"قابوس الله ينصره"

 

إيمان بنت الصافي الحريبي

في حياة كل أمة وفي تاريخ أيّ شعب لحظات فارقة ونقاط تحول ورجال تصبح البلاد والشعب بعدهم ليست كما كانت. وبرأيي أن ذلك لا يتأتى إلا بفضل وجود رؤية إستراتيجية شاملة تُخلق وترسم ملامحها في فكر القيادة لتترجم إلى رؤى وأهداف سامية تصل إلى مرتبة المعتقدات الراسخة التي تؤمن بها هذه القيادات أيّما إيمان، وتسعى إلى تحقيقها دونما كلل أو ملل، وتبذل لتحقيقها كل غالٍ ونفيس. وذلك في تجرّد تام وإخلاص للأمة والشعب تروم رفاه ذلك الشعب دونما غاية ذاتية أو شخصية. هذه هي الرؤية السامية الحكيمة لمولاي حضرة صاحب الجلالة - حفظه الله ورعاه - فلقد وضع جلالته صورة لعمان الحاضر والمستقبل وذلك منذ انبلاج البدايات الأولى للنهضة. وإن ما تشهده السلطنة في هذا العهد الزاهر الميمون ما هو إلا ثمرة لتلك الرؤية التي تهدف إلى بناء الإنسان والمكان من خلال التدريب والتعليم والتوعية وبناء المواطن الصالح وفق فلسفة تربوية تتجاوز اعتبار التعليم هدفًا في حد ذاته، وإنما اعتباره أداة تجعل الإنسان يميز بين الخير والشر والحق والباطل وأن يتمكن من الاعتماد على ذاته، فيكون بشراً يحمل قيم الأصالة والمعاصرة، وقادرًا على اكتساب العلم والقيم الروحية الفاضلة التي تعد قيمًا هامة لتحقيق التقدم وتلاحم النسيج الاجتماعي واستقراره.

إنّ ما نعيشه اليوم على أرض عمان الحبيبة في هذه الأيام هو نتاج هذه الرؤية التي عبَّر عنها العمانيون ورد الجميل للقائد الذي ركز على بناء الشخصية العمانية المحبة لقائدها وأرضها فاستنهضت هذه الأيام الاستثنائية همم الأبناء وخرجوا تدفعهم أشواقهم لأبيهم وعرفانهم بجميل لهم طوال العقود الأربعة الماضية لتعبر عن تلاحم القائد والشعب وتسطر أبرز قيم الولاء والانتماء للوطن وعناوين عمانية للوحات التعايش والفضيلة والتسامح كقيمة حضارية مميزة للمجتمع العماني صقلها فيهم تربية الأب القائد وهو يتقدم الصفوف العمانية والعالمية كنموذج رائد حكيم استطاع وبكل جدارة أن يجمع شعبه حوله، وفق رؤية عينها على التطور ولكن لا تتعدى الثوابت والأصل فمضت المسيرة بانفتاح محسوب على التنمية والعالم وعكس الهوية الثقافية العمانية المتمسكة بعاداتها وتقاليدها وتمزج ما بين الموروث التاريخي الجيد وروح العصر. إنّها الرؤية والمبادئ والثقة، فجلالته يقول "إنني أشعر بأني صاحب رسالة ولست صاحب سلطة، لذلك ترى وقتي مكرسًا من أجل عمان وأهلها" ومفاد هذا أنّ جلالة السلطان يرى شعبه الوفي في أولوياته فوعد بأن تشرق شمس جديدة على عمان وأوفى بذلك حقاً وصدقًا فنأى بعمان عن الصراعات على مبدأ " لا ضرر ولا ضرار" ونبذ التطرف ونباتاته الكريهة السامة وجعل من عمان دولة صديقة للعالم.

هذا الفكر والرؤية السامية التي تبلورت منذ أن كان يرسم ملامح النهضة وهو في صلالة وذكر بها في النطق السامي في مجلس عمان إبان احتفال السلطنة بالعيد الوطني الأربعين لافتًا - أبقاه الله- إلى "رمزية ودلالة المكان، دلالة على اتصال الماضي والحاضر منذ فجر النهضة حيث تكونت الأفكار والرؤى لمستقبل عمان ليكون هذا الوقت وفي هذا التزامن مرآة عاكسة لرؤية جلالته المستقبلية لعمان خلال المرحلة القادمة" .

وعلى إثر هذه الدلالات أسوق دلالة أخرى توضح عنوان مقالي هي دلالة معنوية تعبر عن فرحة آبائي في صلالة عندما خرجوا جميعًا وهم يتغنون بهذه العبارات بنغمات جميلة وخطوات فرح طال انتظاره وهم يرددون " قابوس الله ينصره ... والشعب كله عسكره" بعد تلقيهم لهاتف بشرى السبعين وتولي جلالة السلطان المعظم - حفظه الله ورعاه - الحكم في البلاد. الآن عرفت معنى هذه العبارات وسبب تناقل الأجيال لها جيلا بعد جيل وعرفت لماذا كان والديّ - رحمهما الله - يرددانها لدى سماعهم لخطاب القائد - حفظه الله ورعاه - أو رأوا صورة له في صحيفة أو تلفاز وعرفت أن هذه الكلمات حُفرت في القلوب وارتبطت بمعاني الحب واللحمة الشعبية والالتفاف الدائم حول القائد -أيده الله- .

إن رد الجميل الآن يكون بالعمل الجاد المخلص، ويكون بمضاعفة الإنتاج والمحافظة على المكتسبات والمنجزات العمانية التي شيدها هذا الرجل العظيم - أبقاه الله - ولنكن عوناً له كما وثق فينا ورسم لنا شعاع من نور نحو التنمية نزيد هذا الشعاع ألقاً ووهجا بأن نكون أوفياء نواصل المسيرة التنموية بكل عزم وروح إيجابية وعطاء.

 

تعليق عبر الفيس بوك