نتائج استطلاع رأي: واقع القراءة لدى العمانيين

سلطان بن خميس الخروصي

القراءة هي بمثابة الروح والغذاء الرصين للعقل الذي بدوره يقود دفة التنمية والازدهار لأي أمة عبر تعاقب الحقب، فطالما وُجد مواطنون يعشقون القراءة ويتلذَّذون بمعِينها الزُلال فلا خشية من اضمحلال شبابها أو تسمم عقولهم الغضَّة، وطالما وُجد التمجيد والتصديق بما (يُقال) من بعض أشباه العقول دون أن يمتلك الشابُ الرصيد القرائي المُتوقِّد فإنهم بذلك لن يكونوا سوى خيوط وهِنة كخيوط العنكبوت؛ وعلى ضوء ذلك بدت كثير من الدول تطبيق الكثير من البرامج الجاذبة والمشوِّقة للجمهور حتى يُخلق جيل مُتشرِّب بالكتاب والمعرفة، وبدت عدد من الدول استقراء نسب الاطلاع لدى مواطنيها من خلال الاستطلاعات الشعبية التي تتبنَّاها قِطاعات المؤسسات الحكومية أو الخاصة أو حتى الأفراد، فأظهرت مثل تلك الممارسات نسبا على المستوى المحلي أو العالمي يمكن من خلالها الكشف عن مؤشرات علمية لمعرفة واقع المشكلة من عدمها.

فنجد أنّ تقرير الأمم المتحدة حول القراءة قد أظهر أن مُعدل القراءة لدى المواطن العربي سنويًا لا يتجاوز (6) دقائق بينما نجد أنّ ذلك المعدل في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية يتخطى (200) ساعة سنوياً، أضف إلى أنّ الطفل الأمريكي يقرأ (6) دقائق في اليوم الواحد بينما يقرأ الطفل العربي (7) دقائق في السنة كاملة!، وهنا يبرز دور المؤسسات التعليمية التي لا تزال مناهجها العقيمة جاثمة على صدور الأجيال؛ فهي لا تُحاكي واقع القراءة والكتابة الحديثة التي تغرس في نفوسهم قيم المواطنة والتشبُّث بالهُوية الوطنية وتجويد مهارات القراءة وإكسابهم براعة النقد والتمحيص بعيداً عن ثقافة التقديس والتبجيل.

ومن منطلق وضع النقاط على الحروف وبعد انتهاء معرض مسقط للكتاب في نسخته العشرين تعالت بعض الأصوات من المؤلفين والكُتَّاب والنُقَّادِ أن قريحة القراءة لدى الإنسان العماني ضعيفة، كما كانت بعض ردود دُور النشر - من خلال استطلاع شخصي أجريته مع عينة منهم- قد أظهرت امتعاضًا حول الإقبال الجماهيري نحو الكتاب وبالأخص تلك المتصلة بالقضايا السياسية والتاريخية والتربوية بينما جُلَّ الاهتمام كان مُنصباً حول الإنتاج الأدبي وبالتحديد الروايات والقصص القصيرة والشعر، وعلى ضوء ذلك أردت أن يكون هذا المقال امتدادًا لمعرض الكتاب المُنصرم للخروج ببعض المؤشرات التي يمكن أن يستفيد منها الباحثون والمؤسسات المعنية؛ حيث عملت على إجراء استطلاع رأي حول واقع القراءة لدى عينة من مواطني سلطنة عمان من وجهة نظرهم، وقد بلغ عدد من استجابوا للاستطلاع (603) مواطنين ومواطنات (70.2%) من الذكور و(29.8%) من الإناث، وقد تراوحت أعمارهم أقل من 18 سنة (4%)، و19-49 بنسبة (94.3%) وأكبر من 50 سنة بنسبة (1.7%)، وحول محاور الاستطلاع والاستجابات عليها فقد جاءت كالآتي:

المحور الأول: (حب القراءة) حيث جاء نص السؤال: "هل تحب القراءة بشكل عام (المجلات، الصحف، الكتب، ..إلخ)؟"

أجاب بنعم (87.2%)، وبلا (10%)، بينما امتنع عن الإجابة (2.8%).

المحور الثاني: (برنامجي القرائي) حيث جاء نص السؤال:"هل تتبع برنامجا قرائيا منتظما (يوميا، أو أسبوعيا، أو شهريا)؟"

أجاب بنعم (32%)، وبلا (66.2%)، بينما امتنع عن الإجابة (1.8%).

المحور الثالث: (معدل القراءة السنوي) حيث جاء نص السؤال: "ما هو معدل القراءة لديك (بالساعات) خلال عام كامل؟"

حصل معدل أقل من ساعة بنسبة (15.3%)، ومعدل 1-2 ساعة بنسبة (15.5%)، ومعدل 3-4 ساعات بنسبة (9%)، ومعدل 5-6 ساعات بنسبة (7.7%)، ومعدل 7-8 ساعات بنسبة (5.2%)، ومعدل 9-10 ساعات بنسبة (6.40%)، ومعدل أكثر من 10 ساعات بنسبة (40.6%).

المحور الرابع: (الدافع نحو القراءة) وجاء نص السؤال: "ما العامل الرئيسي الذي يدفعك نحو القراءة؟"، حيث أتيحت للعينة اختيار أكثر من دافع حسب ميوله واتجاهاته نحوها وجاءت النسب (حسب أكثر من خيار) كما يلي:

يدفعني تخصصي في العمل نحو القراءة بنسبة (34.6%)، بينما جاء عامل للاطلاع واكتساب معلومات جديدة بنسبة (72.7%)، وجاء عامل للاستمتاع والتسلية بنسبة (42.1%)، وعامل لكسب مكانة بين زملائي والمجتمع بنسبة (13.1%)، وكانت نسبة (20.5%) تشير إلى عوامل أخرى لم ترد في الاستطلاع.

المحور الخامس: (طبيعة المواضيع المقروءة) وجاء نص السؤال: "ما طبيعة المواضيع التي تحب قراءتها ؟"حيث أتيحت للعينة اختيار أكثر من موضوع حسب ميوله نحو تلك المواضيع وجاءت النسب (حسب أكثر من خيار) كما يلي:

الدينية بنسبة (56.6%)، والسياسية بنسبة (48.9%)، والعلمية بنسبة (48.8%)، والمعلومات العامة بنسبة (58.9%)، والتاريخية بنسبة (42.8%)، والتربوية بنسبة (28%)، والأبراج بنسبة (3.2%)، والخيال العلمي بنسبة (12.1%)، والقصص والروايات بنسبة (37.4%)، والفنية والديكورات بنسبة (11.5%)، والطبخ والمأكولات بنسبة (13.6%)، وكانت نسبة (20.8%) حول مواضيع أخرى لم ترد في الاستطلاع.

المحور السادس: (مكان القراءة) في أغلب الأحيان وجاء نص السؤال :" أين تقرأ في الغالب (عادة)؟"حيث أتيح للعينة اختيار أكثر من مكان حسب ميوله في موقع القراءة وجاءت النسب (حسب أكثر من خيار) كما يلي:

في المنزل بنسبة (83.2%)، في العمل بنسبة (45.1%)، في المواصلات بنسبة (12.1%)، في المكتبات الأهلية العامة الموجودة في الأحياء والمدن بنسبة (4.8%)، في مكتبة المدرسة أو الكلية أو المسجد بنسبة (21%)، وجاءت نسبة (13.3%) من نصيب مواقع أخرى يفضلها القراء غير ما ورد في الاستطلاع.

المحور السابع: تطرق إلى دور المؤسسات الرسمية في نشر ثقافة القراءة بين أوساط المجتمع وجاء نص السؤال: "هل تعتقد أن المؤسسات المعنية بالدولة قائمة بدورها نحو غرس ثقافة القراءة؟"

أجاب بنعم (18.3%)، بينما أجاب بلا (69.7%)، وامتنع عن الإجابة (12%).

وفي نهاية هذا الاستطلاع فإنني أقدم شُكري الجزيل لجريدة الرؤية لتبنِّي مثل هذه المشروعات الوطنية عبر نشر تفاصيلها بين صفحاتها، كما أشكر موقع "سبلة عمان" على دعمه المنقطع النظير لمثل هذه المواضيع واستقطاب أكبر عدد من الجمهور، كما أنني أتمنى أن يُقدِّم هذا الاستطلاع مؤشرات علمية تفيد المؤسسات المعنية بترويج وغرس ثقافة القراءة لدى الإنسان العُماني من خلال تجارب عالمية مُطبَّقة بصورة حرفية وناجحة.

دمتم بود

sultankamis@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك