في حبك سيدي

آمال الهرماسية
قيل لي،، الا تكتبين،، الا تعبرين،، الا ترين زلزلة الاحاسيس من حولك،، أفلا تشعرين،، قيل لي أين تلك العبارات التي ببراعة تنظمين فمشاعر وضعف وقوة وشوق وخوف تلخصين،، وفرحة ودموع تنحدر حبا وحنين،،
قيل لي،، وقيل،، فلا رد أرتئي غير لطف من المولى أرتجي بارتعاش يدي ودوي خفقان قلبي وحرقة دمعة منهمرة من عيني،، فما أشقاني،، وقد أخذ مني الشوق مأخذه في الغياب وعصف بي الحنين والوله فأفقدني حسي ورشدي وادراكي عند الحضور،،
جاءني اللوم عتابا،، فاهتز قلمي له جوابا،، ففي غيبوبة من أمري وجدني لائمي،، أنظر فلا أرى وأسمع فلا أعي،، كمن هاله سحاب صيف ألم بأرض قاحلة فرواها فنمت فأنبتت خيرا عم أرجائها،، وكمن عجب لنور شق ظلمة فتبددت عتمة ونشرت ضياءا استبشرت به أنفس مزقتها وحشة المكان وغربته وانعدام الروح فيه،، وكمن تحركت أمامه جثة هامدة لا روح ولا حياة ،، نُفخ فيها فعادت تدب فيها بعض الحركة بمعجزة لا يقدر عليها غير ذي الطول القدير،، وكمن لفى غريقا غادرته انفاس الحياة فجفت شرايينه وامتلأت ماء واحتبست في عروقه نبضات الأمل فتحولت زرقة قاتمة تنادي الموت وفي قشة وجد الأمل والنجاة فعادت الانفاس أدراجها تورد وجنتيه بعد شحوب أنذر بالفناء،
لائمي،، فيما تلمني،، في حب تغلغل فتمكن ،، أم في عشق نال مني وعلى القلب تربع،، أم في شوق سلب العقل مني فأمسى القلب في سهو متجهما،، ام في ولاء اعتنقته بوعي فكبلني وملك العقل مني والقلب والايمان،، وله الفؤاد امن وسلم،، ولاء لأب أفنى العمر من أجل راحتنا،، وقائد بذل الغالي من أجل عزتنا،، وسلطان كرس ملكه لخدمتنا،، وعزيز منح الوقت والروح لرسم ابتسامتنا،، وابن بار كريم الطبع مخلصه،، قليل القول منجزه،، جميل الفعل متقنه،، بهي الخلق مشرقه،، كثير الكرم مغدقه،، سديد الرأي موثقه،، معتدل الحكم منصفه ،،
فيما اللوم لائمي،، ومن أين لي أن أوفي لومك حقه،، ها أنا ذا ان قويت أناملي المرتعشة على اعتصار جفاف قلمي،، فالدمع حجب السطور فأين تراني أخط دمع عين جفت حنينا واشتياقا،، وان تبادت لي بعض سراب الأسطر،، فمن أين لي بعبارات يستجمعها فكر تشرد انتظارا ورجاء،، وان جادت بنات الفكر بخاطرة فكيف لمحجر امتلأ حبا ترجمه دمعا أن يبدله حروفا وهو شتاتا،،
لم يكن يوما كباقي الأيام ،، شيء في الأفق ينذر بحدث مرتقب كان بالأمس بعيد المنال،، غيم مبشر تراكم حول شمس خجولة ونسمة فاترة حركت جذور أغصان انحنت انتظارا مريرا،، وفجأة،، وفي لحظات من الحيرة والترقب والتردد ،، بين تصديق وتكذيب وتفنيد وتأكيد سطعت شمس منعشة وهبت نسائم مفرحة واعتلت الوجوه بسمة مشرقة،، وتدفقت دماء الوطن في الشرايين مسرعة،، ولم نعد نسمع غير كلمة واحدة مدوية مخترقة الهواتف والأشخاص متعالية في الأفق والأجواء،، متراقصة بين شفاه وشفاه،، لقد جاء ! لقد جاء ! ،، الف مرة سمعناها،، والف مرة رددناها،، والاف المرات انتظرناها و تمنيناها ،، وعيت القلوب تدعو وترتجي،، وتتضرع وتستجدي،، من أجل ان تعيش تلك اللحظة وقد لاح في الأفق ذاك المحيا،، وظهرت للأعين تلك النظرة الحانية التي ألفتها القلوب قبل المقل، والتي كسبت بدماثتها حب شعوب ودول،، والتي سخرت لها بعدلها ورجاحتها قبائل وملل،، والتي طوعت لحكمها بلطفها كل من بحكمتها جهل،،
حللت أهلا ووطئت سهلا،، سيدي،، ما أسعد عمان بمقدمك الميمون ،، فقد رأيتُني حلما أمد لك يدي مبتسمة وهاقد أجبت يقظة وأتيتني بتلك الخطوات الواثقة التي كلما لامست بقعة استقبلها رملها مقبـّلا قدم الخير التي أفاضت على الدنيا من حولها ينابيع الأمل، هاقد تبادى لنا ذاك الوجه الجميل فكادت الأعين تخترق الأمكنة والحدود متمعنة مدققة في تفاصيل التفاصيل والألسن تلهج حمدا والقلوب تنبض رهبة والمشاعرتتضارب حبا،، فهل تعلم أن الثواني مرت في غيابك ثقيلة بائسة والأيام تتالت في بعادك موحشة قاسية،، والأعياد سمعنا عنها والأفئدة مثقلة عابسة،، هل تعلم سيدي اننا لا تحلو لنا الحياة الا بك،، ولا يطيب لنا العيش الا بوجودك بيننا،، واننا لا نجد للفرح طعما الا برؤياك،،
حب شعب انصهر بذات قائده وحبيبه وسلطانه حتى بات يتغنى بصفاته وانجازاته وجميل أفعاله،، كبيرا وصغيرا،، حب زرعه الله في قلوب كل من عرفك او سمع عنك او عاش تحت ظلك،،سيدي،،، حب صادق لا نفاق ولا رياء،، حب جامح لا يعترف بحدود ولا قيود،،
أبشري عمان،، قابوس جاء،، واستبشروا أهل عمان فالنور عاد ليضيء ربوع البلاد سهلا وبرا وبحرا،، والفرح أقبل يطرق أبوابنا ليرقص صغيرنا ويطرب كبيرنا،، وذاك الشعور الغريب بالراحة والأمان،، والأنس بالمكان والثقة والعزة والعنفوان،، وجميل العيش ورغده والاطمئنان،، ولكل ذلك اسم واحد وعنوان،، هو انت سيدي ومولاي ،، هو انت عز عمان ،، هو انت من حفظ لنا كرامة الكيان وعمق مبدأ عزة الانسان وشرف العيش وكريمه وأسمى معاني العطاء والوحدة وصلابة البنيان،، هو انت وليس غيرك،، قابوس ابن عمان وسيدها وسلطانها الفذ الهمام،،
سألوا عمان عن غائبها ،،فصدحت شامخة أنه الحاضر الذي لا يغيب ،، والنور والشمس والقمر والفرح والعيد والحبيب،، هو رمز الوطن ، له الحب الولاء،، وهو الأب ، وله الطاعة والسمع بلا رياء،، وهو القائد، وله النفوس فداء،، وهو منى الروح وبهجة العين وراحة الفؤاد ،، وطمأنينة البال ،، وهو المجيب عند كل نداء،، صدقتي عمان،، فها قد عاد ابنك الشهم،، بن الكرام،،
عود حميد سيدي،، فنحن والذي سخرك لشعبك وأبنائك نعمة ونورا وقابوسا نهتدي به ،، على عهدك باقون،، عود حميد يا من لك في الأفئدة حبا سرمديا،، مترسخا لحين الموت،، ولحين يبعث الميت حيا،، يامن ليس لك بين الملوك ولا السلاطين سميا،،
عود حميد،، فلا شقاء يعادل غيابك ولا عناء يوازي بعادك ولا ألم يقارن بوجدك واشتياقك ،،
ففي غيابك بلغ بنا الوجد أشده،، والشوق والحنين حده ،، حتى أمسينا وأضحينا كالكليل الى نظره يشتاق،، والعاشق الى مناه تعلق وتاق،، فلا الحياة حياة ولا عاد للفرح بسمة وأمنيات،،
فاضطرمت بأفئدتنا أسعرة الوجد،، واستوت في عيوننا الأيام كما وعدد،، أهلكنا السؤال فلا مجيب،، وأعيانا الترقب لعود الحبيب،، وأضنانا السهر وتمكن منا الأرق،، فلا من أنصف ورق ولا من لحالنا تفهم وأشفق،،
فالحمدلله أن جعل بعد عسرنا يسرا،، وبعد همنا فرجا،، وبعد معاناتنا نصرا،، الحمدلله أن جمع الأحبة بالحبيب،، فارتوت المقل برؤياك،، وهدأت النفوس بالنظر الى محياك،، وعادت الروح لأشباه الأحياء بعد لقياك،، الحمدلله أن عدت لوطنك سالما غانما معافى ،، فاهنأ سيدي بين حنايا الروح وانعم بروْح عمان وحنوها،، واسعد قريرا بين أحضانها،،
اعذرني لائمي،، ان لم أكتب،،ولن أكتب،، فأي الكلمات ستفي بوصف احساس شعب ذاب حبا وولاء في عشق سلطان لن يجود الدهر بمثله،، وأي كلم سيترجم ذوبانه ،، وأي حرف سيرسم روعة ذاك اللقاء الذي سيشهده العالم من حولنا محتارا منبهرا متسائلا متعجبا،، لن أكتب فقلمي منشغل يتراقص على صفحات دفتري فرحا بقدوم الغالي وعودة الحبيب،،فلطالما خط بدمع خجول " ياليت بين الأحبة تلغى الحدود وياليت بلاد الثلوج بوصلكم تجود"،، قلمي عصي،،لا يحركه أمر آمر،،ولا يكتب الا حبا،، ولا ينطق الا ولاءا،، ولن يجف الا فداءا،،
حفظك المولى سيدي ،، ولتباركك السماء،،عاهلا ممجدا ،، بالروح والنفس تُفتدى،،

تعليق عبر الفيس بوك