لنفهم حقهم

خلفان العاصمي

سأكتب هذا المقال على غرار مقال كتبته العام الماضي تحت عنوان (لنتعلم لغتهم) وكان الحديث عن أهمية تعلم لغة الإشارة.

وبذات المناسبة التي سأكتب عنها اليوم، حيث وجهت لي دعوة خلال الأسبوع الماضي لإدارة ندوة عنوانها (افهم حقي) نظمها نادي الصم بمحافظة البريمي، وهو من مؤسسات المجتمع المدني الناشطة في مجال دعم ورعاية الأشخاص ذوي الإعاقة السمعية، حيث جاءت الندوة تزامنا مع احتفال العالم العربي في الأسبوع الأخير من شهر ابريل من كل عام بأسبوع الأصم، وسط مجموعة من الأنشطة والفعاليات والبرامج التي تتبناها الهيئات والمؤسسات والجمعيات ذات العلاقة بتقديم خدمات لذوي الإعاقة السمعية أيا كان نوع هذه الخدمة تعليمية أو تدريبية أو توعوية، حيث يعد الأسبوع تظاهرة إعلامية شاملة للتعريف بالصمم والوقاية منه، وكذلك التعريف بالأصم وقدراته ووسائل تعليمه وتأهيله، وقنوات تواصله اللغوي والنطقي والإشاري مع أقرانه، وأفراد مجتمعه، بالإضافة إلى توجيه وسائل الإعلام المختلفة لتسليط الضوء على حقوقه الأساسية الصحية والتربوية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية والتأهيلية، ويهدف أيضا إلى تمكين الأشخاص الصم وضعاف السمع وجمعياتهم من القيام بدور فاعل وإيجابي في عملية التنمية الاجتماعية والاقتصادية الشاملة والمستدامة.

جاء اعتماد الاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم شعار "تعزيز حقوق الأشخاص الصم في المجتمع من خلال متابعة تطبيق اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة" ليكون محوراً أساسيا لأسبوع الأصم لهذا العام 2015م، لتنطلق كافة الفعاليات والبرامج من هذا الشعار، وذلك نظرا لأهمية هذه الاتفاقية الدولية في تحقيق أقصى درجة ممكنة من التأهيل والدمج والاحتواء، حيث تمثل الاتفاقية صكا لحقوق الإنسان ذا بعد واضح للتنمية الاجتماعية، وتؤكد الاتفاقية من جديد على ضرورة تمتع جميع الأشخاص ذوي الإعاقة بجميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية على قدم المساواة مع الآخرين، وتحدد المجالات التي ينبغي تأمينها لكي يمارس الأشخاص ذوو الإعاقة حقوقهم بالفعل، والمجالات التي يجب تعزيز الحقوق فيها، من أجل تمكينهم، وتعزيز دورهم المجتمعي. ولقد حرصت هذه الاتفاقية على تعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، بمن فيهم الأشخاص الصم، من خلال التأكيد على أن لكل فرد، دون تمييز من أي نوع الحق في التمتع بجميع الحقوق والحريات المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وفي العهدين الدوليين الخاصين بحقوق الإنسان، كذلك أبدت اتفاقية الأمم المتحدة اهتماما خاصا بالأشخاص الصم ولغاتهم الإشارية - لغة الإشارة تختلف ما بين لغة منطوقة واخرى وليس كما يعتقد البعض بأن لغة الإشارة واحدة في كل العالم-، جاء هذا الاهتمام من خلال المادة الثانية الخاصة بالتعاريف، والمادة التاسعة الخاصة بإتاحة الوصول، والمادة الحادية والعشرين حول حرية الرأي والتعبير، والمادة الرابعة والعشرون الخاصة بالتعليم، والمادة الثلاثون حول المشاركة في الحياة الثقافية والترفيه، وقد أكدت على الاعتراف بلغة الإشارة، واستخدامها، واحترام ثقافة الأشخاص الصم وخصوصيتهم، والحق في الحصول على الترجمة الإشارية، واستخدام ثنائية اللغة في تعليمهم.

وبرغم أنّ الدول العربية قد وقعت على هذه الاتفاقيةِ، ورغم هذه الاستجابات الجيدة إلا أنّ القوانين الوطنية والتشريعات الخاصة بالإعاقة في بعض الدول لا تزال تعود إلى سنوات ما قبل الاتفاقية، كما أنّ معظمها لا يعكس واقع المرأة المعوقة ولاسيما الصماء، والحاجة الماسة إلى تعزيزِ حقوقِها، وتأمين حاجاتها الأساسية المختلفة، ومعالجة العوامل الاجتماعية والثقافية، وضعف الوعيِ المجتمعيِ، كل ذلك يدعونا إلى تحديث تشريعاتنا الوطنية، والاستفادة من الاتفاقية الدولية على الشكلِ الأمثل، وإطلاقِ العمل المشترك الحكومي والأهلي ومؤسسات الأشخاص ذوي الإعاقة وبينها منظمات الأشخاص الصم في مجالات رصد تنفيذها الأمثل، من أجل تعزيز حقوقهم وحمايتهم وحفظ كرامتهم.

وعلى الصعيد المحلي فقد صدقت السلطنة على الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في عام 2008م بموجب المرسوم السلطاني رقم 121/2008 والذي أعلنت من خلاله على التزامها بتنفيذ شروط الاتفاقية، تحقيقا لهدفها في حماية الأشخاص ذوي الإعاقة، وكان قبل ذلك صدور النظام الأساسي للدولة الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 101/96 والذي قضى في مادته السابعة عشر في (الحقوق والواجبات) على أنّ المواطنين جميعهم سواسية أمام القانون وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة، وكذلك فإنّ المادة الثانية عشر في (المبادئ الاجتماعية) من ذات النظام إشارت إلى بعض من مقتضيات المساواة في بعض المجالات وكذلك المساواة في الوظائف العامة في الدولة حيث نصّ النظام على أنّ الوظائف العامة خدمة وطنية تناط بالقائمين عليها ويستهدف موظفو الدولة في أداء وظائفهم المصلحة العامة وخدمة المجتمع، والمواطنون متساوون في تولي الوظائف العامة وفقا للشروط التي يقرها القانون، وتوج هذا الاهتمام بإنشاء مديرية عامة لشؤون الأشخاص ذوي الإعاقة تتبع لوزارة التنمية الاجتماعيّة.

تعليق عبر الفيس بوك