر تدخلاتها العسكرية، بعد الحرب العالمية الثانية، في هذه المنطقة، لمنع أي قوة إقليمية أو عالمية من السيطرة عليها، ستبقى على الأرجح ملتزمة بذلك، ما بقيت قادرة عليه.

مواجهات ومآخذ

القيادة السعودية التي لها مآخذ كثيرة على المواقف الأمريكية في عهد إدارة أوباما، ذاهبة إلى قمة كامب ديفيد وفي يدها هذه المرة أكثر من موقف وأكثر من ملف، في خطوة تشير إلى عزم الرياض على مواجهة الإدارة الأمريكية بكل التفاصيل، ووضع الأوراق جميعًا على طاولة البحث؛ حيث واشنطن هي الأخرى تستعد بملفاتها.. تذهب القيادة السعودية إلى القمة ومعها حشد عربي مهم، ففضلاً عن شقيقاتها الخليجيات، كانت الرياض في الأيام الأخيرة وجهة قادة عرب كبار تصدرهم العاهل المغربي الملك محمد السادس الذي انضم إلى نادي التحالف العربي ليضيف إليه زخماً جديداً، والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الذي شكل منذ البداية عنصراً مهماً في بناء هذا التحالف، هذا مع احتمال زيارة وشيكة للعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، فضلا عن الرسالة الضمنية التي وجهتها الرياض والأشقاء الخليجيون بحضور الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند للقمة التشاورية، والتي توحي ضمنيا بأن دول الخليج قادرة على توسيع دائرة تحالفاتها، التي ظلت إلى حد كبير متمحورة مع واشنطن.

ونظرة تحليلية معمَّقة على توقيت القمة وتصريحات مستشار أوباما بشأن القضايا المطروحة للنقاش، يرى محللون أن القمة المرتقبة ستكون بداية لتشكيل نظام إقليمي جديد يواجه التحديات ويحدد الأولويات التي تتغير باستمرار في منطقة تنوء تحت ثقل ملفات معقدة من أفغانستان إلى إيران فالعراق وسوريا ولبنان مرورا باليمن وليس انتهاء بليبيا.. وألمحوا إلى أن القمة تعبر من زاوية أخرى عن الاهتمام الأمريكي بالعالم العربي وبالخليج؛ إذ أعرب الرئيس الأمريكي باراك أوباما عن حرص بلاده على حلفائها في المنطقة، وضمان أمن تلك الدول الحليفة.

وبهذا المعنى، فإنَّ اللقاء سيسعى لتبديد الانطباع القائل إنَّ الاتفاق النووي جاء على حساب الصداقة التاريخية بين واشنطن ودول الخليج التي ستتلقى تأكيدات أن الصفقة النووية تفرض تقييدًا واضحًا على برنامج إيران النووي. ويرى خبراء أنَّ التصور الأمريكي لمرحلة ما بعد الاتفاق النووي يكمن في خطة أمريكية ـ غربية ستعمل على تحويل إيران، عبر آليات ناعمة، إلى بلد أكثر تكيفا وانضباطا في الإقليم. ورغم الضمانات الأمريكية التي سيشرحها ويقدمها أوباما لضيوفه، غير أن الحديث عن إيران كشريك في معالجة أزمات المنطقة سيكون مثيرا للاستياء.

ولعل من أكثر الانتقادات التي توجه للاتفاق النووي المنتظر هو أن واشنطن تسعى لعزل الملف النووي الإيراني عن سلوك طهران السياسي، وهو ما يهدد نجاح الاتفاق المنتظر، فالسياسات الإيرانية الهادفة إلى بسط نفوذها في المنطقة هي التي تزعج الخليج ربما أكثر من البرنامج النووي.

كما يرى قادة دول الخليج تغيرًا في المقاربة الأمريكية، مشيرين إلى "الخط الأحمر" الذي حدده أوباما بالنسبة لاستخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا لكنه لم يحرك ساكنًا. كما أنهم قلقون حيال النفوذ الإيراني المتعاظم في سوريا وكذلك في العراق واليمن ولبنان.

وكانت الرياض قد أعربت مرارا عن رفضها لأي دور إيراني في الملف اليمني، باعتبار اليمن دولة عربية ولا يحق لإيران التدخل في شؤونه، كما اعترضت على هذا الدور في كل من سوريا والعراق. وتناغمت واشنطن مع هذا التصور عندما قال أوباما إن على العرب حل مشكلة سوريا ومواجهة نظام الأسد، وأردف بأن في وسع العرب المساهمة في حل الأزمة في ليبيا، وهو أمر يتعدى الطلب إلى إعطاء شرعية للتحرك ضمن الإقليم، ولتعزيز هذا التوجه، أيدت الإدارة الأمريكية "عاصفة إعادة الأمل" على أكثر من مستوى.

تساؤلات أوباما

وبالمقابل، فإنه يتعين على القيادات الخليجية أن تكون جاهزة للرد على الكثير مما في جعبة محادثهم الأمريكي من تساؤلات ملغومة و"اتهامات"، وهنا يبرز إلى السطح -كما صدر عن مصادر أمريكية- الملف الذي ظل يؤرق الولايات المتحدة طويلاً، وهو ملف علاقة الدول الخليجية بهجمات 11 سبتمبر 2001.. وتداولت الأروقة الدبلوماسية الأمريكية ووسائل الإعلام هذه المسألة بقوة في الآونة الأخيرة؛ وذلك بعد أن ظنّ الكثيرون بأنها طويت وتم تجاوزها منذ فترة طويلة لصالح توطيد العلاقات بين الولايات المتحدة، والدول الخليجية.

أما ثاني هذه الموضوعات فهو مرتبط بالموضوع الأول، وهو اعتزام أوباما توجيه سؤال لقادة دول الخليج عن الإجراءات التي اتخذتها بلدانهم لوقف تمويل الجماعات الإرهابية وتشجيع بعض الشباب للانخراط للقتال مع هذه الجماعات. وهنا يُشار إلى أن الرئيس الأمريكي كان وجه اتهامًا علنيًا خلال اجتماع مع الرئيس الإيطالي لدول خليجية بأنها تقف وراء تأجيج أعمال العنف في ليبيا، وبديهي أن توقيت إطلاق هذه التصريحات قبل أقلّ من أيام على القمة، يثير القلق ويستدعي الإجابة عنه من جانب هذه الدول.

الملف الأمني العربي

ويأتي ضمن الأجندة المرتقية كذلك: ما يُمكن تسميته عملية فك الارتباط الأمني بين أمريكا والمنطقة العربية، بالشكل الذي ترسخ في العقود الأخيرة، وتحديدا منذ "مبدأ كارتر" 1980، والذي نصّ على أن أمريكا "سوف تعتبر أي محاولة من أي قوة خارجية للسيطرة على منطقة الخليج اعتداء على المصالح الحيوية للولايات المتحدة الأمريكية، وسيتم صد مثل هذا الاعتداء بأي وسيلة ضرورية، بما في ذلك القوة العسكرية". استدعى هذا التغيير انتفاء الظروف بزوال التهديد السوفييتي، أو عدم مواءمة مثل هذا النمط مع أمريكا التي باتت تسعى إلى التخفف من الالتزامات المكلفة.

وبدل ذلك، التشجيع على نظام أمني عربي، يكون على تنسيق وتعاون مع أمريكا، يقوم بالوظائف الضرورية، ويساهم في صناعة حالة من الاستقرار وتوازن القوى، تسمح لأمريكا بمرونة أكثر في علاقاتها الإقليمية، ولا تضطر للاصطفاف مع طرف ضد آخر، كما لا تضطر إلى حل المشكلات الأمنية في المنطقة بشكل مباشر، وكان أوباما صريحاً، في هذا المجال، عندما قال، إن على العرب حل مشكلة سورية ومواجهة نظام الأسد، وأردف، بعد أيام، أن في وسع العرب المساهمة في حل الأزمة في ليبيا، وهو أمر يتعدى الطلب إلى إعطاء شرعية للتحرك ضمن الإقليم. ولتعزيز هذا التوجه، أيدت الإدارة الأمريكية «عاصفة الحزم» على أكثر من مستوى.

الأمر الذي يطرح تساؤلا: هل العرب أمام فرصة، أم أنهم في مواجهة مخاطر انكشاف أمني عميق، جراء هذه التغيرات في البيئة الأمنية العالمية؟ يتوقف الأمر، بدرجة كبيرة، على شكل استجابة العرب للتحديات المطروحة عليهم في هذه المرحلة، ولا شك أن الأمر يستلزم منهم صياغة رؤية واضحة لدورهم ومستقبل إقليمهم، ليس فقط لطرحه أمام أوباما في اللقاء المقبل، وإنما صيغة عمل مستقبلية، طالما انتظرتها الشعوب العربية.

القلقالحقيقي

الأسباب والدواعي لوجود قلق خليجي مشروعة ومنطقية، لكن في المقابل ليس الملف النووي الإيراني أهمها، ولا يجب أن يكون كذلك؛ فالسلاح النووي لم يصنع ليستخدم، كما أنه لن يكون صعباً إنشاء ميزان ردع نووي إقليمي اتجاه إيران، في حال امتلكت سلاحاً نووياً، مثل القائم بين الهند وباكستان.. فنووي إيران يُقلق دولة الاحتلال فقط التي تريد أن تحافظ على احتكارها له، أما العرب فأكثر ما يثير قلقهم تجاه إيران هو سياساتها الإقليمية، والتي تعدُّ بحق سلاح دمارها الشامل الأكثر فعالية.

فإذا كان ولا بد من تطمينات تقدمها واشنطن لدول الخليج العربية؛ فالأحرى أن تكون هذه التطمينات حول حقيقة النيات والمواقف الأمريكية من هذه السلوكيات الإيرانية؛ لأن سياسات أوباما هي التي فاقمت القلق الخليجي بل والعربي من سياسات إيران، والتي انصب تركيزها في الأعوام الماضية على استحصال تعهد منها بعدم تصنيع سلاح نووي؛ إرضاءً لإسرائيل، مقابل التغاضي عن سياساتها في المشرق العربي.

وبالمثل، كان تأثير سياسات الارتباك والمخاتلة التي اتبعتها إدارة أوباما في سوريا، منذ بداية الأزمة، أشد تدميراً؛ فالنظام السوري لم يكن يعنيه من بين كل المواقف الدولية تجاه ممارساته نحو الثورة إلا الموقف الأمريكي، وكانت كل حساباته قائمة على اختبار ردود أفعال واشنطن إزاء العنف الذي تدرج في استخدامه حتى بلغ السلاح الكيماوي. وعلى امتداد السنوات الأربع الماضية، كانت إدارة أوباما تستخدم سورية قطعة حلوى، تغري بها إيران تارة، لتقديم تنازلات في ملفها النووي، وتستخدمها أداة ضغط تارة أخرى، عندما لا تسير الأمور كما تشتهي.

وفي اليمن، انحصر اهتمام إدارة أوباما بمحاربة تنظيم القاعدة، ولم يكن التمدد الحوثي، ليعنيها في شيء، طالما أنه لم يكن يعيق خدمة هذا الهدف، لا بل قد يساعد عليه. لذلك، ظلت تنكر وجود أدلة على دعم أو نفوذ إيراني على الحوثي، حتى بعد هروب الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى عدن، وملاحقة الحوثيين له، على الرغم من أن لجنة العقوبات في الأمم المتحدة ظلت تقول إن إيران ترسل سلاحاً للحوثي منذ عام 2009. وفي جميع هذه القضايا، بدا وكأن إدارة الرئيس أوباما غير مكترثة، أو أنها تتصرف كالنعام، أو أنها متناغمة فعلاً مع السياسات الإيرانية في محصلتها النهائية، وإن اختلفت معها في التفاصيل. فإيران تتبع منهج تفكيك المجتمعات العربية ونخر دولها من الداخل، وإنشاء مليشيات من أجل إخضاعها والسيطرة عليها، في حين تسعى إدارة الرئيس أوباما إلى إنشاء ميزان قوى سني- شيعي، تحتوي به الطرفين، وتضرب به بعض قوى المنطقة ببعض، بحيث يكفيها هذا الصراع مؤونة العودة إلى سياسات التورط العسكري المباشر، لمنع هيمنة أي من الطرفين، ولو أدى ذلك إلى تمزيق المنطقة، ودفعها نحو الفوضى والانهيار.

هذه "السياسات الأوبامية" هي بالضبط ما يحتاج القادة الخليجيون إلى مناقشته بوضوح وصراحة، في اجتماع كامب ديفيد، كما أنهم معنيون، بالقدر نفسه، بطلب تغيير هذه السياسات، وتبني مقاربات تؤدي إلى إعادة الاستقرار إلى المنطقة، والتوقف عن اتباع سياسة عدم إزعاج إيران، للحصول على تنازلات منها في النووي، إرضاء لإسرائيل وعلى حساب العرب.

ومن المهم أيضاً أن يؤكد القادة الخليجيون لأوباما أنهم ما عادوا في وارد مراعاة المواقف الأمريكية من أزمات المنطقة، بعد كل ما جرّته علينا من ويلات، وأنهم سوف يتصرفون، من الآن، وفق ما تمليه عليه مصالحهم ومصالح شعوبهم، لا وفق ما يسرّ خاطر واشنطن التي عليها أن تتأقلم مع واقع عربي جديد.

وإجمالا، فإن قمة كامب ديفيد المرتقبة، ستعطي فرصة لتوضيح المواقف بين الجانبين ووضع إستراتيجية تحدد مسار العلاقات والالتزامات المستقبلية.. وستكون القمة كذلك فرصة للخليجيين لأن يقودوا زمام المبادرة ويحددوا رؤيتهم المستقبلية؛ فموقف الخليجيين بعد عاصفة الحزم أصبح أكثر مصداقية واحتراماً في عواصم العالم. لذلك تأتي كامب ديفيد في توقيت مهم ربما تعطي الفرصة لتحدد معايير قوية، تضع الأسس الواضحة لبنية سياسية وأمنية مستقرة، تنقل المنطقة من حالة الصراعات والحروب إلى مستقبل التنمية وخدمة الشعوب.

تقارب خليجي - فرنسي

وتحت عنوان "لماذا العلاقات بين فرنسا وقادة الخليجي تسير جيدا؟"، تساءلت صحيفة "فان مينوت" الفرنسية، عن الدور الذي تنوي باريس أن تلعبه في بعض المواقف السياسية في منطقة الشرق الأوسط، خاصة فيما يتعلق بأزمة الملف النووي الإيراني والنظام السوري.. وأشارت الصحيفة إلى أنَّ فرنسا تجني ثمار سياستها الخارجية الصلبة في الشرق الأوسط وكذلك ثمار تداعيات التردد الأمريكي.

وأوضح الباحث برونو ترتراي أستاذ الأبحاث في مؤسسة "من أجل الأبحاث الإستراتيجية الفرنسية"، في تقرير الصحيفة: أن "فرنسا مستفيدة من تلاق خاص، بين سياسات التسويف التي اتبعتها إدارة أوباما في سوريا.. ومن جانب آخر، موقف فرنسا، ودورها في التدخل في ليبيا في 2011 وإصرارها على معاقبة نظام بشار الأسد، يزيد من ثقة هذه قيادات الخليج".

أما فيليب مورو ديفراج الباحث في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، فيرى أن القيادات الخليجة تتحول نحو حليف آخر"، قبل أن يضيف: "منذ حرب الخليج، أصبحت فرنسا بديلا للولايات المتحدة خاصة في مجال التسليح"، مشيرا إلى أن إستراتيجية الرئيس الحالي فرانسوا هولاند تسير في هذه النقطة.

وتوضح الصحيفة كذلك أنه من الصعب أن تحل فرنسا مكان الولايات المتحدة في المنطقة؛ ففرنسا ليست لديها الوسائل العسكرية والاقتصادية والسياسية، لكن يمكن لفرنسا أن توفر "توازن القوى" لقيادة الخليج.

تعليق عبر الفيس بوك