"عطشانين" والبرومات يقتلنا

خالد الخوالدي

khalid1330@hotmail.com

تستطيع في أول كل صباح أن تستغني عن رشفة القهوة التي تحب وشاي الحليب مع السكر وطبقك المفضل من الإفطار، ولكنك قطعا لا تستطيع ألا تشرب ما تستطيع من الماء، فالفائدة الصحيّة لشرب الماء يدركها الإنسان البسيط قبل الطبيب ولكن ماذا لو قيل لك أن الماء الذي تشرب مغشوش وبه مواد مضرة بصحتك لاشك أنك ستموت عطشا.

بالأمس انتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي نص الرسالة الصادرة من دائرة الرقابة الغذائية بالمديرية العامة للرقابة الصحية والصرف الصحي بوزارة البلديات الإقليمية وموارد المياه التي قامت بسحب عينات مياه معبأة، وإرسالها إلى مركز مختبرات الأغذية والمياه وقد أظهرت نتائج التحاليل لبعض العينات عدم مطابقتها للحدود المسموح بها للمواصفات بوجود عنصر (البرومات) أكثر من المسموح به والذي حدد عالميا تقريبا بـ 10 جزء بالبليون، وطالبوا بسحب وإتلاف منتجات المياه المخالفة والبالغ عددها خمسة عشر نوعًا من المياه لشركات محددة ومعروفة والتي هي أغلب ما نشربه هنا في السلطنة، وقد تعدت هذه الشركات النسبة المحددة بكثير.

أعزائي إننا نعيش في حيرة وحالنا يرثى له فماذا نشرب وكيف نستطيع أن نروى عطشنا وحاجتنا للمياه والتي لا تستقيم الحياة إلا بها ففي الماضي كنا نشرب من مياه الآبار والافلاج وقالوا لنا إنها ملوثة وأن أغلب أمراض الكلى ناتجة عن شربنا من هذه الآبار فتركناها ثم توجه أغلب الناس لتركيب المصافي الخاصة بالمياه وقالوا إنّها مضرة لعدم وجود الأملاح بها ولأسباب أخرى فاتجهنا إلى استخدام المياه المعدنية التي تعددت مسمياتها وكثرت حتى لم نستطع أن نميز الخبيث منها من الطيب وكل يوم نقرأ أن عددا من شركات المياه تمّ إغلاقها لعدم التزامها بالاشتراطات الصحية وتجرب كل شركة فينا نوعا من المياه بتركيبة خاصة لعله يلقى القبول وكأننا فئران تجارب ونحن وللأسف كلما تابعنا أن الشركة المغلقة ليست من الشركات التي نشرب منها المياه نقول الحمد الله وننسى المثل العماني الذي يقول (إذا تحسن جارك بل رأسك) أي استعد فالدور قادم لك وهذا هو الدور يصلنا في أكثر من شركة تغشنا وتحرمنا من شرب الماء الذي تعودنا عليه سنوات؛ والأدهى والأمر أن هذه المادة (البرومات) أثبتت الدراسات أنها مسبب محتمل للسرطان عافنا وعافكم الله ومن هنا فإن المجتمع لابد أن يطالب الجهات المختصة بإنزال أشد العقوبة على هذه الشركات كما لابد أن يطالب المجتمع بمحاسبة المسؤولين في الجهات الحكومية الذين تأخروا في الاستجابة لهذا الطلب وسحب هذه الأنواع لأن الماء مادة أساسية في حياة الناس وشريان الحياة الرئيسي، وبالأمس ذهبت لإحدى مراكز الهايبر ماركت لاستبدال المياه التي استخدمها وسألت أحد الموظفين العمانيين هل عندكم خبر عن الرسالة المنتشرة قال شفناها ولكن لم يأت أحد لسحب هذه المياه، وسألت أحد الوافدين المسؤولين - وتحت المسؤولين ضعوا ألف مليار خط والفاهم يفهم- فقال لم تتم مخاطبتنا لسحب أي نوع من المياه على الرغم من أن الرسالة تاريخها كان 23/3/2015 ونحن اليوم في يوم 7/4/2015 أي مرّ على الرسالة أكثر من أسبوعين بدون تحريك ساكن وهنا نضع مليون علامة استفهام..

وعلامات الاستفهام المليون التي نضعها ليس اعتباطا ولكن لأن الرسالة صادرة قبل أسبوعين ومعنونة بعاجل جدا وأرسلت لكل الجهات المختصة التي تعمل في نفس المجال وحتى الجهات التي ليس لها دخل حتى تأخذ احتياطاتها إلا أن التنفيذ لم يطبق حتى الآن حسب علمي، وأتمنى أن تكون المراكز التجاريّة التي زرتها لم يصلها الدور حتى الآن أو خارج حسابات السحب والمراقبة من هذه الجهات، وسواء كان كذا أو كذا علينا نحن كمستهلكين أن نكون واعين ونعمل على خلق رأي عام موحد حول ما يهم مصالحنا جميعًا ومقاطعة كل شركة لا تهتم بصحتنا ولا تراعي مشاعرنا ولا يهمها غير الربح المادي وأن نكون يدًا واحدة في وجه كل التجار الجشعين الفاسدين الماصين للدماء، ولكل حوت ينوي أن يلتهمنا من حيث ندري ولا ندري، وتأكدوا أنكم إذا كنتم على قلب رجل واحد فسوف يحترمونكم ويقدرونكم، ولن يغشوكم ولن يرفعوا الأسعار ويتلاعبوا بها؛ لأنهم سيعلمون عاقبة فعلهم فهم لا يخافون الله ويخشونه وإنما يخافون ألا تدخل ملايين الريالات إلى حساباتهم، واعلموا جميعا أننا بهذا نحمي بلادنا الحبيبة من شر كل تاجر خبيث وجشع وماكر ونحمي كل تاجر صادق ومحسن وبار لهذه الأم الغالية عمان، ودمتم ودامت عمان بخير.

تعليق عبر الفيس بوك