سياحة لكل الفصول

ايمان بنت الصافي الحريبي

أصبحت فلسفة الترويج والتسويق السياحي للسلطنة بهدف التميز عن الوجهات السياحية الأخرى مرهونة بمدى الإيغال في الخصوصية التي تتمتع بها السلطنة وتنفرد بها عن الكثير من البلدان، الأمر الذي يدعونا إلى الابتكار والتميز واستغلال كل المفردات التي تحيط بنا لعكس الهوية العمانية للعالم ككل. وهي واحدة من العناصر المهمة التي يجب أن نراعيها. فواقع السياحة في السلطنة يبشر بمستقبل واعد إذا ما تم توظيف المقومات السياحية بصورة مثلى وكذلك الاستفادة من موسمية الفصول في محافظات ولايات السلطنة التي تتميز بأجواء جميلة تبحث عن مرافق ومشاريع وخدمات تقدم لمن يزور تلك المواقع وتجعلهم يقضون هناك أوقاتا جميلة.

وبحكم تعدد الوجهات السياحية على مستوى العالم والسلطنة التي أصبحت من جملة هذا الوجهات، أصبح لزامًا علينا أن نبحث عن التمايز والخصوصية التي تزخر بها بلادنا الحبيبة عن غيرها من الوجهات السياحية الأخرى، لتكون هذه الخصوصية التي تتميز بها بلادنا طريقا لتحقيق صناعة سياحة رائدة على مستوى العالم.

إذن فتركيزنا واهتمامنا وبحثنا سيكون عن كل ماهو مميز سواء الإنسان أو المكان في ملامحنا العمانية، تراثنا، أزيائنا ومقتنياتنا هي بالتأكيد لوحات مبهرة متميزة بحاجة إلى مزيد من الإشهار والتسويق بجانب وجود خطة أو استراتيجية واضحة لهذا القطاع الواعد . وحيث انتهيت فالجملة السابقة فإن التخطيط للسياحة يجب أن ينعكس على الواقع ونرى على إثر هذا الخطط والبرامج والاستراتيجيات تنوعا سياحيا للزائر مثل تفعيل سياحة المؤتمرات والسياحية البيئية والسياحية البحرية وسياحة المغامرات وزيادة عدد المتاحف وسياحة التراث التي يمكن أن تستغل المواقع التراثية ذات العبق الخالد فلا يزال التراث في تلك المواقع شامخًا ولكن ابتعدت عن بعضها يد العناية من مالكيها وأصحابها فأصبحت تنتظر مصيرها في الانهيار والتساقط مع مرور الزمن وأمثلتها كثيرة وأذكر منها على سبيل المثال ما أراه من آثار ومعالم سياحية تراثية منفردة في ولاية مرباط بشموخها وهيبة منزل بيت سيدوف وغيرها من المعالم الأثرية الجميلة هناك تنتظر من يلتفت إليها ليجعلها تنطق بما في مكنونها من تاريخ وحضارة وألق وروح عمانية تراثية أصيلة تعبر عن قصص خالدة في نفوس أبنائها ويمكن أن تتبنى شركة تراث المنبثقة عن شركة عمران مثل هذه الأفكار لتعزيز أنماط السياحة في السلطنة بجانب غيرها من الخيارات والأنماط السياحية التي تشد السائح وتجعله يخرج بتجربة فريدة من السلطنة لا تستهدف فقط السياح من الخارج بل تحرص هذه الخطط على تشجيع السياحة الداخلية بين الولايات والمحافظات وتحقق السياحة آمالنا المرجوة منها.

إنّ المناخ الذي تتمتع به السلطنة على مدار العام يجب أن يدفع بنا إلى إيجاد سياحة موسمية ونوفر لذلك كل ما يلزم لنجاحها فالمقومات موجودة وخريف ظفار مثال لذلك، ولكن الخريف يعاني الكثير من نقص الخدمات في موسم يكتظ بالسياح وتئن فيها ظفار وصلالة تحديدًا من اختناقات مرورية لا نعلم متى ستنتهي، والتزاحم على الموقع الرئيسي للفعاليات وعدم تفعيل وترويج الفعاليات في ولايات أخرى أحسب أنّها على أهبة الاستعداد لأن تحتضن أي منشط أو فعاليات للمهرجان؛ فكما كانت قرية سمهرم مظلة لمهرجان صلالة السياحي نجحت ولاية طاقة في تنظيم مهرجان أقل ما يمكن وصفه بأنه نتاج روح العمل الجماعي لأبناء الولاية ولا تقل ولاية مرباط عن ذات المقدرة لتنظيم أي منشط يخدم هذا الموسم السياحي ولا ثمريت ولا رخيوت ولا ضلكوت ولا غيرها من ولايات المحافظة، فلماذا نزدحم كلنا في صلالة، وظفار كلها قادرة على أن تحتوي هذا الموسم السياحي إذا ما وجهت إليها عين الاهتمام والرعاية والتخطيط واستنهاض همة الأهالي والأبناء في تلكم الولايات لتعيش ظفار عرسًا سياحيًا يستفاد منه اقتصاديا واجتماعيًا ونبدأ من خلال هذه التجربة نقل موسميّة مثل هذه الفعاليات في المحافظات الأخرى فمسندم شمالا تحكي جمالا طبيعيا ينطق بالروعة، إذن ما الذي نحتاجه حتى نتجه لتنشيط السياحة على مدار العام.

في منتدى الرؤية الاقتصادي تمّ تخصيص مساحة كافية لمناقشة واقع القطاع السياحي والآمال المعقودة على هذا القطاع وكانت النقاشات والأطروحات في منتهى الشفافية تنبع من حرص واضح على أن يحظى هذا القطاع بالأفضل وما استوقفني رد ممثل وزارة السياحة بأنّ كل ما في هذا القطاع من تحديات يعتبر في الجانب الآخر وفرصة لمن يريد أن يقبل المساهمة في هذا القطاع وأن يكون في منظومته مساهمًا بمشروع أو فكرة تثري السياح وتحقق أهداف التنويع الاقتصادي، ويبقى بعد ذلك أن يكون هناك خطة استراتيجية للسياحة والحق أننا نلمس خطوات جادة من قبل وزارة السياحة لأن لا يكون الاستثمار إلا للجادين مما يسهم في دعم المشاريع التي نراها أمامنا ماثلة بشكل واقع ترفد اقتصادنا وتشكل تجربة رائدة تعكس الخصوصية العمانية التي يبحث عن مثلها الكثير من محبي التميز والجمال والأصالة على مستوى العالم. فضلا عن مثل هذه المشاريع والخطوات الجادة لمنح الاستثمارات السياحية ستولد فرصًا متعددة مجال للتوظيف والتشغيل والتدريب وهي أيضًا بيئة خصبة لنمو المشاريع الصغيرة والمتوسطة للكثير من أبناء السلطنة الذين يؤمل منهم التعريف بهوية السلطنة من خلال التفاعل مع هذه المشاريع.

تعليق عبر الفيس بوك