جولات الحسم.. وحسابات اللقب الإسباني

حسين الغافري

تمرُّ الليجا الإسبانية بفترة تطور غير مسبوق خلال السنوات القليلة الماضية، توجت ذلك التألق -كما شهد العالم أجمع في حضور الأندية الإسبانية- أدوارًا مُتقدمة في البطولات الأوروبية الكبرى. الأمر موازٍ لتألق المُنتخب الإسباني وحصده "اليورو" مرتين، وكأس العالم في جنوب إفريقيا بجيل ذهبي أحدث طفرة في كرة القدم الحديثة، نظير أسلوب أدائه المُتسم بالكرات القصيرة والاستحواذ، أو كما يطلق عليه "التيكي تاكا". وكلنا نعلم أنَّ الأمر ليس صدفة عابرة وُلدت في ليلة وضُحاها أو أوجدتها ظُروف معينة، وإنما الأمر أبلغ من ذلك إذا ما قارنا قوة الكرة الإسبانية في السنوات العشر الماضية وتفوقها الكبير عن باقي دوريات أوروبا، هذا من جهة. ومن جهة أخرى، إذا ما تحدثنا عن الألقاب والتتويج -سواء في دوري أبطال أوروبا، أو الدوري الأوروبي- وأكثر ما يُبرز تفوق أندية إسبانيا بطبيعة الحال هما ريال مدريد وبرشلونة؛ فتنافسهما الحميم لم يعد يقتصر على الدوري المحلي، وإنما تخطاه إلى سعي مستمر لاقتناص زعامة القارة؛ الأمر الذي يمكن تفسيره من خلال التواجد في أدوار متقدمة مؤخراً وتحقيق اللقب في بعضاً منها. واليوم كالأمس، التنبؤ ببطل الدوري الإسباني يبدو أنه سيكون وفياً حتى آخر لحظات الموسم، والحسم سيكون مشتعلاً وقد ينتهي بتفاصيل حساسة خلال أحد اللقاءات المتبقية؛ حيث لم يعد هناك مجال للتفريط في فرصة لهدف قد يغير الشكل القادم للترتيب. فالصراع أصبح فيه الخطأ ممنوعًا، وخسارة نقطة (هنا) وكسب لنقاط (هُناك) سيجعل اللقب يرحل من (الأول) إلى (الثاني) في حسابات معقدة!

وفعلياً.. وخلال سنوات قليلة ماضية، أصبح صراع لقب الليجا الإسبانية لافتا ومثيراً للاهتمام، ويتسم بنوع من الإثارة التي تُجبرك على أن تراقب كُل المباريات المقبلة بنوع من الشغف. هذا الأمر وإن أصبح مشوقاً لتنافس الغريمين في هذا الوقت من الموسم في وقت يبدو أن بقية الدوريات الكبرى في ألمانيا وإيطاليا وإنجلترا أظهرت ملامح البطل لديها بشكل كبير إن لم يكن مؤكدًا. أما الليجا فلا تزال تخفي الأسرار الحقيقية للبطل حتى اللحظات الأخيرة من الدوري، خصوصاً بعد فوز برشلونة الصعب عصر السبت على منافس شرس كـ"الخفافيش" أحرجه بشكل كبير في أطوار المباراة، خصوصاً شوطه الأول، ولاحت لمهاجميه أكثر من فرصة للخروج بالتعادل على أقل تقدير، وهو ما لم يحدث؛ ليُواصل برشلونة تمسكه بفارق نقطتين على كرسي الصدارة. الخصم المباشر ريال مدريد أيضاً لا يزال يمارس الضغط الكبير على برشلونة، ومن فارق خمس نقاط سابقاً إلى نقطتين حالياً.

... المتابع لقادم المباريات بين برشلونة وريال مدريد، يُدرك أن اللقب لا يزال متاحًا للجميع. ريال مدريد سيخوض لقاءات صعبة أمام فالنسيا وأشبيلية الطامحين بصراعهما على مقعد رابع مُؤهل للقاءات تمهيدية في دوري أبطال أوروبا. وعلى سابق هذه اللقاءات فإنَّ محطة سيلتافيغو من الجولة المقبلة تبدو صعبة وتحتاج إلى تركيز ذهني كبير، خصوصاً وأن سلتافيغو كان قد انتصر على برشلونة على أرضه هذا الموسم. ريال مدريد يحتاج لكي يكسب اللقب أن يستمر في انتصاراته وحصده للنقاط الكاملة وانتظار هفوات المتصدر حتى يضمن التتويج باللقب.

برشلونة هو الآخر لا يزال يظهر بقوة ميدانية حتى الآن انتصاراته في دوري الأبطال تكشف عن حجم حضوره في البطولة الأوروبية بعد تجاوز مستحق للمان سيتي ذهاباً وإياباً، ومن ثم العودة من فرنسا بتفوق كبير.. في انتظار لقاء الإياب. برشلونة يعيش لحظات حاسمة وفي نفس الوقت مصيرية؛ فحلم الثلاثية التاريخية يلوح في الأفق ولو حاول بعض نجوم الفريق أن يخففوا حدة التفاؤل فيه. فالدوري بالنسبة له كذلك يمر بمراحل عصيبة خصوصاً لقاءات إسبانيول الأسبوع المقبل، ولقاء أتلتيكو مدريد في الأسبوع قبل الأخير، وهما خارج أسوار الكامب نو.

ومن وجهة نظري، أرى أنَّ الأسبوع المقبل قد يرسم بعض ملامح اللقب؛ ففوز برشلونة وسقوط الريال يضع اليد الطولى للفريق الكتلوني في التتويج. وسقوط برشلونة وفوز الريال يُقرب النادي الملكي خطوات صريحة من اللقب.. أو قد يستمر الفارق إلى ما هو عليه أسابيع مقبلة تزيد التشويق إثارة، وتضيف إثارة فوق الإثارة الحاصلة الآن.. لننتظر ونرى.

تعليق عبر الفيس بوك