"التراث والثقافة" تعرف بسبعة من أندر مخطوطاتها احتفالا بيوم المخطوط العربي

مسقط - الرؤية

احتفلت وزارة التراث والثقافة أمس بـ"يوم المخطوط العربي" الذي يوافق الرابع من أبريل من كل عام، بهدف نشر رسالة الوعي التراثي العماني، والتعريف بجهود ومنجزات العلماء العمانيين، وسلطت الضوء على عدد من اندر المخطوطات التي تحويها دار المخطوطات بوزارة التراث والثقافة.

ويأتي في مقدمة تلك المخطوطات النادرة مصحف الحارِثِي الذي نسخه وكتبه الناسخ العماني: خميس بن سليمان بن سعيد الحارثي؛ سنة 1186هـ، جاعلاً اللون الأسود هو الأساس، ولون بالأحمر: أسماء السورِ فقط، واضعًا إياها في مستطيلٍ أحمر، يشير فيه إلى عدد آيات كل سورة، وهل هي مكية أو مدنية، إضافة إلى تحديد فواصل الآيات بدوائر حمراء صغيرة. وميز أول المصحف وآخره بنقوش ملونة بدرجات اللون الأحمر، يغلب عليها شكل الدائرة التي كررها في حواشي سائر صفحات المصحف، لتحديد تقسيمات الأجزاء والأحزاب والأرباع. وعلى الرغم مما يلحظه القارئ في هذا المصحف من نقوش إلا أنها تتميز بعدم التعقيد، كما أن الناسخ لم يلزِم نفسه بِها في المصحف كله، فتارةً تبرز، وأخرى تختفي، كمثل صنيعه في القراءات؛ طورًا يثبتها في الهامش، وأطوارًا يهملها فتمضي صفحات عدة دونها. كما أنه لم يلتزم طريقة واحدة في تحديد بدايات الأجزاء، فتارة يعتمد نمط الدوائر، وتارة المربعات، وتكاد كل طريقة تختلف عن الأخرى.

أما نهج الحقائِق، فهو مخطوطٌ في 300 صفحة، في الولاية والبراءة وأحكامهما وقواعدهِما وتطبيقاتهما، واختصر فيه مؤلفه الشيخ علي بن محمد بن علي بن محمد المنذري (ت1343هـ) كتاب الاستقامة للعلامة أبي سعيد الكدمي (ق4هـ)، نظرًا لصعوبة عبارته على أهل زمانه، فأوجزه وأضاف إليه ما يقرب الفهم للوصول إلى مقصود مؤلفه، ومن إضافاته: مباحث شتى نقلها عن مصنفات والده، واستفادها من علماء عصره. وكان يبتدئ زياداته بعبارة (قلت) تميِيزًا لها عن اختصار الأصل.

وهذه النسخة المحفوظة بالدار (برقم 2602) كتبها المؤلف بقلمه، وعليها تصويباته واستدراكاته. وقد جعلها في ثلاثة أجزاء، لكل جزء مئة صفحة. وأرخ الفراغ من تأليف الكتاب ونسخِهِ يوم الاثنين 2 جمادى الأولى 1314هـ. وصدره بعبارة وقفٍ نصها: «قد وقفت هذا الكتاب على أولادي وأولاد أولادي وما تناسلوا ولمن شاء الله من المسلمين وقفا مؤبدا، وأنا الحقير: علي بن محمد بن علي المنذري. كتبته بيدي ليلة 7 رجب سنة 1314هـ».

 

وعن الحل والإِصابة، فهو كتابٌ للفقيه: محمد بن وصاف النزوِي (ق6هـ)، شرح فيه الدعائم للعلامة أحمد بن سليمان ابن النضر (ق6هـ)، وهو أسبق شروحِه، وربما يكون أوسعها انتشارًا لكثرة مخطوطاته. وهذه النسخة المحفوظة بدار المخطوطات (برقم 1259) منقطعة الأول، غير أن حرد متنِها واضحٌ وصريح ومؤرخٌ سنة 600هـ. ونصه: «نجز نسخ الكتاب بعون الله ضحيا يوم الأحد لست ليال خلون من شهر المحرم سنة ستمئة سنة هلالية، نسخه محمد بن عمر بن الحسن بن محمد بن خالد بن محمد المنحي، لأخيه في الله: عمر بن محمد بن عبدالله النجار المنحي». وعلى جانبه تقييد عرضٍ يؤكد صحة تاريخه، جاء فيه: «عرِض وصح إن شاء الله على نسخته الأصلية وكان الفراغ من عرضه عشي يوم السبت ... خلت من شهر جمادى الأولى من شهور سنة ستمئة سنة وثلاث سنين». ومما يشد الانتباه في هذه النسخة أن خطها مزيجٌ من المشرقي والمغربي، وطريقة رسم حروفه غريبةٌ ونادرة، وهي جديرة بالدراسة لاستكشاف طريقة الكتابة السائدة بعمان في العصور المتقدمة.


ومخطوط بيان المشكل هو كتابٌ في الفقه؛ ألفه الشيخ راشد بن مصبح بن راشد الرشيدي السباعي (ق13هـ)؛ أحد فقهاء بلدة الخضراء من أعمال السويق بباطنة عمان. يتألف من جزأين: الأول في الأديان، ويشمل أبواب العلم والاجتهاد والعقيدة والطهارات والصلاة والصيام والزكاة والحج والأيمان والنذور والاعتكاف والكفارات والذبائح والأطعمة. والثاني في الأحكام، ويشمل أبواب القضاء والشهادات والمكاتبة والبيوع والصكوك والإقرارات والبينات والدعاوى. وسلك المؤلف في كتابه منهج الجمع والترتيب، وضمنه جواباتٍ لعلماء عمان المتقدمين والمتأخرين، يأتي في مقدمتهم: شيخه ناصر بن جاعد بن خميس الخروصي (ت1263هـ)؛ الذي تتصدر جواباته أبواب الكتاب في الغالب، ولا يكاد بابٌ يخلو من مسائل عنه. ثم فقهاء الدولة اليعربية فمن بعدهم. ولم يصرح السباعي بمصادره في الكتاب، إلا في القليل النادر، كإشارته إلى النقل عن مجموع أسفار موسوعة شيخه ناصر بن جاعد المسماة «العلم المبين وحق اليقين». وقد ذكر في المقدمة أنه التزم النقل الحرفي من مصادر عدة، دون التعليق عليها، إلا بإصلاح الغلط الواقع فيها من النساخ. وتعرف للكتاب نسخة واحدة مخطوطة، يوجد جزؤه الأول بمكتبة السيد محمد بن أحمد البوسعيدي (رقم 1534) في 565 صفحة، ويوجد جزؤه الثاني بدار المخطوطات (رقم 2047) في 380 صفحة. وهو معدودٌ في النوادر لأجل ذلك؛ على الرغم من تأخر زمانه.

أما مخطوط المحاربة، فهو كتابٌ في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأقسام المحاربين وأحكامهم، وحقوق الإمام والرعية. وهو مختصر مركز، وضعه مؤلفه الشيخ أبو المنذِر بشِير بن محمد بن محبوب (ق3هـ) في ثمانين باباً، ويعد من أقدم المصنفات العمانية في فقه السياسة الشرعية، وعليه جرى اعتماد جل من ألف بعده في هذا الموضوع، كالقاضي أبي زكريا يحيى بن سعيد النزوي (ت472هـ) في «الإيضاح في الأحكام»، والشيخ أحمد بن عبدالله الكندي (ت557هـ) في «كتاب الاهتداء» والشيخ سعيد بن خلفان الخليلي (ت1287هـ) في «إغاثة الملهوف بالسيف المذكر». وتوجد منه نسخ مخطوطة كثيرة، وقد عقب عليه العلماء حتى قرون متأخرة، وكتبوا حواشي كثيرة على مسائله. ومن نوادر نسخه في الدار هذه النسخة التي تحمل رقم (1263)، وهي نسخة منقطعة الآخر، غير أن ناسخها معروف مشهور لا يخفى خطه، وهو خلف بن محمد بن خنجر الغفيلي الضنكي في القرن الثاني عشر الهجري، ويزيده قيمة أنه منسوخ للشيخة الفقيهة عائشة بنت راشد بن خصيب الريامية البهلوية، كما يتصدره قيد استعارة بخط الشيخ الأديب: سليمان بن بلعرب بن عامر بن عبدالله بن بلعرب السليماني العقري النزوي.

وحول شمس الآفاق في تركِيب الأوفاق، فهو مخطوطٌ نادر في علم الأسرار (رقم 1900)؛ ألفه: خلفان بن جمعة بن محمد بن بلعرب بن عبد الله بن بلعرب السليمانِي (ق12هـ)، وهو أثر فريدٌ لهذا المصنف المغمور، يكاد لا يعرف له غيره، فرغ منه أول يوم من شهر ربيع الأول 1133هـ، وكتب هذه النسخة ناصر بن عبدالله بن سالم بن المر؛ سنة 1310هـ. ويعد «شمس الآفاق» أنموذجًا للكتب المصورة المزخرفةِ في آنٍ واحد، إذ افتتحه واختتمه ناسخه بلوحات زخرفية جميلة، نقش فيها عنوان الكتاب وبيانات نسخه، ويميز صفحة الغلاف أن العبارات فيها مفرغةٌ بلونِ ورق المخطوط تحيط بها خلفيةٌ سوداء، وهو أمرٌ لا يتأتى لكل ناسخ. كما أن الكتاب مليءٌ بالجداول والرسومات التصويرية بأشكال هندسية مختلفة.

أما إغاثة الملهوف بالسيف المذكر: فهو من الخطاطين العمانيين المتأخرين: سيف بن علي بن عامر الفرقاني (ق14هـ) الذي عرف بمهارته في الخط، وفاق أكثر أهل زمانه فيه، حتى صار يضرب به المثل في حسنه؛ فيقال: فلان كالفرقاني في الخط. وكان الشيخ نور الدين السالمي (ت1332هـ) يختاره لكتابة مراسلاته ومصنفاته التي ينوي إرسالها للطباعة خارج عمان. ومن منسوخاته الجميلة التي تحتفظ بها دار المخطوطات: رسالة «اللمعة المرضية من أشعة الإباضية» لنور الدين السالمي. نسخها بتاريخ 6 ذي القعدة 1324هـ / 22 ديسمبر 1906م. (رقم 2754). وكتاب «إغاثة الملهوف بالسيف المذكر في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»؛ للشيخ سعيد بن خلفان الخليلي (ت1287هـ)، (رقم1309) مع مجموع قصائد وجوابات ومراسلات للمؤلف نفسه. نسخها الفرقاني في 15 رمضان 1314هـ، بخط نسخ واضح، وختم الكتاب بحرد متن بديع، شكله على هيئة عقد مرصع بالجواهر.

 

تعليق عبر الفيس بوك