صباح الفراولة

مدرين المكتوميَّة

أضافتْ شبكات التواصل الاجتماعي بعدًا إيجابيًّا إلى حياتنا اليومية؛ ألا وهو استخدام الكثير من التعابير الإيجابيَّة التي تُنعش نهارنا تحت ضغط العمل وحرارة الشمس.. فما إنْ أفتح كلَّ صباح هاتفي على "الواتساب" أو "الفيسبوك" أو حتى "الإنستجرام"، حتى تنتشي نفسي بما أتلقاه من رسائل إيجابية: "صباح الورد، صباح الفل، صباح الشاكرين"...وغيرها من أدعية رائعة تُضيف الكثيرَ من البهجة على صباحتنا لبداية يوم جميل. وقد يكون صَوْت أحدهم القادم كلَّ يوم في ساعات مُبكرة عَبْر سمَّاعة الهاتف قد غيَّر مزاج يومك بأكمله، وصَنَع لك سعادة تتنقلُ معك في كل مكان وساعة، دون أن يُدرك الآخر أن وراء هذه السعادة مجرد رسالة صوتية أو كتابية، تصلنا عبر أصغر مقتنياتنا؛ ألا وهو هاتفنا المحمول، ولكنها سبب من أسباب سعادتنا.

فمِنْ المهم أنْ تنتقلُ العديد من هذه التعابير إلى حياتنا اليومية ولغتنا الشفهية؛ فنحن في أشد الحاجة إلى التعبير عن عواطفنا تجاه من نُحب من زملاء وآباء وأزواج وأمهات؛ الأمر الذي يُضفي الدفء على علاقاتنا في زحمة يوم طويل شاق.. فما أجمل أن يقول الزوج لزوجته: "يا حبيبتي، صباحك ابتسامة"، والطفل: "يا أمي، كم أنا أحبك"، والزميل لزملائه: "يا أعزائي، نهاري بكم دوما جميل".. كلمات وعباراتنا نسطِّرها في كلِّ صباحات حياتنا لتصبح مع الوقت عادة تخرجنا من إطار ارتباط كلمات الحب والاحترام والجمال بعلاقة الرجل بالمرأة، وإنما يجب أن تكون جزءًا من تعاملاتنا اليومية حتى يشعر مَنْ حولنا بطاقة السعادة التي تستوطن كياناتنا؛ فأكبر الطاقات التي يُمكن أن تنتقل من فرد لآخر هي "الكلمة"؛ فإنْ أيقنَّا وضعها في مكانها المناسب، سندرك حينها أنَّنا صنعنا لمن حولنا سعادة تُعادل سعادة 100 شخص من البشر في العالم، وهي لا تحتاج لعصا سحرية أو مصباح علاء الدين، بل تحتاج فقط إلى التحرُّر من قيود ألسنتنا الضيقة، وليتسع تفكيرنا وإدراكنا لما هو أكبر، وهي كلمة "أحبك، حبيبي، حبيبتي، أحبتي"؛ فهي الأقرب للقلب، والأسرع للعقل؛ لإيصال رسائل الاحترام؛ فالحب الحقيقي أن نحب أنفسنا لنُحب الآخرين، حينها فقط سننشر رحيقَ الكلمات الجميلة والحب في كل حياتنا، ويدمنها الناس من حولنا.

دَعُوْني أُخبركم شيئًا واحدًا فقط: سعادتي الحقيقية برسائلكم الجميلة التي تصلني بشكل يومي لتوقظ في داخلي مساحة الأمل والنشاط؛ فمنذ أنْ أستقلَّ سيارتي، وما إنْ أفتح صَوْت المذياع إلا وتنسابُ على مسامعي أغاني الصباح الجميلة والكلمات الرقراقة. وهي الحال أيضا في مصر حين أستقلُّ سيارة أجرة بالقاهرة، ويصل لأذني صَوْت أم كلثوم "يا صباح الخير ياللي معانا... والكروان غنى وصحانا"؛ وذلك يتكرَّر أيضا في صباحات بلاد الشام، لنبدأ صباحاتنا على فنجان من القهوة التركية بتركيبة شامية ممتزجة بصَوْت فيروز وهي تقول: "ندهلي حبيبي جيت بلا سؤال... من نومي سرقني من راحة البال.. أنا على دربو ودربو عالجمال يا شمس المحبة حكايتنا اغزلي... أنا لحبيبي وحبيبي إلي.. يا عصفورة بيضا لا بقى تسألي.. لا يعتب حدا ولا يزعل حدا... أنا لحبيبي وحبيبي إلي". ففي كلِّ بقاع العالم للصباح طَعْم ومذاق آخر ولكن يبقى الحب عاملا مشتركا بين كل الصباحات.. فالجميع يُغنُّون بالحب الصباحي، ولكن صباحي أنا يهديكم دائما مذاقَ الحب بطعم الفراولة التي أحبها، وأقدمها لكل من أحبهم.

تعليق عبر الفيس بوك