ما بعد الكلاسيكو!

حسين بن علي الغافري

عدّت قمة الكلاسيكو الإسباني الكبير على الفريقين وجمهورهما بمزيج الحلاوة تارة، والمرارة تارةً أخرى. وبطبيعة الحال المُعتاد في القمة العالمية أنها سارت على نهج اللقاءات السالفة اعتيادياً، فشهدت كما هائلا من الأخبار، والمقابلات، واللقاءات الصحفية التي غطّت أدق تفاصيل الموقعة قبل أن تنطلق .. وحتى بعد مرور أسبوع كامل على انطلاقها. حظيت الشائعات بنصيب كافٍ، ووجدت الأرض الخصبة لتحظى بالاهتمام المتداول عبر وسائل التواصل الاجتماعي؛ نظراً لأهمية الحدث وتوقيته وحجمه وقيمته. ولا نُزايد بتضخيم المباراة عندما نقول إنّها حدث يوازي عند البعض نهائي كأس العالم، أو نهائي دوري أبطال أوروبا. ومن شبه المؤكد أن هذا اللقاء الأخير وبعد نهايته أوجد بعض التصورات المحتملة في الوقت القريب القادم. وحقيقة الأمر أجدني متفقاً مع من يفسر بأن برشلونة قد حقق انتفاضة كبرى ونقلة نوعية بعد سقوطه في ملعب ريال سوسيداد، فقد أوجد لنفسه ولأسلوبه طريقة جديدة سنشرحها تباعاً.. ولكن المقارنة بفريق أحلام جوارديولا تبدو غير منصفة إطلاقاً ومبالغة في مشاعر الإطراء. أما الفريق الملكي ريال مدريد فقد أثبت أن الفريق لا يمر بمراحل خطرة، وأمر عودته كسابق عهده مُحتمل جداً؛ ليعود للصدارة في الدوري الإسباني والذهاب بعيداً في بطولته التي يمتلك زعامتها لليوم "دوري أبطال أوروبا".

أكثر ما أبرزه اللقاء هو أن الفريق الملكي لا زال بخير ومتماسكا، وقدم مباراة جيدة جداً خصوصاً في شوطه الأول. الفريق بدأ بقوة وأربك حسابات المنافس وكان قريباً من افتتاح النتيجة في أكثر من مناسبة، وشكل مهاجموه لوحات فنية تكتيكية راقية جعلت المباراة ضيقة على دفاعات برشلونة وحارسه رغم الهدف العكسي الذي قبلوه في شباكهم من كرة ثابتة أحرزها الوافد الفرنسي الجديد "ماثيو"، قبل أن يُعدّل "رونالدو" الكفة في شوط ملكي بدرجة امتياز. اللقاء أظهر قيمة عودة الكرواتي "مورديتش"، فقد ضبط إيقاع الوسط وكان وسيلة ربط بين الهجوم والدفاع وعودته أثبتت أن ما يُعانيه الفريق الملكي خلال الأسابيع الماضية قد يزول بحضوره، وهي عودة مناسبة خصوصاً بلقاء دوري الأبطال ضد الأتلتيكو، ومع عودة الكولومبي المصاب "رودريغز" قد يظهر الملوك في صورة مغايرة للغاية وهو أمر يدعو للتفاؤل. فقط السلبية الوحيدة كانت في حضور الويلزي "جاريث بيل"، فلم يستطع أن يكون ورقة مُضافة للهجوم، وقد ظهرت آثار الحرب الإعلامية ضده وبدأت شائعات رحيله تؤثر عليه على الرغم من تأكيدات الرئيس بأنّه خط أحمر ووجوده سيستمر لسنوات طويلة، والانتقادات المتواصلة إعلامياً في حق "كاسياس" والتي تتنبأ بأمر خروجه من القلعة الملكية هذا الصيف!.

بدوره برشلونة أظهر شوطا سيئ المستوى، وآخر متوسط. إجمالاً التركيز على النقاط والفوز يبدو أكثر أهمية. الفريق ليس هو ذاك المرعب بغض النظر عن صدارته للبطولة وإقصائه للمان سيتي. برشلونة انتصر بتكتيك مشابه للتكتيك الذي استخدمه مورينهو عندما كان يُدرب الريال منذ ثلاثة مواسم. التراجع للخلف والاستماتة في الدفاع والتنظيم بالخطوط الثلاثة، ومشاركة الجميع دفاعياً عند فقدان الكرة، والارتداد لمرمى الخصم بأقل لمسات وتمريرات ممكنة. والفاعلية الأمامية يقودها ميسي ونيمار وسواريز. الفريق ظهر متواضعا في وسط الميدان ولا زالت علامات الاستفهام مُثارة حول تراجع تأثير إنيستا. أيضاً هناك نقطة مهمة هي أن الكرات الثابتة أصبحت مصدر تفوق للفريق بعكس السنوات الماضية، والحارس كان خياليا في اللقاء وذاد عن شباكه باستماتة وكان عنصرا رئيسيا في الفوز. ما يجب أن يكون جرس إنذار لبرشلونة في الكلاسيكو هو "الفخ النفسي" الذي قد يجعلهم يفكرون بالثلاثية التاريخية "دوري وكأس ودوري الأبطال" فالوضع سابق لأوانه واللقاءات الحاسمة في الدوري ستكون خارج الكامب نو وهي لقاءات عملاقة. عموماً الكلاسيكو فتح مجالات لأن نرى برشلونة وريال مدريد بقوة تنافسية كبيرة محلياً .. وأوروبياً، والكلاسيكو كان إشارة واضحة على قوة الفريقين وقد تنحصر بطولات هذا العام بينهما .. ربما!.

تعليق عبر الفيس بوك