تأملات قرآنية (الحلقة الأخيرة)

هلال الوردي

قُلنا في الحلقة السابقة إنّ الله تعالى لم يذكر أنّه مالك الدنيا وإنما ذكر أنّه مالك يوم الدين وذلك لأنّ ملكه سبحانه للدنيا واضح فلا يمكن أن يكون لها أكثر من خالق ..(لَوْ كَانَ فِيهِمَا آَلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا).. (مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ)..والحقيقة أنّ كل ما في هذا الكون من أول ذرة إلى أبعد مجرة شاهد على وحدانية الخالق المبدع وهو الله وإن جحده الجاحد وخلقه دليل عليه فيا عجبًا كيف يعصي الإله ...أم كيف يجحده الجاحد
وفي كل يوم له آية .... تدل على أنه واحد
ولله في كل تحريكة ... وتسكينة أبدا شاهد
فالكون كله يدل على هذا الصانع المُدبر الخالق الحكيم سبحانه وتعالى لكن الله تعالى قال:( مالك يوم الدين) لأنّ كثيراً من النّاس لا يؤمنون بيوم الدين فهذا أمر غيبي فلذلك الله تعالى يقول لهم (أنا مالك لذلك اليوم) تأمل ..( لمن الملك اليوم لله الواحد القهار).. بعد أن يفني الله الكون بأسره ينادي المولى عزّ وجل لمن الملك اليوم فلا يجيبه أحد فيقول لله الواحد القهار وتأمل لمن الملك اليوم ..(الملك يومئذ لله يحكم بينهم) ..(قوله الحق له الملك يوم ينفخ في الصور) ..( وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدًا ولم يكن له شريك في الملك).

لا يشاركه أحد {قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء}
فمالك الملك هو الله سبحانه وتعالى ولكن الله سبحانه وتعالى يعطي بعض عباده الملك {تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شى قدير} قل الحمد لله قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك فالله تعالى يؤتي الملك بعض عباده ولكن هذا الملك ليس ملكًا مطلقًا، أولاً هذا الملك بيد الله تعالى وهؤلاء لا يستطيعون أن يتصرفوا في شيء ولو قبض الله أنفسهم لانتهى أمرهم ولزال ملكهم، وكذلك هذا الملك فيه ما فيه من التنغيص، اليوم تجد أحدهم يملك وبعد ذلك يسقط فإذاً هؤلاء يملكون فقط بتمليك الله عز وجل لهم وعندما ينزع الله تعالى عنهم الملك يؤتيه أحداً آخر فإذاً هم يملكون فقط في الظاهر، الله تعالى يقول:{يا قوم لكم الملك اليوم ظاهرين في الأرض فمن ينصرنا من بأس الله إن جاءنا}.
فلكم الملك اليوم فقط وهذا الملك فيه ما فيه من التنغيص أما الله تعالى المالك الحقيقي في هذه الدنيا وفي الآخرة لمن الملك اليوم؟ أذاً (الحمد لله رب العالمين * مالك يوم الدين) يوم الدينونة (إياك نعبد وإياك نستعين).
إياك نعبد العبادة هي مطلق الطاعة والعبادة هي ما افترض الله على عباده من أحكام يدخل فيها الصلاة والزكاة والصوم والحج والصدقة وبر الوالدين والإحسان إلى الجار وغيرها، إذن هي ما فرضه الله من أحكام على عباده (إياك نعبد وإياك نستعين) ذكرنا الاستعانة وقلنا لا يصح أن يستعين الإنسان إلا بالله تعالى تأمل {وإنّه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن} هل نفعوهم؟ كلا، بل بخلاف ذلك{فزادوهم رهقا}
أي أثماً وطغيانا وسفها فزادوهم رهقا.

تعليق عبر الفيس بوك