الرياضة العمانية تتحدث بلغة البحر

أحمد السلماني

"صرخ الخشب يوما وقال للمسمار: لقد آلمتني، فأجابه لو تعلم قوة الطرق الذي في رأسي لعذرتني"، هذا تحديدا ما حدث لرياضتنا العمانية التي نالت نصيبًا وافرًا من النقد اللاذع والذي لم تسلم منه كل المؤسسات بدأ من وزارة الشؤون الرياضية ومن ثمّ اللجنة الأولمبية العمانية والإتحادات والأندية حتى الفرق الأهلية هي الأخرى حملت أوزار التراجع المخيف للرياضة العمانية في السنوات الأخيرة، وكان الإعلام الرياضي بمساريه التقليدي والحديث هو البطل الهمام، فسال مداد النقاد وتبارت وسائل الإعلام المختلفة من مرئي ومقروء ومسموع في كيل النقد على حد سواء؛ البناء والهدام وبالطبع فإنّ للفضاء الإعلامي الحديث ممثلا في مواقع التواصل الاجتماعي قصب السبق حيث لا تحتاج العملية إلى كلفة أو جهد، فقط جلسة هادئة وكوب من الشاي أو القهوة وكبسة زر فتخرج تلك الكلمات لتصيب قومًا اجتهدوا فأصابوا أو اخطأوا الهدف ولكن في حقيقة الأمر أنّ كل تلك الانتقادات في الآونة الأخيرة قد بدأت تؤتي ثمارها وإن الإعلام يمارس ولو على خجل شيء من دوره ونقولها "على خجل" لأنه في حقيقة الأمر هو شريك أصيل في التجربة الرياضية العمانية طوال 45 عاما وأثر ويتأثر بما يحدث حوله وهو أحد حلقات مسلسل التراجع بالرياضة العمانية لأنه وللأسف كان ولا زال يتعاطى بتقليدية بغيضة ومتخلفة إلا فيما ندر حيث لا تعير أغلب المؤسسات الإعلامية الرياضة ذلك الاهتمام الكبير ولا توجد لدينا مؤسسة إعلامية رياضية متخصصة حيث يتصدر تلفزيون السلطنة الحدث الرياضي أينما تجلى بعد إطلاق قناتي "عمان الرياضية" و" وعمان مباشر"فمتى يأتي اليوم الذي نتملك فيه منظومة إعلاميّة رياضية متخصصة وتدار بكوادر إعلامية رياضية التخصص.

عموما، فإنّ الحديد يلين مع كثرة الطرق، ووجد النقد صدى لدى الكثير من المؤسسات وبدأت بوادر ذلك في التفوق الرياضي العماني بالألعاب الشاطئية والبحرية، فاكتسح منتخب كرة القدم الشاطئية آسيا وعبر إلى كأس العالم ببراعة وبقوة مدهشة بعد أن أصبح رقمًا لوغاريثميا مذهلا وأسقط منتخبات آسيا فتوج بلقب أكبر قارات العالم ووجه البوصلة باتجاه البرتغال في يونيو المقبل ليقارع منتخبات العالم.

واسدل الستار مساء الخميس على فعاليات دورة الألعاب الشاطئية الخليجية الثانية التي أقيمت في الفترة من الثاني إلى التاسع من أبريل الحالي، وأقيمت فيها سبع لعبات وهي كرة القدم واليد والطائرة وثلاثيات السلة وذلك على ملاعب نادي الغرافة، كما أقيمت مسابقات الشراع والسباحة الطويلة والتجديف في منطقة كتارا. وحصدت السلطنة المركز الأول على المستوى الترتيب العام في حصد الميداليات الملونة والتي بلغت 13 عشر ميدالية ملونة معلنة عن تفوق رياضي عماني بإمتياز بواقع 7 ذهبيات و5 فضيات وبرونزية واحدة، وذلك بعد تفوق منتخب السلطنة في منافسات السباحة الفردي والزوجي لمسافة 10 كلم والتي أقيمت منافساتها في الحي الثقافي بكتارا وذلك بالحصول على ذهبية في الفردي والفرق وفضية أخرى في الفردي أيضًا، بالإضافة إلى ذهبية كرة القدم بعد فوز منتخبنا الوطني على الإمارات في النهائي بنتيجة 5/3 وكان قبل ذلك قد تفوق على جميع المنتخبات وفاز في كل مواجهاته ليحرز العلامة الكاملة. وحقق ميداليات السلطنة في منافسات السباحة 10 كلم للفردي كلا السباحين محمد نصيب الحبسي ومسلم عبد الله الخضري اللذين حصدا المركزين الأول والثاني بالإضافة إلى ذهبية الفرق، علما بأنّ السلطنة احتكرت ذهبيتي سباق 5 كلم للفرق والفردي أمس الأول.

كل ذلك حدث خلال 8 أيام تقريبا أزاح عنّا وهن السنين العجاف وأوقد منا جذوة نار كانت ستنطفئ لنعلن عن بعث جديد للرياضة العمانية على أمل أن يرتقي العمل الرياضي الإداري لمستوى طموحات الرياضيين، ولنشهد في قادم الأيام حراكا رياضيا وقادة وقيادات رياضية بهمم الأبطال ولا تعشق سوى صعود الجبال، فالبلاد تستحق؛ فكل ما حولها يشيد بنهضتها الجبارة وتطور مجالات الحياة بها فما بال الرياضة تتخلف عن الركب، هذا مالا يرضاه رياضيوها بعد أن أضحت الرياضة واحدة من روافد الاقتصاد في كثير من البلدان وقيمة مضافة في حياة الشعوب، فالعقول السليمة تعيش في الأجساد السليمة.

إنّها دعوة إلى أن تستثمر المؤسسات الرياضية هذه الانتعاشة وأن تعمل إلى أن تجعل من باقي الرياضات واللعبات متوهجة دومًا ومنتجة للأبطال ممن يعشقون منصّات التتويج ولكن وللحقيقة ومما يؤسف له أنّ البعثة عادت من قطر الشقيقة ولم تجد مسؤولا أو حتى موظفا من وزارة الشؤون الرياضية ضمن المستقبلين، في حين تواجد مسؤولو اللجنة الأولمبية والاتحادات الرياضية، أتمنى أن تكون المعلومة التي وصلتني غير صحيحة.. فعلا أتمنى ذلك.

تعليق عبر الفيس بوك