الدوري " ارحموا عزيز قوم ذل"

أحمد السلماني

سيناريو عجيب وغريب ذلك الذي حكى لنا قصة الدوري هذا الموسم كالنهضة والسويق ومن توج بلقبه يومًا ومعهما نادي السيب الكروي هذا الموسم، فحال هذه الفرق تحديداً تستوجب الوقوف معها ودراستها بدقة للخروج منها بعبر تستفيد منها الفرق الأخرى، وقبل أن أعرج على نادي السيب وقصته على سبيل المثال فإنّ لدوري المحترفين هذا الموسم قصة أخرى، فبعد أن أبهرت أندية الباطنة الجميع بتواجد أكبر عدد من أنديتها بين فرق الدوري وبمقدار النصف إلا أنها هذا الموسم صارت كغثاء السيل فتراجعت وباتت فرقها تتمركز في وسط الترتيب أو القاع في حين تصدّر نادي النهضة مفارقات الدوري، فحامل لقب النسخة الأولى بدوري المحترفين يكابد هذا الموسم مرارة التواجد بين فرق المؤخرة وبات شبح الهبوط يهدده وبشكل مباشر وسط ذهول المراقبين والمتابعين ومحبيه.

وبين هذا وذاك عادت أندية الشرقية والجنوبية لتتصدر المشهد الكروي بالدوري مذكرة الجماهير العمانية بالزمن الجميل لها يوم أن كانت المنافسة على الدوري وحتى الكأس حكرًا على أندية العاصمة والشرقية وظفار إلى أن ظهرت أندية أخرى من مناطق أخرى في الألفية الجديدة ولكن هذا الموسم عادت البوصلة مجددا باتجاه أندية العروبة وصور والنصر وظفار لتعزف ألحانًا من المتعة والتنافس الشديد.

وهنا مكمن الرد على من انتقد الدوري ومستواه، ولهؤلاء ومع كل التقدير والاحترام فإنّ نقدهم وإن كان نابعًا من غيرة شديدة نظرا للمستويات المبهرة لدوريات المنطقة ولكن المقارنة ظالمة في هذه الحالة، ففاقد الشيء لا يعطيه وما يتواجد لدى الدوريات الأخرى بمنطقتنا الخليجية والإقليمية من بنية تحتية رياضية على طراز جيد وآلة إعلامية هائلة وما يقابل ذلك من ضخ كبير للمال الذي هو عصب الرياضة عن طريق الدعاية والإعلان وهو ما نفتقده في دورينا، كما وأن للحكومة أولويات أخرى غير الكرة ومع ذلك فما يضخ من دعم من الوزارة الموقرة واتحاد الكرة ليس يسيرا وبالتالي فإن الدوري بوضعه الحالي طبيعي جدًا أن يكون بهذا الضعف والهزال ومع ذلك فإنّ الدوري العماني وعلى عكس بقية دوريات المنطقة في كل موسم يخرج لنا ببطل جديد والأجمل من كل ذلك أن الإثارة دائماً ما تكون حاضرة كما وأن المباراة الفاصلة حضرت في السنوات الأخيرة أكثر من مرة .

واليوم دخل دوري المحترفين مرحلة " شد الحزام" ودخلنا لعنق الزجاجة وصار كل هدف وكل نقطة تقاس بماء الذهب فبطولة الدوري يتنافس عليها 5 أندية أما صراع القاع فهذا قصة أخرى بطلها من توج يومًا بطلا للدوري وآخر حصد الثلاثية قبل موسمين.

ويأتي نادي السيب ليروي لنا هذا الموسم قصة غريبة وطريفة، فالإمبراطور اليوم يعيش في دوامة الهبوط ويتذيل ترتيب الدوري وأقال قبل أيام مساعد المدرب وقد اعتدنا على أن يقال المدرب ولكن أهل مكة أدرى بشعابها وبالتالي فإن إدارة نادي السيب بنت قرارها على معطيات قرأتها واستوعبتها وفسرتها بطريقتها وهم أدرى بمصلحتهم وما نرمي إليه أن تصرف مثل هذا ينم عن أن وضع غير متزن يعيشه معسكر السيب وبالتالي وصل إلى مرحلة الخطر هذه وبات أكثر فرق الدوري تهديدًا بالهبوط .

ومع ذلك فإنّ الفريق تمكن من الوصول إلى المربع الذهبي لكأس جلالة السلطان المعظم بل وذهب لأبعد من ذلك بأن فاز ذهابا على صور القوي بهدف وإن كان على ملعبه وبالتالي وضع قدمًا مترددة وغير ثابتة بنهائي الكأس الغالية قد تقلع من مكانها إذا ما علمنا بأن السيب سيحل ضيفاً ثقيلاً نسبيًا على صور بالمنطقة الشرقية وما أدراك ما هي جماهير الشرقية وعشقها الاستثنائي وحبها السرمدي لأنديتها خاصة صور والعروبة حيث إنّ واحدة من المفارقات العجيبة أن إستاد السيب الرياضي صبغت مدرجاته باللون الأزرق وهي جماهير صور في حين كان الحضور الجماهيري خجولاً للجماهير السيباوية وبالتالي ومع الآلة الإعلامية المنسقة في ناديي صور والعروبة فمن المتوقع أن يشهد المجمع الشبابي بصور زحفا جماهيريا هائلا لمؤازرة صور أمام السيب والعروبة أمام النصر في إياب مربع الكأس الغالية وهنا أتوجه لجماهير السيب بالسؤال إن كان هذا هو ما يعنيه الانتماء للنادي؟! الحقيقة أن النادي في هذه المرحلة هو في أمس الحاجة للدعم والمؤازرة الجماهيرية وبأمانة فإن الفئات السنية في نادي السيب تحديدا هي سر عنفوانه ومن زجت به بين الأربعة الكبار في الكأس والبطولة الخليجية.

والفريق يواصل عروضه القوية في البطولة الخليجية بعد أن وضع قدميه بين الأربعة الكبار وأزاح الجهراء الكويتي بدور الثمانية بهدفين نظيفين في الكويت وبالتالي تأمل الجماهير العمانية أن يثأر السيب لها ويعود بكأس الخليج بعد أن خطفت ضربات الترجيح البطولة من صحم في نسختها الماضية وفوزه على الجهراء يعني قدرة الفريق على خطف الفوز حتى على ملعب الخصم وبالتالي فليس مستبعدا أن يعود السيب من المنطقة الشرقية وهو أحد أطراف النهائي بالكأس.

والحقيقة أن الفريق صار لغزا للجماهير فهو يعاني في الدوري ولكنه متألق في الكأس الغالية والبطولة الخليجية وغير ذلك فإنّ دوري السلطنة هو الآخر صار أحد ألغاز الكرة العمانية فمن توج بألقابه يوما كالسويق الذي انتفض في الأمتار الأخيرة والنهضة بجبروته قبل مواسم صار اليوم يستجدي الفوز والنقاط ويصارع من أجل البقاء"فارحموا عزيز قوم ذل"وما يحدث له هذا الموسم مؤلم جدا ولكنه حقيقة وواقع مر قد يستفيد منه أبناء البريمي أو يتركونه هكذا بلا عبرة وقادم أيام الدوري ستحمل لنا قصص ومشاهد لم نتخيلها يوما فلنترقب ونشاهد "ويا خبر اليوم بفلوس باكر ببلاش" .

تعليق عبر الفيس بوك