شباب عمان.. ماض زاخر ومستقبل زاهر

إيمان بنت الصافي الحريبي

لاتبنى الأمم إلا بسواعد أبنائها، وارتبطت همّة أبناء الوطن وعزائمهم عبر الأزمان برقي أممهم وارتقائها في مدارج التقدم. لذلك نقول يقينا إن الثروة الحقيقية لأية أمة تتمثل في مواردها البشرية القادرة على دفع عجلة التطور إلى الأمام في جميع مجالات الحياة وبما يحقق آمالها ويوقد جذوة الطموح المتجددة فيها وصولا إلى ما تنشده من عزة وكرامة ومجد وسؤدد ولا يتم ذلك إلا عن طريق رفد العلم وتعزيز الخبرة وزيادة جرعات التدريب والتأهيل.

لقد كانت الدعوة الكريمة من لدن مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله و رعاه - منذ بزوغ فجر النهضة العمانية المباركة إلى النهوض بهذه الموارد وتوفير كل أسباب الرعاية لها وتذليل كل الصعوبات التي قد تعترض طريقها حتى تتمكن من الإسهام بفاعلية وإيجابية في تطوير المجتمع وبناء قدراته العلمية والعملية ومهاراته الفنية وخبراته التقنية - ولا شك - أن إنجاز أية خطوة على هذا الدرب الطويل سوف تتيح مزيدا من فرص العمل وبالذات في القطاع الخاص الذي يرتجى منه أن يأخذ زمام المبادرة في هذا المضمار وأن يعمل بجد وبروح وطنية عالية لاستيعاب المزيد من العمالة العمانية في مؤسساته وشركاته الصغيرة منها والكبيرة كل في المجال الذي يصلح له لكل طالب عمل مهما كانت إمكانياته وقدراته فالعمل ضروب وأصناف متنوّعة منها ما يحتاج إلى مؤهلات ومهارات خاصة ومنها لا يحتاج إلى ذلك وتكفى في شأنه خبرة صغيرة أو تدريب قصير ليأخذ زمام العمل. وتظل بعد ذلك مسألة التدريب والتأهيل من أهم ما يمكن تقديمه لأي عامل وهي عملية مستمرة لا تقف عند حد معين والخطوات المتسارعة في شتى المجالات تتطلب أن يكون التدريب والتأهيل مواكبًا مع كل ذلك حتى نزرع الثقة لدى الموظفين والعاملين في شتى القطاعات فتزيد الإنتاجية وسنلمس حينها استقرارًا وظيفيًا مطلوبًا عندما يحظى كل عامل وموظف على القدر الملائم من التدريب الوظيفي بشكل متواصل ومناسب وملائم لمتطلبات ومهام العمل وفي هذا لا تألو المؤسسات سواء كانت حكومية أو خاصة في توفير الدورات والبرامج وما يلزم من أجل تحقيق الغايات المنشودة.

فكيف نضمن النجاح وتحقيق الأهداف والوصول إلى الغايات؟ يقول العلماء بالضد تُعرف الأشياء" أو "بضدها تُعرف الأشياء" فتعرف حسنة الضد بالضد فمثلا لكي نصف الخير نعرف أنّه مقابل للشر، ولنصف البرد نعلم أنه يقابله القيظ وأنّ الجهل يقابله العلم والمعرفة وأنّه لتحقيق النجاح قد نمر بمراحل من الفشل وهكذا فإنّه إذا أردنا ضمان نجاح التأهيل والتدريب فعلينا الاستمرار في تطوير برامجنا الطموحة، وأن نبحث عن الضد إذا لم يتحقق نجاح برنامج ما في التأهيل او التدريب، وأن نبحث عن الأسباب والقواسم المشتركة لأي ضعف في تحقيق الأهداف، وغالبا وبعد تحليل عميق ربما نجد أن عدم التقدم في ما ذكر أو حدوث اختلال في مجال ما وخاصة في ما يرتبط بمكون العامل البشري يكون لأحد الأسباب التي سأسرد لكم بعضا منها في هذا المقال سواء كانت مجتمعة أو فرادى.

فحتى نتمكن من تحقيق المزيد من النتائج الإيجابية التي قد تواجه مثل هذه الغايات النبيلة وتحد من ملامسة تحقيق الأهداف المرجوة أن تكون برامج التدريب ضمن خطة تلائم وتطابق الأهداف وتراعي التطورات وتلائم المهام الحالية والمستقبلية بجانب أنّ التأكيد على مسألة التقييم للبرامج التدريبية بما يضع تصورًا واضحا حول مدى فاعلية برنامج ما وملاءمته لمستوى وحاجات المتدربين وكذلك التعرف على مستوى المدربين الذين يقدمون تلك البرامج، ويقيس في ذات الوقت درجة انضباط المدرب والمتدربين على حد سواء. ولعلّ من أبرز أسباب عدم نجاح بعض البرامج الإفراط في الثقة في خبرة المتدرب والظن بأنّ انخراطه في برامج التدريب لن يفيده وهذا ما لايجب أن يذهب إليه أي موظف أو عامل بل علينا جميعا ألا نفرط في أي فرصة تدريبية مهما كانت فهي ذخيرة سندخرها لصالح العمل والوطن وسنفعلها عاجلا أو آجلا لتعزيز الإنتاجية المهنية في شتى الميادين. وعملا بمبدأ "وبضدها تعرف الأشياء" وإضافة إلى ما تقدم فإن الاعتماد على الأرقام دون الأخذ بعين الاعتبار المحصلة الواقعية وفعالية الأداء على المحط والميدان قد لا يعطي مؤشرات حقيقة عن مدى فاعلية التدريب لذلك نؤكد في هذا الجانب مجددًا أهميّة التقييم الذي يحلل النتائج ويربطها بالواقع الذي يخدم غايات التدريب والتأهيل. وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ تطوير البيئة الحاضنة للعاملين وإحاطتهم بأجواء التنافسية في إطار من الموضوعية والتجرد مع معايير واضحة للتعزيز والترقيات والتحفيز الوظيفي المطلوب سيؤتي ثماره أكلا طيبة ونافعة مستدامة تخدم الوطن وتسهم في تعزيز مسيرة التنمية الشاملة تحت ظل القيادة الحكيمة لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس - أبقاه الله -.

من جانب آخر على المتدربين والعاملين في كل المجالات أن يتحلوا بالكثير من الجد والاجتهاد والصبر والجلد وعدم الترفع التأفف من العمل مهما كان في وظيفة ما أو الالتحاق ببرنامج تدريبي ما، وأن نكون عند حسن الظن دائمًا كأجدادنا وأسلافنا أصحاب العزائم الماضية والهمم العالية، فجلالته - أعزه الله - يقول "نحن واثقون بأنّ أبناء وبنات عمان يتمتعون بقسط كبير من تلك الصفات السامية، يشهد بهذا ماضيهم، وحاضرهم، ونحن لا ريب لدينا بأنهم قادرون على بناء مستقبل سعيد بإذن الله"، لذلك فلا عجب أن يحتل التدريب والتأهيل أهمية قصوى تضمن تحقيق الغايات الوطنيّة والرؤى السامية.



تعليق عبر الفيس بوك