سلطنة عمان السيناريو الكبير-2

هيثم سليمان

سيناريست سينمائي وتلفزيوني

Careless7@hotmail.com

الطبيعة

بعد أن تطرقت إلى العامل الأول - الإرث- من عوامل جذب كُتاب السيناريو للاشتغال على سلطنة عمان سينمائيا , سأكمل المشوار اليوم للحديث عن العامل الثاني والأخير والذي هو ليس بغريب ولا بعيد عن الأعين إلا لمن لم يزر سلطنة عمان من قبل أو لم يرها عبر وسائل الاعلام المختلفة.

من المعروف أن الطبيعة في بلد ما هي أحد مقومات الجذب السياحي كما أنّها تشكل القالب الجاذب لاحتواء أي فنان وأي عمل فني لاسيما أنه توافر فيها من الجمال والاختلاف الشيء الكثير. لست بصدد شرح - لا مدح - كم هي جميلة طبيعة عُمان وما هي المناطق التي يمكن أن تسحر لب الزائز والمشاهد لأنّ مثل هذه الديباجات تتوفر وبشكل أجمل في كتب الدليل السياحي ومواقع الانترنت والخرائط الطبوغرافية الطبيعية ولكني أركز في حديثي في هذا المقال عن الجوهر الذي يميز طبيعة عمان عمّا جاورها من الأقاليم ألا وهو الاختلاف.

بين السهل والجبل , البحر والصحراء, القفار والجبال الخضراء, الأودية والجزر الصغيرة, هنالك مشاهد يصعب أن تبقى حبيسة الفراغ أو تختبئ عن أعين الفنان. تلك العين التي تقدر فعلا تماهي الجمال في عالم متفرد تختلف تفاصيله وتتنوع, تتشعب وتتناثر في لوحات جميلة مرسومة بريشة مبدع أو صورة سرقت من جمال الوقت لحظة أو فيلما سينمائيا تتحدث فيه الصورة والمكان مع حوار الإنسان. إنّها طبيعة عمان التي لطالما كانت وكما تزال تسحر لب كل من يراها فما بالك بمن يملك الحس الفني وما بالك بمن يجيد الاشتغال في الفن السابع كاتبًا كان أم مخرجًا.

إنّه ليس من باب المصادفة ولا المجاملة أن تأتي "بوليوود" مثلا لتصوير عدة أفلام سينمائية في عُمان. وليس من داع للاستغراب ولا للتندر - مثلما قد يتبادر إلى ذهن بعض الجهلة - إن قلت إنّ هوليوود ستحذو حذوها قريبا يوما ما في ظل البحث المستميت المحموم لمنتجي ومخرجي السينما الأمريكية عن مواقع تصوير جديدة ومختلفة بعدما تشبعت الأفلام الأمريكية - التي لا تقع ضمن فئة الخيال العلمي المصنوعة بالتقنيات كليا- وبشكل متكرر من مواقع التصوير التي استهلكت حتى لم يبق فيها تقريبًا ما يمكن أن يصوّر. باب الصناعة السينمائية مفتوحٌ على مصراعيه لا تقيده حدود جغرافية ولا رحلات طويلة بالطائرات طالما وجد الشغف والبحث عن الأجمل والأنسب.

ومثلما أقول أنّ عمان بطبيعتها الساحرة المتنوعة من مسندم إلى ظفار قادرة على اجتذاب مخرجين ومنتجين وكتاب سيناريوهات من الخارج, أعود وأنوه إلى أهميّة أن تتلقف هذه الطبيعة وتتعامل معها بحرفية وحنكة أياد صناع سينما عمانيين يحيط يقبعون في جنة خصبة للاشتغال السينمائي إذ أنه ليس من المنصف فعلا أن يأتي يوم يأخذ فيه صناع السينما العمانية حصة زهيدة من الاشتغال السينمائي العالمي على طبيعة سلطنة عمان سينمائيا. وهنا يأتي السؤال الذي لابد أن يأتي في مرحلة ما "لماذا لا نزيد من جرعات كتاب السيناريو المشتغلين على موروث وطبيعة عُمان سينمائيا؟" هل هو تقاعس من هؤلاء الكتاب؟ هل هي صعوبات مؤسساتية؟ هل هي عدم خبرة وكفاية للجود بنص جيد؟

تتعدد الأسباب لكننا في طور الحصول على نتيجة واحدة عما قريب وأتمنى أن نكون نحن أحد الأطراف الأقوى فيها كمشتغلين سينمائيين فيها وليس مجرد حامل كاميرا ينتظر في الزاوية إشارة بإحضار الكاميرا.

تعليق عبر الفيس بوك