اختراعات محكوم عليها بالإعدام

خالد بن علي الخوالدي

Khalid1330@hotmail.com

لدينا في السلطنة ولله الحمد عقول شبابية مبتكرة ولها القدرة على مواصلة الابتكارات والاختراعات، ومنذ سنوات والجميع يتابع الجهود المبدعة لهؤلاء الشباب، ومنذ سنوات أيضًا ينتظر الجميع أن يصادف أو يسمع بأنّ مؤسسة حكومية أو خاصة تبنت أحد أصحاب هذه الاختراعات والابتكارات وقامت بإنشاء مصنع أو منشأة تتوفر بها كل الإمكانيات التي تجعله يطور ابتكاره واختراعه.

وطالعتنا الصحف بداية هذا الأسبوع بأخبار عن أربعة اختراعات وابتكارات جديدة ومتميزة لشبابنا المبدعين وحصل بعضها على براءة الاختراع منها اختراع أداة توسيع مساحات الطاولات الدراسية وابتكار سيارة تعمل بالصوت وابتكار طلاب عمانيين كرسياً غواصاً لذوي الإعاقة وتصميم برنامج حاسوبي ينمي القدرة على التخيل البصري وبالتأكيد أن هناك العشرات بل المئات من الابتكارات والاختراعات السنوية التي لا نعرف عنها شيئاً يقدمها شباب عمان في كل المجالات.

وفي صباح اليوم التالي لهذه الأخبار كنت انتظر وبلهفة وشوق وحماس الصحف العمانية حتى أرى عنوانا عريضا أو مانشيت لمؤسسة صغيرة أو متوسطة أو كبيرة خاصة أو حكومية أو هامور من الهوامير أصحاب الملايين يتبنون أحد هذه الاختراعات والابتكارات ويأخذون بيد مبدعيها بإقامة مصنع أو منشأة أو حتى محل صغير يمارس فيه المخترع أو المبتكر عمله ويعمل على جعل منتجه منتجا تجاريا ينافس في الأسواق كحال المنتجات الأخرى ولكن وللأسف الشديد خاب ظني وتحطمت آمالي كما تتحطم آمال الكثير من المبدعين.

وما يسود في السلطنة هو أقامة المعارض الخاصة بالمبتكرين والمخترعين بين الفينة والأخرى، ولكن لسان حال المخترعين والمبتكرين يقول لسنا بحاجة فقط إلى معارض نعرض فيها اختراعاتنا وابتكاراتنا ويأتي الإعلام ويغطي المعرض ويحصل كل مخترع ومبتكر على كلمة ثناء من هذا أو ذاك وإنما نحتاج إلى من يأخذ بأيدينا ويدعمنا بإنشاء مصانع وورش يمكن من خلالها أن نسوق منتجاتنا محليًا ودوليًا.

وإذا ما استمرت الأمور على ما هي عليه الآن فإن هذه الابتكارات والاختراعات ستظل دراسات نظرية يحتفظ بها صاحبها ومع الأيام سيكون محلها النسيان والإهمال وكأن شيئاً لم يكن ويمكن أن نحكم عليها بالإعدام وبالتالي تضيع الجهود وتشتت ولا نصل إلى نتيجة يستفيد منها أحد في السلطنة وهناك احتمال أن يتم تلقف هؤلاء المخترعين والمبتكرين من دول أخرى ثم نبدأ التغني بأن صاحب هذا الاختراع عُماني من الولاية الفلانية ونفتخر في قنوات التواصل الاجتماعي بينما الاستفادة تكون لغيرنا، علما بأنّ هناك إغراءات خارجية يجدها هؤلاء المخترعين والمبتكرين تجعل بعضهم يتجه نحوها لتحقيق حلمه في أن يرى اختراعه واقعاً بعد أن كان مجرد فكرة، وهنا يجب أن نرى دور جميع المؤسسات في الدولة وحتى الأفراد في دعم هؤلاء النخبة من المجتمع لا أن نقف متفرجين حتى تنطفئ شمعتهم.

نعم الجميع لابد أن تكون له بصمة في هذا الأمر من مؤسسات حكومية وخاصة وأهلية وجميع مؤسسات المجتمع المدني بصورة عامة ويمكن أن نخصص بعض المؤسسات بعينها والتي عليها الدور الأكبر في دعم هؤلاء الشباب ومنها صندوق الرفد والذي يحمل على عاتقه مسؤولية الأخذ بيد الشباب ودعمهم حيث إن الصندوق تم إنشاؤه بتوجيه سامٍ من لدن مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم-حفظه الله ورعاه- الداعم الأول للشباب كما أن الهيئة العامة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة يمكن أن تدعم هذه الابتكارات على شكل مشاريع منتجة ولا ننسى دور مجلس البحث العلمي إلى جانب دور الجامعات والكليات الحكومية منها والخاصة وغيرها من المؤسسات الأخرى التي يمكن أن تكون مفتاحاً وطريقاً لتحقيق أحلام شباب عمان المبتكرين والمخترعين.

وفي الختام يمكن القول إن التاريخ يزخر بعدة نجاحات لمخترعين ومبتكرين أصبحوا أغنياء ورجال أعمال كباراً، أمثال «توماس أديسون» الذي نجح في إنشاء شركة تحولت فيما بعد إلى «جنرال إليكتريك» واحدة من أكبر الشركات العالمية العملاقة، و«ستيف جوبس» الذي أصبح مثالاً عالمياً بارزاً وأسس شركته «آبل» العالمية الرائدة وغيرهم الكثير، ولا ينقص شباب عمان همة وعزيمة عن هؤلاء إذا ما أتيحت لهم الفرصة ووجدوا الدعم اللازم من الجميع، ودمتم ودامت عمان بخير.

تعليق عبر الفيس بوك