"لو أنَّ أهل عُمان أتيت..."

عائشة البلوشيَّة

حضرتُ بصفتي رئيسة الفريق الوطني لمشروع إدارة الموارد التعليمية المفتوحة وتكنولوجيا الاتصالات في العملية التعليمية، وزملائي مُمثلو وزارة التربية والتعليم ومجلس البحث العلمي، مؤتمر "الموارد التعليمية المفتوحة"، في مدينة الدوحة قبل فترة قصيرة؛ حيث أقيم هذا المؤتمر بتنظيم من اليونسكو؛ وذلك لتشجيع جميع الدول التي حضرتْ المؤتمر للدخول في هذه التجربة، وبطبيعة حال هذه الفعاليات فقد طُلب من السلطنة تقديم ورقة عمل؛ لأنَّها الدولة الأولى على مستوى الشرق الأوسط التي سبقتْ في هذا المجال من حيث التشريعات والأطر المنظمة لهذا المشروع في إطار رسمي، وكم شدني سؤال الوفود المختلفة عن صحة سيد عمان -حفظه الله وأمد في عمره- وعن موعد عودته إلى السلطنة، ولم يغب عن خلدي ذلك التوافق من جميع الوفود من مختلف دول العالم على أخلاق الشعب العماني ومحبته للعمل والعلم والتقدم، وذلك من خلال الحوارات والمناقشات الجانبية.

"لو أنَّ أهل عمان أتيت، ما سبوك ولا ضربوك" رواه الترمذي، صدقت يا سيدي يا رسول الله -عليك وعلى آلك أفضل الصلاة والتسليم- فهذه الميزة التنافسية العالمية هي من أبرز وأعظم الهبات الإلهية التي يجب أن نُصرُّ على استدامتها إلى آخر الزمان؛ لأنها كانت السمة التي وصلت إلى خاتم الأنبياء والمرسلين -صلى الله عليه وآله وسلم- وذكرها -عليه صلوات الله وسلامه- أكثر من مرة منذ بداية بعثته، فإذا كانت هذه السمة "الحضارية" صمدتْ منذ ذلك الحين، أي منذ أربعة عشر قرنا من الزمان وحتى يومنا هذا؛ إذا فهي لصيقة بالعماني كجلده، وأنها ليست صفة وتنتهي مع مرور الوقت، وهي وسم تسويقي للعماني الأصيل يتقدَّمه في جميع المحافل، يتعلم العالم من خلاله أساس السلام والرقي.

"لو أنَّ أهل عمان أتيت..." لوجدتهم قبائل وجماعات ومذاهب؛ ألفت العمانية الخالصة بين قلوبهم، فتآلفوا وتناسبوا وتصاهروا وانصهروا في قالب واحد قوي منيع، وتناسلوا وتلاحموا والتحموا في صف واحد وتشكلوا كالحصن الحصين حول سلطانهم، وكانوا بعمانيتهم منذ القدم نسيجا قويا وزاد بنيانهم الإسلام بحمد الله قوة ومتانة ورصانة، يعملون بصمت ويعبرون عن جهدهم بالأفعال دون الأقوال، وما شذَّ عن ذلك البناء اعتبرته اللحمة الوطنية -قائدا وشعبا- "نباتات خبيثة لا تقبلها التربة العمانية...".

"لو أنَّ أهل عمان أتيت...." خلق الله تعالى العماني مُحبًّا لولي أمره، طائعا لأوامره، وهذا الخلق صنع تاريخا مليئا بالبطولات مع الأئمة والسلاطين الذين سطَّروا بفكرهم وأخلاق هذا الشعب أروع الإنجازات، وخلق العماني المهذب يجعله لا يتدخل فيما لا يعنيه، وخلقه الكريم يجعله ينأى بنفسه عن الزج بها في شؤون ليست من شأنه، وخلقه النبيل يجعله يفتح قلبه لمن يلجأ إليه في حاجة، وهذه الأخلاق لا تنحصر على شخص واحد بل هي سمة دولة بأكملها، جلس على سدة الحكم فيها سلطان حكيم -أطال الله في عمره في صحة وعافية- لا يزال ينفح العالم بعقله وحكمته يوما بعد يوم، حتى أصبح العالم كله يتطلع في الملمات إلى كل ردة فعل ستأتي به سلطنة عمان، لعل أبرزها على الساحة الاتفاق على الملف النووي، والذي شهد العالم برمته على نجاح الحكمة العمانية في نزع فتيل الأزمة بهدوء ورصانة أذهلت العالم، لتنبري الأقلام وتخط ما خطت من الدور المحوري الذي يقوم به حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد -حفظه الله ورعاه وأطال في عمره الغالي- ذلك الدور العظيم المغلَّف بالسلام ظاهرا وباطنا، لا يمد إلا كفا بيضاء تمسح على رؤوس النوائب لتهدأ وتركن إلى الرأي الرشيد؛ ﻷنَّ العالم لن يجد من عمان لا سبا ولا ضربا، بل سيجد كل ما يجعل للإنسان معنى، وللبشرية جمعاء سلاما.

التوقيع: "لو أنَّ أهل عُمان أتيت..." ﻷحببت كل تفاصيلهم: قائدا، وشعبا، وأرضا.

تعليق عبر الفيس بوك