منتدى الحكومة الإلكترونية 2015 والنموذج البحريني

عبيدلي العبيدلي

تنطلق صباح اليوم الأحد الموافق 15 مارس 2015 أعمال "منتدى البحرين الدولي للحكومة الإلكترونية 2015"، الذي يرافقه أيضا "تكريم الفائزين بجائزة التميز للحكومة الإلكترونية 2015".

وكما جاء في مطويات تسويق هذه المناسبة، فسوف يشارك في أعمال هذا المنتدى "أكثر من 700 شخص لحفل الافتتاح الرسمي، من داخل وخارج مملكة البحرين والذين سيحضرون خصيصاً لحفل الافتتاح الكبير، من بينهم حوالي 450 شخص لجلسات المنتدى في اليومين الأول والثاني، من مختلف دول العالم يتمثلون في خبراء من منظمة الأمم المتحدة والمنظمات العالمية الأخرى، إلى جانب كبار ممثلي الحكومات والشركات المتخصصة في مجال الحكومة الإلكترونية من مملكة البحرين والدول الأخرى المشاركة. وهناك أيضا حوالى 300 شخص لورش العمل التي ستدار على مدى الأيام الثلاثة التالية لجلسات المنتدى، يحضرها المتخصصون والمسؤولون في مختلف المجالات، ويقدمها أكثر من 20 متحدث".

وكسواه من الأعمال والفعاليات الناجحة، تواجه "المنتدى" البحريني مجموعة من التحديات، التي هي في جوهرها تحديات نمو وتطور يمكن إجمالها في النقاط التالية:

أول تحد يواجهه "المنتدى"، مصدره ذاتي، بفضل النجاحات المتكررة التي حققتها المنتديات السابقة، التي شارك فيها، بالإضافة إلى الخبراء المحليين، خبراء دوليين، لهم باع طويلة في مجالات الحكومة الإلكترونية المختلفة. يضاف إلى هذا التحدي الذاتي، تلك الإنجازات التي حققتها هيئة الحكومة الإلكترونية البحرينية في الفترة الأخيرة، ونالت بفضلها مواقع متقدمة من حيث تطور الخدمات، وجاهزية الإدارات. كل ذلك يضع هيئة الحكومة الإلكترونية في البحرين، أمام تحد مقاييسه عالمية، وليست محلية أو إقليمية.

ثاني تلك التحديات، ينبع من واقع ذاتي طارئ، مصدره التراجع الكبير الذي عرفته أسعار النفط، فمن المعروف أن الدولة قد اعتمدت 90 دولارا للبرميل " كسعر أساسي للميزانية العامة للسنتين الماليتين 2013-2014، بحسب الموقع الرسمي لشركة نفط البحرين ". هذا التحدي نوه له رئيس مجلس إدارة "بابكو" عادل المؤيد في مقابلة له مع إحدى الصحف البحرينية حين قال "إن انخفاض أسعار النفط لابد وأن يكون له تأثير على الميزانية العامة للمملكة على المديين القصير والمتوسط، حيث كانت الأسعار تبلغ 110 دولارات مقابل 60 دولاراً حالياً". ومن الطبيعي أن تكون هيئة الحكومة الإلكترونية، قد وضعت هذه السألة في عين الاعتبار وهي تضع اللمسات الأخيرة على برنامج المنتدى لهذا العام.

ثالث تلك التحديات يعود إلى الأزمة السياسية التي بدأت البحرين تتعافى منها، بعد أكثر من أربع سنوات من الشد والجذب، والتي من الطبيعي أن تكون قد تركت آثارها السلبية على الاقتصاد الوطني، حيث ساهمت كثيرا في هروب الرساميل المحلية والاستثمارات الدولية إلى أسواق دول قريبة، الأبرز من بينها دبي والدوحة. ومن الطبيعي، بل والمطلوب أيضا أن تكون هيئة الحكومة الإلكترونية قد أخذت الحالة السياسية التي تمر بها البلاد وهي تخطط للمنتدى، سواء عند توجيهها للدعوات، أو إعدادها لإقناع الرعاة بالمردود المادي والمعنوي لمشاركتهم، أو في خضم رسم بنود البرنامج.

مواجهة كل هذه التحديات، تشير كما تشهد بذلك، مسيرة هيئة الحكومة الإلكترونية بشكل عام، والمنتدى على نحو خاص، إلى أن "منتدى" هذا العام لا بد وأن يكون خطوة تقدم إيجابية على طريق النمو العام الذي شهده "المنتدى" منذ انطلاقته، وذلك للأسباب التالية:

1 - الالتزام المعنوي الذي قطعه على نفسه فريق اللجنة المنظمة لــ "المنتدى"، الذي يتقدم أفراده رئيس هيئة الحكومة الإلكترونية التنفيذي محمد القائد، الذي أخذ على عاتقه التأسيس لعمل حكومي متطور، حتى وإن كان بخطى بطيئة، لكنها راسخة ومتزنة. هذا ما شهدت له به محافل دولية مثل "جوائز الأمم المتحدة في مجال الخدمة العامة بكوريا الجنوبية، حيث حصل مركز الاتصال الوطني (البحريني) على المركز الاول في فئة (تشجيع التكامل الحكومي في عصر المعرفة)، وفوز النظام الوطني للمعلومات الصحية (I-Seha) الجائزة في فئة (تطوير تقديم الخدمات العامة على مستوى غرب آسيا)".

2- الخبرة المتراكمة التي باتت بحوزة اللجنة المنظمة لــ "المنتدى"، والتي استطاعت أن تحقق نجاحات ملموسة خلال السنوات الأربع الماضية، رغم الظروف الاستثنائية السلبية التي عرفتها البحرين خلال تلك الفترة. هذه الخبرة لم تعد محصورة في الجوانب التحضيرية، وإجراءات التنظيم، فحسب، بل تجاوزتها، وبدرجات عالية، كي تمس وبشكل ناجح قضايا أخرى، تجسدها، على نحو أوضح، ورش العمل المرافقة للمنتدى، حيث تتحول تلك الورش إلى ما يشمل خلايا النحل التي يمتزج فيها عرق الخبرة العالمية مع طموحات المؤسسات المحلية، فتأتي محصلتها تجربة غنية تثري السوق البحرينية تمده بقدرات جديدة تؤهله للاستجابة لاحتياجات السوق المحلية، من جانب، والدخول في منافسات خارجية على المستوى الإقليمي.

3- بناء العلاقة السليمة بين مثلث المجتمع المتمدن الثلاث: إدارات القطاع الحكومي، منظمات المجتمع المدني، شركات القطاع الخاص. حيث يتكامل حضور هذه الفئات الثلاث في مختلف أنشطة المنتدى، كي ينبثق عنها في نهاية الأمر النموذج البحريني في الفضاء الافتراضي، بكل ما يحتضنه ذلك الفضاء من منتجات وخدمات باتت ضرورية، ولا يستغني عنها المواطن الذي يؤهله "المنتدى"، كي يلج المجتمع المعرفي.

بقيت قضية في غاية الأهمية لا بد من الإشارة إليها والتوقف عند مدلولاتها الحالية القائمة، والمستقبلية القادمة، وهي ضرورة أن يتحول "المنتدى"، بعد كل تلك الإنجازات، التي قد تبدو للبعض أنها صغيرة، لكنها كبيرة على المستوى الكمي، ومتطورة على الصعيد النوعي، إلى نموذج دولي يستفاد منه على المستوى العالمي. قد يبدو ذلك حلما، لكن كل المشروعات الطامحة تبدأ في صورة أحلام، ومن حق الطموح البحريني أن يحلم، ومن واجبنا جميعا أن ننقله من حدود الجزر الضيقة إلى فضاءات العالمية الرحبة.

تعليق عبر الفيس بوك