وفرحنا شعبا وبلادا

خلفان العاصمي

لم يكن يوم الإثنين الماضي يوما عاديا لعمان وللعمانيين ولكل من يحب هذا البلد وشعبه وسلطانه. كان يوما مختلفا منذ بداياته الأولى حيث إن التفاؤل كان يسود الجميع بحدوث شيء ما يترقبه أبناء هذا الوطن وهو عودة سلطانهم وباني مجدهم وعزتهم من رحلة علاج استمرت على مدى ما يزيد من الثمانية أشهر لا يعرفون عنه شيء سوى أنه متجه لإجراء فحوصات طبية كما أعلن ديوان البلاط السلطاني ذلك أثناء مغادرة جلالته في صيف العام الماضي ومن ذلك الوقت باتت عيون العمانيين وآذانهم وأفئدتهم ترقب من بعيد لتعبر حدود السلطنة إلى الحد الألماني حيث يقيم جلالته في بيته العامر بمدينة جارميش. ومع هذا الترقب والرغبة في معرفة حالة السلطان الصحية والاطمئنان عليه جاء البيان الديواني الثاني والذي حمل بين حروفه الاطمئنان على صحة جلالته وأن وجوده بألمانيا هو حسب البرنامج الطبي الذي أقره الفريق المعالج لجلالته وكانت في البيان إشارة إلى أن السلطان يتابع شؤون البلاد من منزله العامر هناك مما يعني أن عودته لن تكون قريبة، ومع كل حدث وطني أو مناسبة كان الأمل يحدو الجميع بالعودة المرتقبة وخاصة مع بدايات شهر نوفمبر من العام الماضي حيث هو العيد الوطني للسلطنة إذ أطل جلالته هذه المرة صوتا وصورة عبر شاشة التلفزيون ليلقي خطابا مقتضبا مدته لم تتعد الأربع دقائق ولكنها كانت كفيلة بأن تبعث الطمأنينة في نفوس العمانيين حول صحة جلالته وأن تضيف للعيد الوطني طعما آخر مستخلصا من إطلالة السلطان وكلماته التي هنأ بها الشعب وطمأنهم على حاله.

بعد تلك الإطلالة وبعد أن انتهت الاحتفالات بالعيد الوطني الرابع والأربعين عادت اللهفة من جديد لتسكن الأنفس وتشعل القلوب وبات الترقب هو القاسم المشترك لدى كل العمانيين فالجميع ينتظر عودة جلالة السلطان إلى الوطن ومع هذه المشاعر تنتشر بين الحين والآخر إشاعات لمواعيد يظن بأنها للعودة ولكن تمر هذه التواريخ بدون أي بيان رسمي ينفيها أو يؤكدها إلى أن جاء نهار يوم الإثنين الماضي وكانت كل المعطيات تشير فعلا إلى عودة السلطان حيث أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي هي الأقرب لتأكيد ذلك وأصبح من يجيد استخدام هذه الوسائل قادرا على التفريق بينما يبث بها إن كان صحيحا أم لا في ظل غياب البيان الإعلامي الرسمي، ولعل من لديهم مقربون من المرافقين لجلالة السلطان المعظم في رحلته العلاجية كانوا الأوفر حظا في معرفة شيء ما ولو (بالتلميح) عن العودة المرتقبة.

في ذلك النهار وصلتني صور ومعطيات أخرى كلها تؤكد عودة جلالته إلا أن الأبرز فيها كان صور تجهيز استوديوهات البث التلفزيوني والتي كانت فعلا تتهيأ لبث شيء ما مرتبط بعودة السلطان، ولعل أبرز ما تم تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي هو خط سير الطائرة المقلة لجلالته وتوقيت وموعد وبيانات إقلاعها من مطار ميونخ الألماني ومن ثم عبورها للأجواء وتحديد معطيات أخرى تؤكد أن الرحلة هي فعلا رحلة سلطانية من خلال الرموز الدولية التي تستخدم عادة كدلالات للرحلات الخاصة، ولعل الحركة الداخلية في المطار السلطاني الخاص والتجهيزات الداخلية التي عرفنا عنها أيضا عبر وسائل التواصل الاجتماعي كانت تؤكد أن جلالة السلطان سيعود هذا المساء، إلى أن وصلت الطائرة المقلة لجلالته للمطار الخاص ومن ثم انتقال جلالته بالمروحية إلى بيت البركة وما زال الجميع بانتظار بيان رسمي يبث عبر وسائل الإعلام التقليدية حيث شكلت فترة المغرب وما بعده ساعة ذروة قد تكون هي الأكبر بالنسبة لمشاهدي تلفزيون السلطنة والذي بدأ في بث الأغاني الوطنية المتواصلة مع تسريب لصور من استوديوهات الأخبار والبرامج توضح بعض التفاصيل حول أن ثمة بيانا قادما وكذلك لصور توضح تزيين استوديوهات البث بأعلام السلطنة وصور جلالة السلطان هنا لم يبق سوى معرفة ما سيتضمنه البيان من تفاصيل بعد أن تأكد الخبر لدى الجميع بعودة جلالة السلطان المعظم لتعيش عمان مرحلة جديدة من أيامها الوطنية وليطمئن العمانيون على صحة قائدهم ورباطة جأشه وحرصه على الظهور بالصورة التي تبث الكثير من الإيجابية حول صحة جلالته ولعل المقطع الذي تمّ تداوله عبر وسائل التواصل حينما أشر جلالته بأطراف يده لأحد مرافقيه بأن يترك مسافة كافية ما بينه وبينهم وهو يترجل من على سلم الطائرة دون أن يتكئ على شيء سوى على المحبة العارمة التي يحيطه بها شعبه ويبادلهم جلالته إياها لتكون هذه المحبة هي نهج عمان الدائم ما بين ثالوث السلطان والشعب والوطن.

تعليق عبر الفيس بوك