لم ولن يُسجل التاريخ من عُمان عدوان

حمد بن سالم العلوي

بالطبع لم يُسجل التاريخ عُدواناً من عُمان، فكيف اليوم والحكمة القابوسية تأخذ بناصية عُمان المحبة والسلام!! إننا نفخر ونفاخر أمام العالم، بنهج قيادتنا الحكيمة القائمة على المودة والتسامح. لا بقيادة العدوان، فتأبى النفوس العُمانية إلا بنشر الخير والوفاق بين الأنام، فإن كنّا نفاخر بالأمجاد عبر التاريخ الطويل، لأننا نصرة للحق لا نصرة للعدوان، وسل عنّا (أيّها السائل) شرقاً وغرباً وجنوباً وشمالا، بل سل أهل الصين في أقصى الشرق، أو أمريكا في أقصى الغرب، كم من سفن عُمانية أرست بالخير على شواطئهم، يوم كان العالم تموج بحاره بقراصنة الشر الطغيان، فحينها كانت أشرعة عُمان تنثر السِّلم والمحبة في ربوع الكون، فلم نعتد على أحد يوماً، بل كنا نجدة نطوي الأرض والبحار طيّاً لإغاثة الملهوف أينما كان، وسل التاريخ من حرر الخليج والبصرة وسقطرة وجوادر، وشرق إفريقيا وجزر القمر، من غشم الاحتلال، سيأتيك الجواب حتمًا أنّهم أهل عُمان، وغيابنا عن عواصف العرب العشوائية خير جواب لكم وبرهان.

إذن نقول لجاهل التاريخ أننا لسنا جبناء، وفي نفس الوقت ليس من شيمنا الغدر بالأخوة والجيران، وليس منَّا غدَّار ولا كرار بغي بالأهوال، بل نحن أهل نخوة يوم يدعُونا داعي الحق، وقد أثبتنا ذلك يوم تحرير الكويت من غزوة العدوان، هل تنكرون أنّ الجيش العُماني لم يكن صاحب أول بيرق يدخل عاصمة الكويت؟ ومن يُريد تجربتنا مرة أخرى، فيُعلن غداً تحرير فلسطين المحتل المعتدي، وسترون منِّا صولة في الحق والبرهان، إذن خفُّوا وطأكم وهذركم بالقول الجبان، حتى لا تثقلوا على أنفسكم يوم الحشر ثُقل الميزان، يرعاكم الله كفُّوا التدخل في شؤون غيركم، واتركوا لخالقكم محاسبة الناس على عبادة الرحمن، فلستم أنتم من يقرُّ هذا على الحق أو ذاك على الباطل، وأنتم أنفسكم لا تعلمون لمن القبول والرضوان، وقد زعمتم بهتاناً وغلواً، إذ زعمتم أنّكم أصحاب الفوز بالجنان، فبالله عليكم ماذا أبقيتم لخالقكم يوم الحساب، إن حكمتم اليوم أنّكم واتباعكم على الحق، وما عداكم فهو كافر في النار، لا .. لا ليس هذا بعدل، إنّ الله توعَّد الجبابرة والمتكبرين، وقال لن يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كِبْر، فما بالكم وقد قتلتم الناس لأمر في السياسة، وأكثر أطفال ونساء ليس له بالسياسة شأن.

إنّ عُمان كانت وما زالت تمثل الحكمة، والحنكة في السياسة ولطف معاملة الجار بالجار، وهذا ليس بتزكية أنفسنا عليكم، وإنّما واقع ساطع كسطوع شمس الضحى بلا غمام، ويشهدُ لنا البعيدُ قبل القريب، أننا لسنا دعاة حروب ودسائس وفتن وقتال، وأننا نمنع أنفسنا عن التّدخل في شؤون الآخرين، وفي نفس الوقت ندعو الآخرين بل ونحذِّرهم من التّدخل في شؤوننا، لأننا لا نعتدي، وبنفس القوة نرفض العدوان، وهذا سلوك ونهج عبر التاريخ لنا، ونحن في عُمان لا نطالب العباد إلا بالجملتين حتى يكونوا لنا إخواناً يهدي للسلام، وأمّا ما بعد الأخوة، فنكتفي بصداقته في المعيشة وحسن الجوار، وقد حمل الجنسية العُمانية أناس وفدوا علينا، ولم نلزمهم بديننا كشرط للجنسية، فما بالكم أنتم تجبرون حتى المسلمين بتغيير مذهبهم، لكي تحلُّ لهم الجنسية بمِنة وبلا حقوق لهم تصان، فيظل سيف العذل متربص بهم، فإن زلّ طفلهم بقول انقلب الأمر جحيم لا يطاق.

إذن نحن في عُمان تجمعُنا الوطنية.. وليست المذهبية، ويجمعُنا احترام الحقوق والحريات، ولا نُكره الناس على محبة بعضهم بعضا بالقسوة تارة وبالمال تارة أخرى، ولا نحدد لهم العلاقة بينهم وبين خالقهم، فذلك شأنهم وهم وحدهم من يتخذ القرار، ومساجد الله أبوابها مشرعة ليل نهار، ذلك لمن أحبَّ الطاعة لله ورغب في رضاه، والعمانيون يعقلون ما عليهم من وجبات، وكذلك مالهم من حقوق، والخصومة يَبُتّ فيها القضاء العدل، ولا يفرض العدالة لدينا أمير ولا وزير، ودون مِنة من أحد على أحد، الناس سواسية أمام القانون.

ونحن قوم تجمعنا المحبة والسلام، وتفرقنا الحروب بالطغيان والعدوان، ونحترم الجيرة التي تفرضها علينا جغرافية الأرض والسكن، وليس لدينا سياسة خاصة نفرضها على الآخرين أو الجيران، إلا المودة في لله أو في العشرة والتعايش مع الناس بالحسنى، وهذا مكمن الاختلاف بيننا والآخرين على الدوام، فنحن لا نُكره الناس على شيء لا يحبونه، ولا نسعى لقهرهم بأمر من الأمور، بل نزعم صادقين أنّ الناس سواسية جميعًا، ولهم الحق في الاحترام والعيش الكريم، وحق الملكية في المال والسكن، وتملك الأرض والعقار، وممارسة السياسة والتجارة وإبداء الشورى بالرأي والبيع والشراء، وذلك دون تمييز، أو تفرقة بسبب الدين أو المذهب أو العرق أو اللون، ونحن نعلم أنّ هناك مواطنين في بلدان عربية، لا يملكون حتى صك ملكيّة المنزل الذي يسكنونه، ولا أي شيء من العقارات، وكأنّهم بذلك هم وما يملكون، ملك الدولة وسيِّدها طبعاً معروف.

تعليق عبر الفيس بوك