الكندي: شكر النعم يكون بالاستخدام فيما خلقت له وتسخيرها في طاعة الله

الرؤية - مالك بن أحمد الهدابي

قال الكاتب والداعية فيصل بن زاهر الكندي إن مفهوم شكر النعم يتعدى مجرد التلفظ باللسان، الى استخدامها فيما خلقت له وبتسخيرها في طاعة الله تعالى، مضيفًا هذا هو شكر النعمة الحقيقي..

وزاد: إنّ الكثير من النّاس يعتقد بأن شكر النعمة يقتصر على قول "الحمد لله رب العالمين" ويتناسى أنّ مفهوم الشكر أشمل وأوسع .. ويتجلى ذلك واضحاً في موقف سليمان عليه السلام مع النملة عندما قال:" رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِين".

وتابع الكندي: أن شكر النعمة باللسان فقط مع استخدام النعمة في معصية الله تعالى هو تناقض، بل يتعدى ذلك إلى الكذب على الله تعالى كأن يشكر الإنسان الله تعالى على نعمة المال وهو في الحقيقة يستخدمه في غير مرضاته تعالى، كأن يقامر به أو يتعامل بالربا ويتحايل به على الناس.. فشكر النعم يستوجب أن يتبع الشكر العمل الصالح فكما أن الإيمان مقرون بالعمل الصالح وكذلك الشكر مقرون بالعمل الصالح.

وشرح الكندي الطرق الصحيحة لشكر النعمة بالقول :إذا استيقظت في الصباح فاشكر الله تعالى على أنه رد إليك روحك بأن تعيش على منهج الله تعالى وسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، فهناك من نام ولم يستيقظ لأن روحه قد قبضت .. وإذا وقفت على قدميك ومشيت وحركت جسدك فاشكر الله تعالى بأن تمشي إلى الخيرات وأماكن الخير فهناك من أصيب بالشلل فلا يقوى على تحريك نفسه.. وإذا صليت الفجر في جماعة فاشكر الله تعالى بأن تواظب عليها وعلى جميع الطاعات لأن في لحظة سجودك هناك من يقامر ويعاقر الخمر ويعمل الموبقات .. وإذا رجعت إلى بيتك فاشكر الله تعالى بأن تعمر بيتك بذكر الله وتطبيق سنة الرسول صلى الله عليه وسلم لأن هناك من يعيش في البرد والخوف وبين طلقات النار بل وهناك من يطارد ويشرد ويدمر بيته ومزرعته ويذبح أبناؤه.. وإذا دخلت بيتك ووجدت زوجتك فاشكر الله تعالى على نعمة الزوجة بأن تكون لها كما تحب أن تكون لك لأن هناك من يتمنى الزواج ولا يجده بسبب غلاء المهور وتهور بعض أولياء الأمور أو لغير ذلك من الأسباب .. وإذا وجدت أطفالك أصحاء سعداء فاشكر الله تعالى بأن تربيهم تربية إسلامية تفخر بهم عند الكبر لأن هناك من أصيبوا بالشلل والتوحد وانفصام الشخصية والجنون.. وإذا ذهبت إلى عملك فاشكر الله تعالى بأن تكون مخلصًا في عملك وبأن تؤدي الأمانة التي بين يديك كما هو مطلوب منك لأن هناك من يبحث عن عمل لسنين طويلة ولم يوفق إلى ذلك. وإذا جلست على كرسي القيادة فاشكر الله تعالى باحترام قواعد المرور واحترام المارة لأنّ هناك من يتردد على سيارات الأجرة ويتخطى الشوارع بقدميه..

التفكر في النعم
وقال الكندي إنّ التفكر في النعم هو السبب القوي والمعين لاستخدامها الاستخدام الأمثل الذي يريده الله تعالى منِّا، حيث إنّ الواحد منِّا منذ الصباح إلى المساء يتقلب من نعمة إلى نعمة دون أن يشعر فجسم الإنسان وتكويناته وتفاصيله وهيئته وعمل كل جهاز ووريد وعضلة ودم وأنسجة ودماغ كلها عبارة عن عالم متكامل من النعم التي لا تعد ولا تحصى والتي لا نراها وربما لا نحس بها لكنها تعمل لا إرادياً ليلا ونهارا بأمر الله سبحانه وتعالى ورغم أننا مقصرون ونتعدى حدود الله تعالى أحيانًا إلا أنّه برحمته يمن علينا ويعطينا ويمهلنا ولا يفرق بين طائع وعاصٍ فالكل ينهل من معين الرحمن ومن خزائن الله تعالى. واختتم الكندي بالقول: ينبغي علينا أن نكون دائمًا شاكرين لأنعم الله سبحانه وتعالى قولا وعملا وأن نغرس مفهوم الشكر الحقيقي في قلوب الأبناء منذ نعومة أظفارهم حتى يشبوا على دراية تامة بالشكر الحقيقي للنعم لينتج لدينا مجتمع شاكر لله سبحانه وتعالى مسخرا بما أوتي من نعم لخدمة أبناء أمته ورفعة شأنه.



تعليق عبر الفيس بوك