صندوق الرفد توجه سام.. لرؤية مستقبلية واعدة

آمال بنت محمد الهرماسية

لطالما كان مستقبل الشاب العُماني هو الهاجس الأول والشغل الشاغل في كل الخطط قريبة وبعيدة المدى التي بلورت توجه مولانا صاحب الجلالة-حفظه الله ورعاه-، ذاك الفكر وتلك الرؤية الصائبة التي تميزت بقدرتها على استشراف المستقبل ووضع الخطط البديلة من أجل نماء اقتصادي وازدهار وطني يتخطى تحديات الأزمات المحلية والإقليمية والعالمية ويُسهم في ضمان عيش كريم يكفل عزة المواطن العُماني واعتزازه، واستقلاليته وتأمين مستوى طيب من العيش الذي يحقق له احترامًا لذاته ومكانة بين المحيطين به من دول الجوار، ومن ضمن كل تلك الخطط جاء صندوق الرفد ليتجاوز كل توقع، وقبل التطرق إلى واقع الصندوق سنجول بقدر العمق المستطاع فيما رمى إليه فكر وتوجه مولانا صاحب الجلالة -أبقاه الله- من خلال هذا الصندوق.

تحديات كثيرة على الأبواب سبقت أزمة النفط التي أعاقت من حولنا حركات اقتصادية كانت في الزمن القريب ذات مؤشرات وأسهم في ارتفاع مطرد، وقتها كان الجميع ينعم برغد العيش ولم يكن في الأجواء ما ينبئ بذاك السقوط المفاجئ، الذي هزّ اقتصاد العالم من حولنا واستقرار الأوضاع.. وأثار حفيظة المواطنين وهدد أمنهم.. جاء القرار السامي بإنشاء صندوق الرفد كحل جذري لمشكلة الباحثين عن عمل التي كانت في تفاقم، والحد من احتكار بعض الشركات الكبرى للسوق المحلية، مما يتوقع على إثره تنشيط حركة السوق وتنويع المنافسة في العرض ودعم الإنتاجية من أجل البقاء والاستمرار.

استهدف الصندوق فئات هي في مجتمعات أخرى تعد هوامش، أو ثقلا، أو عبئا وطنيا واقتصاديا، فحولها إلى أصحاب مبادرات ومشاريع وأعمدة يرتكز عليها اقتصاد البلد، وهذا في حد ذاته يعتبر إنجازا حضاريا بعيدا عن أي مكاسب اقتصادية أخرى..

في زيارة غير مسبق التحضير لها إلى مقر صندوق الرفد، صادفت وفودًا أجنبية جاءت تستفسر عن آلية هذا الصندوق وكنهه وسبل عمله، الإعجاب والانبهار والكثير من علامات الاستفهام علت تلك الوجوه التي ولا شك ستحاول جاهدة النسج على منواله بطريقة أو بأخرى، فتلك فكرة سابقة لعهدها، فيها حلول جذرية لمشكلات تكاد تكون عالمية الطابع.

شبيهة بحركة الخلية المتكاملة المتقنة التنسيق كانت الحركة في تلك المؤسسة الرائدة، شباب يتقدون حماسًا، كلهم قناعة بما لعملهم من قيمة وطنية وأهداف وطنية، وإسهام جاد في تغيير عقلية اقتصادية لم تعد تناسب الحراك الدولي والإقليمي، بعد ما شهده من تطورات وتغيرات وربما أزمات وتداعيات طالت شتى الفئات والمجالات اقتصادية كانت أو سياسية أو اجتماعية، بمنتهى الفخر، يعددون إنجازاتهم، والتي والحق يقال هي مدعاة للفخر والاطمئنان، يقود هذه الخلية بكل مرونة وسلاسة شاب تشبع بمبادئ القائد الأب يؤمن جادًا بأنّ الوطن حب وانتماء يتجسد في عطاء لا متناهٍ. يحفظ كل الإحصائيات عن ظهر قلب.. ويعتبر كل مواطن يطرق باب صندوق الرفد مسؤولية وأمانة يوليها كامل اهتمامه وتعاطفه ولا يدخر جهداً في الأخذ بها إلى بر الأمان. مبدأه في ذلك، التسهيل من أجل سرعة الإنجاز والتحري من أجل جودة الأداء.. نهجه توخي سياسة الأبواب المفتوحة قدوته القائد والأب وشغف كبير بسمو أهدافه وثبات مبادئه وعمق نظرته لواقع الأمور..

فأن يتم تمويل ما يناهز المائتين وألفًا من المشاريع الشبابية بقيمة تعادل الـ٣٤ مليون ريال عماني، في غضون عام من بعد تأسيس الصندوق، لهو رقم يعانق الخيال، جعله حزم هؤلاء الشباب، وولاؤهم، وإيمانهم بما لهذا الصندوق من تجسيد لتوجه سام للقائد والأب من أجل مصلحة العُماني وعزته وازدهاره، واقعًا ملموسًا مبهرًا، لهو منبع للفخر والاعتزاز.

والمتأمل في توجه رفد هذا الصندوق لمشاريع الشباب، يتسنى له جليا التركيز على النوعية والجودة بصرف النظر عن الكم والعدد فكان التركيز الأكبر منصبًا على المشاريع ذات القيمة المضافة كنظم المعلومات والمشاريع اللوجستية والسياحية والصناعية، مما أكسب السوق حراكا وتنافسا من حيث الجودة ونوعية الخدمة والفئات المستفيدة، فيضع صاحب المؤسسة نصب عينيه المصلحة العامة ومدى فاعلية مشروعه قبل التفكير في المصلحة الخاصة وكمية الربح على حساب الجودة وأنانية القرار وعبثية استغلال أموال هي من حق الوطن والمواطن الصالح الغيور.

عندما نتحدث عن مشروع وطني كمثل صندوق الرفد، والذي وجهت به العناية السامية كحل جذري لأزمات طالت مختلف المستويات، نتوقع تعاطفا وتعاونا لا متناهيا من قبل المؤسسات الحكومية والخاصة، من أجل إنجاح هذا البرنامج واستمراريته واتساعه في مرحلة لاحقة، بيد أنّ الواقع للمقترب والملاحظ والمقيِّم يعكس أحيانا غير ذاك الوضع، فبمقابل سلاسة الإجراءات داخل الصندوق، يصطدم المواطن بتعقيدات في إنهاء معاملاته الخارجية سقوطاً في الروتين الإداري والتأخير والتأجيل الذي اتسمت به بعض المؤسسات الخدمية المرتبطة بإنجاز المشروع، وهنا يتوارى لنا حلان إما تخصيص مكتب في مثل هذه الوزارات يتعامل فقط مع صندوق الرفد بهدف تسهيل المعاملات والتسريع فيها حيث إنّ أصحاب هذه المشاريع يعدون حالات خاصة ذوات احتياج من الدرجة الأولى لسرعة الإنجاز، وإما أن يتوفر داخل الصندوق جهة تمثل مختلف تلك الوزارات الخدمية تملك الصلاحية التامة في أولوية إنهاء الإجراء، إذ شئنا أم أبينا فكرة صندوق الرفد لا تكتمل إلا بالاستقلالية التامة من حيث القرار والأجراء والآلية والتنفيذ، فلا مناص من أن يكون وحدة مستقلة بذاتها في مختلف تخصصاتها، بما في ذلك التمويل المالي، فالارتباط ببنك التنمية كمشرف على محفظة الصندوق ومسؤول أول عن إجراءات الصرف يعتبر بحد ذاته أمرًا لا منطقياً، إذ إنّ الصندوق أثبت جدارته وفاعليته ككيان مسؤول واعٍ ومحققٍ للأهداف الإستراتيجية التي من أجلها تم إنشاؤه.

وطبيعة عمل الصندوق وتسميته في حد ذاتها لا تقبل أي تبعية أو ارتباط بمؤسسة أخرى لها حيثياتها وتداعياتها فإنّ شئنا بلورة أسمى الأهداف فيما يخص هذه الفكرة وهذا المشروع الرائد وجب على أصحاب القرار التفكير في ضمان استقلاليته الإدارية والمالية حتى يحقق ما من أجله أُقرّ وأُسّس،

حلول جذرية.. قرارات سريعة .. ووعي وطني توجب اليوم لإعادة النظر في ماهية صندوق الرفد.. من أجل أهداف هي الوطنية وهي النماء وهي الازدهار.. من أجل ضمان الاستمرارية وجودة الأداء.. إذ إن سنة وبضع أشهر كفيلة بتقييم مشروع أثبت استحقاقه وجدارته لمساحة أكبر ووجود وحضور أوسع مستقل بذاته.

amel-hermessi@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك