ترقب خليجي لمبادرات أوباما بالمنطقة بعد اتفاق النووي الإيراني.. وشكوك في نوايا واشنطن من قمة كامب ديفيد

عواصم - رويترز

أثار الاتفاق النووي المؤقَّت بين القوى العالمية الست وإيران، والذي تزامن مع دعوة الرئيس الأمريكي باراك أوباما للإصلاح السياسي في دول الخليج، انزعاجَ حلفاء واشنطن في المنطقة؛ خشية من أن يصب أي تغيير بالداخل في مصلحة إيران؛ مما قد يدفع بالسياسة نحو الاختلاف مع أوباما في قمَّة دعاهم إليها من المتوقع أن تعقد قريبا في كامب ديفيد، إلا أن حكومات المنطقة يُمسكون أيضا بزمام الأمور مثلما يظهر ذلك من التدخل السعودي في اليمن.

وقال أوباما لصحيفة نيويورك تايمز، إنَّ أكبر تهديد أمني لدول الخليج السنية ليس إيران الشيعية، وإنما التطرف في الداخل.

وعلى الرغم من أن بعض المواطنين والنشطاء في الخليج العربي قد يتفقون مع تشخيص أوباما، يرى القادة أنَّ التغيير في الداخل يمكن أن يؤدي إلى فوضى قد تستفيد منها طهران.

وقال سامي الفرج المحلل الكويتي -وهو أيضا مستشار لمجلس التعاون الخليجي: "نشعر بالدهشة إزاء تفكير الولايات المتحدة في أن هذه وصفة للنجاح في هذه المنطقة."

وكانت انتفاضات الربيع العربي التي بدأت في 2011 وأنعشت الآمال في التغيير الديمقراطي انهارت في معظمها وأفسحت المجال أمام حروب طائفية في اليمن وسوريا والعراق تضم حلفاء مسلحين لإيران وجماعات سنية متشددة مثل تنظيم الدولة الإسلامية. وقال الفرج لرويترز: "يحتاج الشباب الذين شاركوا (في الربيع العربي) إلى إدراك أن تصرفاتهم قوضت نظام الدولة بطريقة جعلت بلادهم عرضة للتدخل الإيراني".

كما أنَّ إطار الاتفاق الذي تم التوصل إليه في سويسرا بشأن البرنامج النووي الإيراني الأسبوع الماضي يمكن أن يغير الوضع على الرغم من أن جميع الأطراف قالت إنه لا تزال هناك حاجة للتغلب على خلافات كثيرة قبل التوصل إلى اتفاق نهائي. لكنَّ قيادة دول الخليج العربية تعتقد أن إيران لا تزال تسعى للتدخل في شؤونها.

وقال وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان للصحفيين: "هناك عمل ممنهج لسنوات من قبل إيران لتصدير الثورة". وأضاف: "أننا نتطلع إلى أن تكون لنا علاقة طيبة ونموذجية مع إيران ومع الأسف لا تترك لشركائها في المنطقة هذا الأمل وكل مرة نستغرب لما تقوم به في المنطقة من إفساد لدولنا ومنطقتنا".

وأثار أيضا غطاء جوي أمريكي لقوات الحشد الشعبي المدعومة من إيران التي تقاتل تنظيم الدولة الإسلامية في العراق تساؤلات في الخليج بشأن تحول محتمل في التحالفات من القوى العظمى المتحالفة معهم.

ويبقى الإصلاح موضوعًا بالغ الحساسية بين دول الخليج.. وقال أوباما -في مقابلته مع نيويورك تايمز- إنه ينبغي التصدي للبطالة بين الشباب والاضطراب السياسي والتعاطف مع المتطرفين في دول الخليج من أجل القضاء على التهديدات للأمن القومي.. وقال: "كيف يمكننا بناء قدراتكم الدفاعية في مواجهة التهديدات الخارجية.. لكن أيضا.. كيف نقوي الجسد السياسي في تلك الدول". وأضاف: "أعتقد أن أكبر التهديدات التي يواجهونها ربما لا تنبع من غزو إيراني. إنها ستأتي من السخط داخل دولهم حتى يشعر الشباب السني أن بوسعهم اختيار شيء آخر غير (الدولة الإسلامية)".

وقال الناشط البحريني علاء الشهابي: "وجهت كل الأنظمة الخليجية أجهزتها الأمنية نحو قمع المحتجين السلميين المؤيدين للديمقراطية في الوقت الذي يغضون فيه الطرف عن أولئك الذين يتبنون أيديولوجية طائفية متطرفة".. وشهدت البحرين اضطرابات واسعة عندما طالبت الأغلبية الشيعية بإصلاحات سياسية لكن الاحتجاجات سحقت بعد تدخل عسكري سعودي.

ويقول نشطاء هناك إنَّ كفاحهم هو من أجل الإصلاح السياسي وليس من أجل دفع طائفتهم إلى المقدمة أو توسيع النفوذ الإيراني. لكن كلام أوباما ربما كان أقل من اللازم ومتأخرا جدا بالنسبة لهم. وقال الشهابي: "إنه يشير إلى احتمال حدوث تغير في نوايا إدارة أوباما. لكن التصريحات لا تعكس السياسة الأمريكية كما يبدو بالنسبة لنا نحن الذين يكافحون من أجل التغيير الذي يقول الآن إنه ضروري".

وأقنع التقارب المبدئي بين طهران وواشنطن كثيرا من الخليجيين بأن محورا إقليميا جديدا بدأ يتشكل وقد يجعلهم عرضة لخطر مكائد إيران.

وقال المعلق السياسي السعودي جمال خاشقجي: "المطلب الشعبي في السعودية الآن ليس مزيدا من الديمقراطية، وإنما التصدي للتهديدات الخارجية." وأضاف "يشعر السعوديون بمزيد من الثقة نظرا لأنهم أمسكوا بزمام الأمور بأيديهم. القضية التي كانت تزعج السعودية بخصوص الاتفاق (النووي) هي أنه كان سيترك الإيرانيين بلا كابح في المنطقة - هذا الجزء يجري التصدي له حاليا .. ليس بيد الأمريكيين وإنما بيد السعوديين".

لكنَّ الحملة لم تفعل شيئا يذكر لدحر الحوثيين كما أن دول الخليج العربية ظلت بعيدة عن المحادثات النووية التي جرت في سويسرا.

تعليق عبر الفيس بوك