حراك رياضي وإعلام مترهل

أحمد السلماني

رسم الرياضيون العمانيون ابتسامة عريضة وتوجوا أفراح الوطن هذه الأيام بسلسلة من الانتصارات والإنجازات بعد أن تحقق في أقل من 10 أيام ما لم نتمكن من تحقيقه خلال عام مضى فأي سحر ذلك الذي حمل معه هذه الانتصارات لتعيش السلطنة الحبيبة هذه الأيام أمواجًا من الأفراح بعد يتم وألم فراق تجاوز 8 أشهر بقليل ترافق معه تراجع مذهل لرياضيينا ولرياضتنا رغم كل ما كان يقدم من جهود لاحتواء ذلك إلى أن عاد ربان المسيرة والسفينة الكبير واشتم عبير الوطن ليعود معه كل شيء فدبّت الحياة في كل شريان يسري في جسد هذا الوطن والرياضة العمانية لم تكن استثناء من ذلك.

وانبرى رياضيونا وفي ألعاب شتى في تحقيق الانتصار تلو الآخر لمجرد أنّهم تحسسوا أنّ جلالة القائد المفدى سيعود إلى أرض الوطن، فها هو سامي السعيدي والذي لا نعلم أين مصدر قوته في جسمه الضئيل يتفوق على نفسه ويحرز بطولة سباق الماراثون "اوربانألترا" برأس الخيمة بعد أن قطع مسافة 100 كلم في 11 ساعة و36 دقيقة وسط ذهول الجميع كما وحقق عاطف البلوشي أحد أبطال كمال الأجسام بطولة العالم بأستراليا، وتوج من قبل الرياضي والسينمائي والسياسي الشهير أرنولد شوارزينجر ويزف أحمر الشواطئ خبرًا من الدوحة مفاده أنّ العمانيين حجزوا مقعدًا لهم في كأس العالم لكرة القدم الشاطئية بفوز مستحق على الشقيق اللبناني ليضربوا موعدًا في النهائي، وحتى كتابة أسطر هذا المقال مع المنتخب الياباني ليتنافس المنتخبان على بطولة آسيا، وقبل ذلك بدقائق معدودة فاز الأحمر الأولمبي العماني هو الآخر على نظيره اللبناني بالتصفيات الأولمبيّة المؤهلة للنهائيات الآسيوية وبرباعية نظيفة.

وقبل كل ذلك بيوم اكتسح الأحمر الكبير نظيره الماليزي وزار شباكه 6 مرات دون أن يتمكن الضيف من الرد ودعونا نتجاوز النتيجة كون الضيف ورغم تطور كرته إلا إنه ومع كامل التقدير والاحترام فهو من المنتخبات الوديعة ولكن التجربة معه وبعد العودة من آسيا ودخول الكرة العمانية في نفق حجب الثقة وانقشاع الغيمة السوداء وبهذه النتائج العريضة فإنّ ذلك يعني أنّ صوتا للنهضة نادى وصدح مجددًا يقول "أبشري قابوس جاء" ليتعملق العمانيون ويكتسحوا الميادين والملاعب ويبدو أنّ الأشقاء اللبنانيين وأصدقاءنا الماليزيين تصادفت مواجهاتهم مع الكرة العمانية في توقيت سيء بالنسبة لهم فهي اليوم تعيش روحًا معنوية عالية ولو قدر للاعبينا بشتى الألعاب أن يلعبوا في هذه الأيام فإنّ العنوان الأبرز سيكون "تألق الرياضة العمانية" والسبب معروف "عاد الأب القائد فعادت الروح لكل شيء" فهنيئا لعمان قائدها وهنيئا لهذا الهمام هذا الحب الصادق".

وليس هذا هو محور موضوعنا بل إنني شخصيا ألامس حراكا غير عادي يسري بأروقة ميادين ودهاليز الرياضة العمانية وكرة القدم أكثرها نشاطا ويبدو أن اتحاد اللعبة كان بحاجة لأن يدخل في نفق أزمة حجب الثقة مع الجمعية العمومية من بعض أعضائه والذين يحسب لهم أنّهم حركوا المياه الراكدة ليتحرك اتحاد الكرة في كل اتجاه من أجل إعادة الثقة فيه وهناك فيما يبدو حزمة من القرارات والإجراءات لتصحيح المسار وإنعاش كرتنا وبما يضمن تواجدها في المحافل الدولية.

وبالأمس فقط عقد اجتماع الجمعيّة العمومية لاتحاد الكرة وأعلن من خلاله قبول عضوية نادي الوسطى والنظام الأساسي ومناقشة موازنة العام 2015 وإعادة ملف مدرب المنتخب الفرنسي لوجوين ومدير المنتخب لاتحاد الكرة لإقرار مصيرهما؛ الأمر الذي يعني استقرارا فنيا في حالة بقاء الفرنسي وخاصة أنّه لم يتبق على التصفيات المؤهلة لكأس العالم سوى أقل من 3 أشهر ويبدو أنّ الرجل كان بحاجة إلى نتيجة ماليزيا الكبيرة ولكن نقول له إنّ الاختبار الحقيقي سيكون أمام الجزائر أقوى منتخب عربي وأحد أصعب الفرق العالمية في 30 من مارس الحالي.

كل ما حدث في الأيام الماضية إنما هو "العذب الزلال" الذي يبشر بأيام رياضية جميلة قادمة وأنّ الرياضة العمانية قد تمرض ولكنّها لا تموت ويبقى أن يرتقي الإعلام الرياضي لمستوى الأحداث الرياضية فهذا واحد من أكبر علل الرياضة العمانية وأباطرة الإعلام الرياضي معنا أدرى من غيرهم بما يعانيه هذا المساق، والمؤلم أنّ صراعاتهم ومهاتراتهم والتي باتت مفضوحة ومكشوفة وخرجت عن الإطار العام للشخصيّة الإعلامية العمانية المعروفة وعلى القنوات التلفزيونية والإذاعية والمقروءة فضلا عن فضاء الإعلام الحديث وسلسلة مواقع التواصل الإعلامي كلها قد عمّقت أزمة الرياضة العمانية وبدلا من أن يلتفتوا إلى واجبهم الإعلامي وينهضوا بالإعلام الرياضي ويقودوه إلى مصاف وسنام "الإعلام الهادف" ويكونوا قدوة لتلاميذهم؛ فإنّهم آثروا الكيد لبعضهم البعض واشتغلوا بالبحث عن الأخطاء والهفوات بوسائل الإعلام ومن يقوم عليها رغم أن المولى سبحانه وتعالى عصم الأنبياء فقط من الخطأ.

لا يا أساتذتنا "ما هكذا تورد الإبل" وماذا تركتم للأجيال الصحفية والأقلام الجديدة إذا كانت القدوة والمنهجيّات بهذه الصورة ومع ذلك فإنّ هناك من خط لنفسه منهجا إعلاميًا راقيًا وانبرى يعمل بمهنية عالية فيكتب وينتقد ويوثق فبوركت مثل هذه الأقلام الراقية وإنني ومن منبر "الرؤية" أوجه نداء إلى الإعلام الرياضي بأن نرتقي جميعًا والحراك الرياضي الحالي حيث إنني ومع عودة القائد المفدى فإنني أستشرق أفاقًا رياضيّة جميلة لن تزهو صورتها إلا بآلة إعلاميّة رياضية قوية وعلى المؤسسات الإعلاميّة أن تنتبه لذلك وتمنح الأقسام الرياضية بها هامشًا إعلاميا وماديا أكبر ومساحة أكبر تساهم في وضع السلطنة الغالية في قلب الأحداث الرياضية العالمية فهل من مجيب؟

تعليق عبر الفيس بوك