منتخبنا .. والأرنب والسلحفاة

أحمد السلماني

من قصص الشعوب، تلك التي لطالما حكى عنها الكبار لوعظ أبنائهم من مغبة الاستهانة بالخصوم، قصة "الأرنب والسلحفاة"، وإنني لعلى يقين أن القارئ يدرك ما أرمي إليه بعد أن عرف عنوان القصة، حيث جاء الأرنب مختالا يضرب وعدًا للسباق مع السلحفاة التي أدركت سلفا أنّ ميزان القوى وحسب النظريات وقوانين الطبيعة ليس في صالحها البتة، ولكن عندما فرضت عليها المواجهة وكان لا بد منها، لم تستسلم للأمر بل أعلنت التحدي واستخدمت واستثمرت قدرات أخرى لديها بأن قسمت السباق إلى مراحل وفي كل مرحلة كانت هناك أخت لها شبيهة بها تنجز تلك المرحلة، وركن الأرنب إلى سرعته وغط في نوم عميق لتفوز السلحفاة .

وقبل أيام سحبت قرعة تصفيات قارة آسيا لكرة القدم لتبدأ شارة السباق نحو نهائيات الأمم الآسيوية بالتصفيات في 11 يونيو حيث أوقعت القرعة منتخبنا الوطني الأول ضمن المجموعة الرابعة بجانب إيران القوية والهند وتركمانستان وجزيرة جوام، وإلى هنا فإنّ الأمور تسير وفق قواميس طبيعة كرة القدم ولكن الذي ليس معقولا أو طبيعيا أن نحتفل بالتأهل ولم تنطلق بعد صافرة التصفيات في تفاؤل محمود ولكنه مفرط عطفا على التاريخ الذي يصب في مصلحة منتخبنا الأحمر والجارة إيران أحد أقوى منتخبات القارة بل هو اليوم يقع أعلى سلم التصنيف الدولي للمنتخبات الآسيوية وهذا لا نخشاه أبدا كون المنتخب الإيراني معروف على مستوى العالم ونعرفه نحن العمانيون بشكل خاص وسبق لمنتخبنا أن لقّن الإيرانيين دروسا في كرة القدم إبّان الجيل الذهبي لكرة القدم العمانية الذي رحل وخلف من بعده خلف أضاع كل شيء.

ومما يؤسف له أنّ الإعلام الرياضي هو من يقود حملة التفاؤل المفرط هذه دون وعي ومعه زمرة المحللين الذين في غالبيتهم لربما لمس كرة القدم أو تعاطاها في حارته أو على البحر يوما واليوم هو يزاحم فنيين ومتخصصين ونجوما دوليين سابقين لم يجدوا من يدعوهم لكي يعطوا تحليلا واقعيا ومنطقيا ومن واقع خبرة ميدانية والذين تزخر بهم كينونتنا الكروية، فهذا منبر استدعى احدهم ليعطي للمتلقي الكريم تحليلا عن فرص منتخبنا في التأهل للدور الثاني عن المجموعة فبادر بالقول" إن فرص المنتخب كبيرة حيث سيتواجد بين المنتخبات ال 16 في النهائيات الآسيوية"!! مذهل جدا، زميلنا ومع كل التقدير والاحترام لم يعرف بعد أن عدد المنتخبات التي ستتأهل للعب في أبوطبي 2019 قد تمت زيادتها إلى 24 منتخبا بعد أن تدارك المذيع الموقف وصحح المعلومة ، وطبعا هو وكغيره احتفل بالتأهل سلفُا.

نظريًا وعلى الورق فمنتخبنا أفضل من الهند وتركمانستان وجوام ولكن عمليا فنحن نحتاج إلى أن نرى برنامج إعداد خاص للأحمر يأخذ في الإعتبار قدرات هذه المنتخبات ومدى تطورها حيث إنهم لن يقفوا مكتوفي الأيدي بل سيعملون كما نعمل من أجل الظهور بعد أن اتسعت دائرة الفرص.

المنتخب الهندي وفي آخر تصنيف قفز للمركز 146 مكتسبًا 26 نقطة مرة واحدة حيث إنّه يسير وفق منحى تصاعدي فضلا عن التطور المذهل الذي يشهده الدوري الهندي بعد أن باشر في دوري محترف استقطب ويستقطب نجوما كبارا ومعروفين ويبدو أن آسيا ستشهد ميلاد منتخب عملاق آخر يسير شبيه بسيناريو تطور كرة اليابان وهنا منطلق الحذر لدينا وبصراحة فإن مفاصل مؤسسات الاتحاد الآسيوي تدار من قبل الهنود وهؤلاء وظفوا كل ما يقع تحت أيديهم في خدمة الكرة في بلادهم وهذا واحد من الأمور التي تستوجب التعاطي معها بشيء من الحذر، فكرة القدم اليوم ليست نتيجة لمباراة بل إن أمورا وعوامل أخرى متى ما توفرت فإنّ النتائج الإيجابية ستكون حاضرة بلاشك وهذه تترك لمؤسسة الاتحاد لدينا في العمل إداريا بموازاة العمل الفني.

أمّا المنتخب التركماني فهذا قصة أخرى يكتبها نادي آهل التركماني الذي أطاح بأندية كبيرة في كأس الإتحاد الآسيوي ونادي فنجا أحد ضحاياه والفريق يشق طريقه ببراعة في البطولة وبالتالي لا ينبغي بتاتا الاستهانة بالمنتخب التركماني .

لنهدأ ياقوم ولنترك لذوي الاختصاص التحليل الدقيق والمنطقي، إنها كرة القدم التي لم تعترف يوما بالتاريخ أو الكبير والصغير ولم يكن لها يوما في قاموس المنطق مكان، إنّها المستديرة والساحرة والمجنونة ولقد دون تاريخها وعلى مدى أكثر من قرن من الزمان أن فرحة شعوب اغتيلت في ثانية واحدة، احتفل البرازيليون بنهائي مونديال 1952 في ملعب الماركانا، ولكن الأرجواي اغتالت الفرحة وقلبت الطاولة على السامبا وخطفت اللقب العالمي، وتركت للبرازيل حسرتها وأمثلة أخرى كثيرة، وهنا رسالة واضحة للجهاز الفني للمنتخب بأن يوظف كل شيء لضمان التأهل وألا نركن للتاريخ فكل شيء يتحرك وإن توقفنا نحن فسنتراجع ويبدو أنّ هذا الشبح يلوح في الأفق فماذا نحن فاعلون؟.. لنترقب.

تعليق عبر الفيس بوك