جلالة السلطان .. إسهام فعال في تعزيز السلام
الرؤية الإستراتيجية لجلالته تتيح للسلطنة الإسهام في تحقيق الاستقرار بالمنطقة
السلطنة أثبتت دوما قدرتها على الإسهام الإيجابي في تهيئة سبل التقارب والحوار لحل الخلافات والنزاعات
اللقاءات الأمريكية الإيرانية في مسقط نموذج لنجاح السلطنة في تقريب وجهات النظر بين الفرقاء
مسقط - العمانية
ليس من باب المصادفة أن تتجه أنظار الكثيرين إلى عودة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم- حفظه الله ورعاه- إلى أرض الوطن بعد انتهاء برنامج العلاج الطبي في جمهورية ألمانيا الاتحادية بنجاح تام وما يمكن أن تسهم به هذه العودة من أجل تحقيق واستتباب السلام والاستقرار في المنطقة واحتواء المخاطر والتحديات التي تتكالب عليها .
ومما له دلالة عميقة أن يعبر الكثيرون من قادة المنطقة والعالم عن سعادتهم وتهنئتهم لجلالته بتمام الصحة والعافية وأن تعرب كثير من وسائل الإعلام العربية والدولية عن دقة وتعقيدات ومخاطر التطورات التي تمر بها منطقة الخليج العربية والمنطقة العربية بوجه عام وحاجتها الشديدة إلى جهود واعية وحكيمة وصادقة ومخلصة من أجل العمل على احتواء تلك المخاطر .
ومع التأكيد على أنّ السلطنة التزمت وتلتزم دوماً بمبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الخارجية والتعاون بحسن نية مع جميع الأشقاء والأصدقاء في المنطقة والعالم من أجل تحقيق المصالح المشتركة والمتبادلة والالتزام بقواعد القانون والشرعية الدولية في كل خطواتها ومواقفها إلا أنها شعور منها بمسؤوليتها حيال دول وشعوب المنطقة وإيمانا من لدن جلالة السلطان المعظم - أيده الله - بأهمية وضرورة بذل كل جهد ممكن لصالح دول وشعوب المنطقة .
ولا تتردد السلطنة في القيام بكل ما يمكنها من إسهام خير ومساع حميدة للتقريب بين مواقف الأطراف المتنازعة ومحاولة إقامة جسور التواصل والحوار فيما بينها تحقيقاً لفهم أفضل وبحثاً عن نقاط التقاء تسمح باحتواء النزاعات وحل الخلافات وإعطاء الفرصة لاستتباب السلام والاستقرار في هذه المنطقة، التي عانت على امتداد العقود الماضية من ويلات الحروب والنازعات المتواصلة التي تدفع شعوب المنطقة ثمنها حتى الآن
وبفضل رؤية وبعد نظر جلالة السلطان المعظم وإدراكا لأهمية السلام والأمن والاستقرار كقاعدة وشرط لا غنى عنه للتنمية والبناء سواء على مستوى الدولة أو على مستوى الإقليم جعلت السلطنة، من نفسها دولة سلام تؤمن وتعمل من أجل تحقيقه وتقدم كل ما يمكنها من أجله بل وأعطت الكثير من النماذج العملية في مواقفها وممارساتها وعلاقاتها مع الأشقاء والأصدقاء على امتداد العقود الماضية .
سلام الأقوياء
ولم يكن نجاح السلطنة في الوصول إلى اتفاقيات دولية لتحديد وترسيم الحدود مع كل جيرانها على قاعدة "لا ضرر ولا ضرار" سوى جانب واحد من الجوانب المضيئة في هذا المجال خاصة وأن مناطق الحدود العمانية مع كل الأشقاء والأصدقاء أصبحت معابر خير وجسور مودة وطرق تعاون مثمر ليس فقط للشعب العماني والشعوب الشقيقة والصديقة المجاورة ولكن أيضًا للعديد من الشعوب الأخرى حيث تحولت السلطنة بحكم موقعها الاستراتيجي إلى محور لوجيستي بالغ الأهمية في تعزيز وتطوير حركة التجارة والنقل بين منطقة الخليج والعالم على أن عمل وسعي السلطنة من أجل تحقيق السلام والأمن والاستقرار في هذه المنطقة الحيوية وإيمانها العميق بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى واحترام سيادتها جعلها ترفض في الوقت ذاته وبقوة أيّ تدخل في شؤونها الداخلية أو المساس بسيادتها .
وتعمل السلطنة دوماً على حماية أراضيها ومصالحها الوطنية والدفاع عنها في مواجهة أية محاولات للمساس بها فالسلام الذي تؤمن به وتعمل من أجله هو سلام الأقوياء القائم على الاحترام المتبادل وحسن الجوار دوماً وفي كافة الظروف .
وبينما اعتادت السلطنة وبتوجيه من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم- حفظه الله ورعاه - أن تعبر عن مواقفها وسياساتها بصراحة ووضوح وبالكلمات نفسها داخل الغرف المغلقة وخارجها مع التسامي عن الصغائر والعمل بهدوء ودون ضجيج وبشكل مخلص من أجل تحقيق المصالح الوطنية والمصالح المشتركة مع الأشقاء والأصدقاء في المواقف وإزاء التطورات المشتركة مع نبذ المقاطعة كأسلوب في التعامل مع الأشقاء بشكل خاص إيمانًا بالقدرة على تجاوز الخلافات وضرورة ذلك في النهاية فإنه لم يكن مصادفة أبداً أن تكتسب السلطنة على مدى العقود الماضية ثقة ومصداقية عالية لدى كل الدول الشقيقة والصديقة في المنطقة وخارجها وأن تحظى القيادة الحكيمة بتقدير رفيع على مستوى القادة والشعوب أيضًا خليجية وعربية وعلى امتداد العالم من حولنا .
وقد أثبتت السلطنة دوماً وفي العديد من المواقف وفي مواجهة تطورات خليجية وعربية ودولية صعبة ومعقدة قدرتها على الإسهام الإيجابي في تهيئة سبل التقارب والحوار وإفساح المجال أمام التقاء الأطراف المتنازعة والمتباعدة ومن ثم فتح الطريق أمام حل تلك الخلافات والنزاعات .
إسهام إيجابي
ولم تكن اللقاءات الأمريكية / الإيرانية في مسقط على سبيل المثال والتي مهدت لاتفاق سبتمبر 2013 بشأن البرنامج النووي الإيراني الذي مهد هو الآخر للمحادثات الجارية الآن وما يمكن أن يتم التوصل إليه من اتفاق في صالح كل الأطراف سوى نموذج أو حالة واحدة من حالات ونماذج عديدة نجحت فيها السلطنة في الجمع بين الأشقاء وبين أشقاء وأصدقاء لكن السلطنة لا تحبذ الحديث عن ذلك ويكفيها أن تشعر الأطراف الشقيقة والصديقة بما تقوم به وأن تتحدث هي عنه إذا أرادت أو رأت ذلك.
وإذا عدنا بالذاكرة إلى الأحداث والتطورات التي مرت بها منطقة الخليج أو المنطقة العربية على مدى العقود الأربعة الماضية سنجد أن الإسهام العماني كان دوماً إسهاماً إيجابياً ومفيداً بطلب أو توافق بين الأطراف المعنية ورغبة وترحيب منها أيضًا حيث اعتادت السلطنة ألا تفرض أو تقحم نفسها في مشكلات الآخرين وإن كانت تهتم بالضرورة بها نظراً للترابط الوثيق بين دول وشعوب المنطقة والتداخل بين مصالحها كدول وشعوب أيضاً في الماضي والحاضر والمستقبل .
الرؤية الإستراتيجية
ولعل هذا الوعي والرؤية الإستراتيجية التي امتلكها جلالة السلطان قابوس - أعزه الله - وإحاطة جلالته بطبيعة التطورات والتحديات التي تواجه دول وشعوب المنطقة وإحاطة جلالته بتطور التاريخ العماني أيضًا فضلاً عن القيم والتقاليد العمانية في التعامل مع الآخرين هو ما وفر للسلطنة قيادة ودولة القاعدة الصلبة للقيام بهذا الإسهام الإيجابي النشط والملموس لتحقيق أفضل مناخ ممكن لتحقيق الأمن والسلام والاستقرار وتجاوز الخلافات والتحديات التي باتت تفرض نفسها على المنطقة وشعوبها .
وفي ظل الظروف والتطورات الراهنة وما تنطوي عليه من تعقيدات ومخاطر فإنّه من الطبيعي أن تتجه الأنظار إلى قيادة لم تبخل يوماً بتقديم كل ما يمكنها لصالح دول وشعوب المنطقة خاصة وأنها قيادة يلتقي الجميع على تقديرها والثقة فيها وفي تقييمها لما يجري .. ولذا سعد الجميع بعودة جلالته مكللاً بالصحة والعافية .. حفظ الله جلالة سلطان البلاد المفدى - أبقاه الله - قائداً لعمان وذخراً للشعب العماني ولشعوب المنطقة كافة.