أحتاج عدوًا ..!

ابتهاج المسكرية

حينما فرغت من جلسة توقيع كتاب "عربون محبة" والمحبة كل ما تحيط بي تغزوني وتفتتح ممالكي بلا هوادة وإنذار، كانت أضلعي تسبح في بحيرة دم نفثه فيّ أولئك المحبون، أثقلت بها حتى بات القلم بوزن أثقال أسمنتيه عصي عن الحمل برغم أنف عضلات الرغبة الجامحة في الكتابة، ومثل كنغر وددت دس رأسي في جيبي وكبومة لم تعتد على الأضواء قررت العزلة، اعتكفت في صومعتي أعصر كروم الفكر والسؤال الملح يضرب في العصب، ماذا حلّ بي؟ وأظنني أدركت نبيذ الإجابة المفيق، وفي إدراكه سعادة محشوة بقطن الشجن، إنني احتاج عدوًا !! عدوًا واحدًا وتنتهي كل المعضلة.. عدوا ويغدو القلم ريشة، ولكن من أين لي به؟ ومن ذا الذي يدركني به؟ لو لم أجده أو يأتي بنفسه لي، قد تصل بي الحاجة حد كتابة إعلان في الجريدة أطالب به بدوام جزئي أو كلي إن تطلبت الحالة فالمحبة مرعبة.

ذات نجاح، لم يكن سلمان العودة معنيًا بشكر أصدقائه حين نشر كتابه بعنوان "شكرا أيّها الأعداء" وحده العدو تضنيه مسألة الإنسانية.. يتكبّد مشقة جعلك متزنًا حينما ينفخك الأصدقاء بغاز القداسة.

ربما أوشو - المتصوف الهندي- يتفق معي أو يتجاوزني في الحاحه ورغبته بالأعداء حين اعتبرهم وسيلة لإدراك غاية السلام، يقول أوشو كل ما في الأمر حتى تتوقف الحروب نقوم بنشر إعلان بأنّ سكان المريخ أصبحوا على مقربة منّا، سيغزوننا عمّا قريب، فورا سنحب بعضنا ونتحد ونصلح أنبوب الدم المعطل في أوطاننا توفيرُا لحرب أكبر، ما قاله أوشو منطقيا جدا وأظن أنه يشبه المثل "أنا واخوي على ابن عمي وأنا وابن عمي على الغريب" أو "أن المصاب يجمع المصابينا" ذلك أن اتحادي ولحمتي بأخي فضلها لأبن عمي، وإبقاء جسورنا مفتوحة مع أبناء عمومتنا سببها العدو المسكين المنهك من انقسامنا، كل ما في الأمر أنه نذر نفسه لوحدتنا .

"ويل لكم أيّها الأمريكيون لقد خسرتكم عدّوكم" كانت جملة من مقال في مجلة تايم بعد أن قضت أمريكا على عدوها اللدود أسامة بن لادن، ذلك أنّها تحيا بمحاربة أعدائها تمتد وتعظم كلما كثروا وتكاثروا وبعاطفتنا ننجب أبناءنا لنثأر منها لنقزم من حجمها.. الحل بسيط وأقرب من الأنوف لذلك لا نراه، يا قوم أحبوا أمريكا أحبوها وستموت".

اللهم احفظني من أصدقائي واحفظ لي أعدائي "تعال أيّها العدو وأنا أعدك بألا أجعل شيئا يبطل ضباب عداوتنا، لن أسمح بأن يعبّد طريق محبتنا أبدُا، تعال وإلا أتيتك بنفسي.

تعليق عبر الفيس بوك