البعض يعتبر ما يجري حاليا في أسواق النفط حرب أسعار سياسية أكثر منها اقتصادية
المرجح أن تظل أسعار النفط ما بين 40 و 60 دولارًا للبرميل حتى يونيو 2015
لابد من إيجاد استراتيجيّات مقبولة اجتماعيًا وسياسيًا واقتصاديًا لمعالجة آثار انخفاض الإيرادات النفطية
د. أحمد بن علي المعولي *
تشير توقعات الأمم المتحدة إلى أن نمو الاقتصاد العالمي سيكون حولي 3 % في عامي 2015 و2016، لكن هذا النمو سيكون متفاوتا في بعض مناطق العالم، ويرجع تباطؤ التعافي إلى تباطؤ النمو في اقتصادات الأسواق الصاعدة والصين واليابان وتأثير الصراعات الجيوسياسية على الأسواق المالية وأسعار النفط .
وفي منطقة الشرق الأوسط سيحدث انتعاش تدريجي ستبلغ نسب النمو (3.1%) في 2014م و (4.8%) في 2015م ومتوسط معدلات النمو المتوقعة لدول الخليج خلال 2015 حوالي 4.5% ولكن تبقى هذه التوقعات رهناً بالتطورات الجيوسياسية من تأثير الانخفاض المستمر في أسعار النفط. وقد كشف البنك الدولي أن دول مجلس التعاون الخليجي الستة ستتكبد خسائر بنحو 215 مليار دولار من العائدات النفطية خلال 6 شهور في حال ظلت أسعار النفط حول 50 دولارا للبرميل، أي أكثر من 14٪ من إجمالي ناتجها المحلي مجتمعة.
وتعرضت أسعار النفط للعديد من الصدمات وعدم الاستقرار في الأسعار منذ 1973 والتي وصلت إلى أكثر من 7 صدمات، حيث ارتفع السعر من حوالي 2.29 دولار للبرميل إلى حوالي 147 دولارا للبرميل في منتصف عام 2008 إلى 42 دولارا للبرميل في يناير 2015 وربما يصل إلى أقل من 30 دولارا مستقبلا، مما يؤكد على أهمية إيجاد بدائل دائمة عن إيرادات النفط.
حاليا تتراجع أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها منذ أربعة أعوام وخسرت ما يقارب 60% من قيمتها (43 دولارا) وربما ستصل إلى ما بين 60 دولارا و 40 دولارا للبرميل من وقت إلى آخر، وذلك بسبب الإشكاليات الجيوسياسية وحرب النقد ووفرة العرض وانخفاض الطلب والتوقعات السلبية لنمو الاقتصاد العالمي وبالأخص في اليابان والصين. وقد جاءت دول مجلس التعاون الخليجي في مقدمة الدول المتضررة من انخفاظ أسعار البترول، وأكثرهم تأثرا مملكة البحرين وسلطنة عمان، حيث ينخفض إنتاجهما النفطي إلى الحد الذي يؤثر على وضع موازناتهما المالية، وذلك في ظل الاعتماد الكبير على الإيرادات النفطية وضعف التنويع الاقتصادي أمّا الدول الأعضاء في منظمة أوبك وهي السعودية والإمارات وقطر والكويت، حيث تنتج مجتمعة حوالي 16 مليون برميل يوميًا، أي أكثر من نصف إنتاج دول أوبك الذي يصل إلى 30,5 مليون برميل في اليوم، وتتسم هذه الدول بقوة موقفها المالي وضخامة احتياطاتها المالية، الأمر الذي يمكنها من الاستمرار في سياستها المالية التوسعية في المتوسط.
وحذر صندوق النقد الدولي السلطنة من أن برامجها المالية التوسعية ستؤدي إلى تحقيق عجز مالي هائل في ظل انخفاض متواصل لأسعار النفط، حيث تضع موازناتها المالية عند أسعار نفط تعادلية 85 دولارا غير معلن، وبالرغم من تلك الانخفاضات الحادة إلا أنّه لا توجد نيّة تغيير أنماط سياستها المالية التوسعية والاستمرار في النفقات الجارية حيث تمّ الإعلان عن موازنة 2015 مقاربة عن العام السابق بما يعادل 14 مليار ريال عماني، ولذا فإنّ الخيار المتاح أصبح من الضروري إعادة التفكير في مناهج الإدارة الحكومية الاقتصادية وتخفيض النفقات الحكومية وبالأخص الجارية والدعم بمختلف أشكاله، وذلك بجانب التفكير جديا في تنويع اقتصادها وتنويع إيراداتها المالية.
الاحتياطيات النفطية
نشرت صحيفة انترناشيونال بيزنس تايمز البريطانية تقريرا عن الموارد النفطية المتبقية في العالم حيث تبلغ 1,6 تريليون برميل تكفي لمدة 53.3 سنة وفقا لمعدلات الإنتاج الحالية. وارتفع حجم نمو الإمدادات النفطيّة بالأسواق العالمية خلال الخمس سنوات الماضية بنسة 10%، وذلك كأحد الأسباب الرئيسة في الانخفاض الراهن لمستوى أسعار النفط الذي تمرّ به الأسواق حالياً. وكانت الإمدادات قد ارتفعت من 83,3 مليون برميل يومياً في 2009 إلى 91 مليون برميل يومياً منتصف 2014 بحسب ما أوردته وكالة الطاقة الأمريكيّة ولكن التوقّعات تشير إلى أنّ الإمدادات النفطية في السوق حاليًا تبلغ أكثر من 94 مليون برميلويتوقع أن يكون الإنتاج خلال الأعوام القادمة متدرج وفي 2040 سيكون الاستهلاك العالمي 104 ملايين برميل وسيمثل النفط حوالي ربع مصادر الطاقة في العالم وتوقعت منظمة أوبك أن يستهلك العالم مزيدًا من الطاقة عام 2040 بنسبة 37%، غير أن ارتفاع الأسعار وتعزيز فعالية مصادر الطاقة سيحدان من نمو الطلب، على خلفية القلق المتزايد على إمدادات النفط.
تكلفة الإنتاج والاستثمارات النفطيّة
تكلفة الإنتاج الأولى تتراوح ما بين 4 إلى 6 دولارات للبرميل بينما تكلفة الإنتاج المعزز ما بين العشرة إلى اثني عشر دولارًا، و في حال تمّ احتساب ما يتم إنفاقه على المشاريع إضافة إلى التشغيل السنوي في القطاع وتمت قسمته على كمية الإنتاج فستصل النفقات من 23 إلى 24 دولارًا للبرميل الواحد. وحسب إشارة وكيل وزارة النفط والغاز في السلطنة فقد زادت النفقات التشغيلية لشركة تنمية نفط عمان بحوالي 40% ففي 2013 وصلت القيمة التشغيلية إلى بليون ونصف بليون دولار وستتجاوز في العام 2022 بليوني دولار.
وفيما يتعلق بالاستثمارات النفطية العالمية فإنّحوالي 900 مليار دولار من الاستثمارات السنوية العالمية تعتبر ضرورية حتى سنوات 2030 لتطوير الإنتاج في قطاعات النفط والغاز بغية تلبية ارتفاع الطلب العالمي، لكن من غير المؤكد أن تتحقق هذه الاستثمارات في ظل انخفاض حاد لأسعار النفط، وتعقيد تطوير الحقول في المياه العميقة في البرازيل، وأيضا بالعقوبات الغربية المفروضة على روسيا وإيران وضعف الاستقرار في الشرق الأوسط. وفي هذه الحالة سينقص الإنتاج مما يرفع ذلك أسعار النفط مستقبلا. وعلى السلطنة أن تقدم شروطًا مغرية لجذب استثمارات من شركات النفط العالمية.
وأحدثت الولايات المتحدة الأمريكية طفرة عالميّة بتحويل الصخور الزيتيّة إلى غازات وسوائل نفطية وسوف يستمر النمو في إنتاج الغاز الصخري ليصل إلى 53% من إجمالي الغاز الطبيعي المنتج في عام 2040م.
واستبعد مختصون نفطيون قدرة 98% من شركات النفط الصخري مواصلة الإنتاج في ظل انخفاض أسعار النفط حيث تتساوى فيها التكلفة والعائد، ولكن إلى حينه غير واضح التكلفة الحقيقية ويقال بين 28-75 دولارا للبرميل واستثمر في أمريكا بمفردها نحو 500 مليار دولار في مجال البنية التحتية والسبب أنّ أسعار النفط كانت مرتفعة تغطي تكلفة إنتاج النفط الصخري.
أسباب نزول أسعار النفط
يعتبر النفط سلعة استراتيجية تحكمها أبعاد اقتصادية وسياسية وأمنية، وما يجري حاليا في أسواق النفط البعض يعتبره "حرب أسعار سياسية أكثر منها اقتصادية" لمعاقبة روسيا اقتصادياً بسبب الأزمة في أوكرانيا ورغبتها في التوسع عالميا، وكذلك من أجل معاقبة إيران وأصبح النفط كسلاح سياسي واقتصادي لبعض الدول المؤثرة في الإنتاج والتي تحكمها مصالح داخلية وخارجية تسعى للحفاظ على حصتها السوقية وتحقيق أهداف سياسية أكثر من الحفاظ على السعر. إذ أنّ توقع اتجاه الأسعارسيكون حتمًا أصعب إذا كانت الأسباب المرجّحة سياسية بسبب صراعات محاور متنافسة، ففي تلك الحالة يكون تراجع الأسعار ذو علاقة بلعبة توازنات سياسية (لعبة عض الأصابع) من الصعب التكهن بمداها.
والجميع في حالة قلق وترقب، ومخاوف متزايدة من انخفاض أكبر في أسعار النفط قد يصل إلى أقل من 40 دولارًا لكن الحاجز الأساسي للنفط هو 60 دولار، وذلك نتيجة لتجاذبات سياسية ونقدية وتراجع الطلب العالمي ووفرة المعروض والخوف من حرب تخفيض في الأسعار بين الدول المنتجة والصراعات العسكرية في بعض الدول المنتجة كالعراق، وليبيا وغيرها، وإن لم تُسهم في رفع الأسعار كما كان متوقعاً؛ لأنّها لا تزال تُصَدّر نفطها باستمرار بأسعار أقل.
و من المتوقع ارتفاع الأسعار نتيجة الارتفاع المتوقع في الطلب نتيجة دخول فصل الشتاء، إضافة إلى التوجه المتوقع للولايات المتحدة لخفض سعر الدولار تجنبًا للعجز المرتفع في الموازنة بعد أن تنهي مغامراتها العقابية تجاه الروس، إضافة إلى كون الانخفاض الكبير للأسعار سيدفع الدول التي تتحمل تكاليف الإنتاج المرتفعة إلى خفض إنتاجها مما قد يتسبب في انخفاض في كميّة المعروض وتوقف الاستثمارات في النفط مما يوصل سعر النفط إلى اكثر من 100 دولار مستقبلا، وقد أعلنت "شيفرون" أنّها لن تستثمر سوى 35 مليار دولار في مشاريع الاستغلال النفطي في 2015، أي بتراجع نسبته 13 في المئة مقارنة بالعام 2014.
وأدّى انهيار أسعار النفط الخام إلى تراجع أرباحها العام الماضي بنسبة 10.2 في المئة ليصل إلى 19.24 مليار دولار. إلى جانب أن نزول الأسعار ليس في صالح أمريكا وأوروبا حيث إنها تستفيد من تدفق السيولة الناتجة من بيع البترول وكذلك أكثر من 80% من الشركات العاملة في النفط هي شركاتها إلى جانب الضرائب المستفادة من النفط حيث بلغت الأرباح الأساسية لشركة بي بي 2.2 مليار دولار لعام 2014م.
تراجع الاسعار
ماهو المدى الذي يمكن أن يصل إليه تراجع الأسعار؟ وأهم الآثار الاقتصادية لذلك على الدول المصدّرة للنفط؟
إذ أنّ البعض يرى ألا خطر من وصول الأسعار إلى مستويات متدنية؛ كأن تتراجع مثلاً إلى أقل من 30 دولاراً للبرميل؛ ففي ظل التكلفة العالية لإنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة والتي قد تصل ما بين 28- 70 دولاراً للبرميل. ومن المرجح أن تظل أسعار النفط ما بين 40 و60 دولارًا للبرميل حتى يونيو 20015م.
إلى أن يتضح تعافي الاقتصاد العالمي، أو إذا حدثت أزمة سياسية، أو إذا غيّرت أوبك سياستها الإنتاجية. من المستحسن أن يظل سعر النفط يلامس 50 دولارا حتى ندرك مرض البترول والعمل على وضع خطط اقتصادية فعالة ومهنيّة من قبل قيادات مهنية متخصصة وسيكون نزول أسعار النفط في الحدود المعقولة من الناحية الإستراتيجة لصالح الاقتصاد العالمي ويدعم الانتعاش العالمي ويدفع تنشيط التجارة البينية وكذلك سيحد من منافسة بدائل النفط كالفحم الصخري وبدائل الطاقة الأخرى وسيدعم زيادة الاستثمارات في تخفيض كلف إنتاج البترول.
علاقة الدولار بالنفط
وقد سجل الدولار الأمريكي أعلى مستوى في سبع سنوات مقابل سلة عملات وتؤدي قوة الدولار إلى كبح الطلب على النفط والسلع الأولية الأخرى المقومة بالعملة الأمريكية، إذ تصبح أعلى تكلفة للمشترين بعملات أخرى وهناك دول تحاول الإفلات من قبضة الدولار الأمريكي والهيمنة الأمريكية من خلال إنشاء بنك عالمي بعيدًا عن الدولار الأمريكي مرادف لصندوق النقد الدولي ومن هذه الدول البركس مع روسيا والبرازيل والهند وهذا من الأسباب الحالية لنزول أسعار النفط لثني روسيا الاستمرار في هذا الجانب.
والعامل المهم الذي يجب ألا نغفل عنه أنّ سعر صرف الدولار من صالح الولايات المتحدة (بالرغم من أنّها مستهلكة محليا)، ألا يبقى مرتفعًا حتى لا يؤثر ذلك على صادراتها ويزيد من عجزها التجاري وأن أمريكا ستسعى لخفض قيمة الدولار على ضوء التطورات السياسية في المنطقة، ومن المحتمل أي يؤدي انخفاض سعر صرف الدولار خاصة مقابل الين إلى زيادة أسعار النفط.
الآثار المتوقعة على الاقتصاد الوطني
إنّ الهيمنة الكاملة لقطاع النفط على اقتصادنا؛ إن بدا أنه أمر إيجابي؛ إلا أنّه تسبب أيضاً في تهميش شديد لقطاعات الاقتصاد الأخرى، بصورة جعلت من غير الممكن تفعيل هذه القطاعات وتعزيز جهود تنويع مصادر الدخل، وهذا أمر في غاية الخطورة؛ فعمر النفط مهما طال؛ فهو محدود، ولن يكون من الممكن تطوير مصادر بديلة للدخل، إن لم ننجح بذلك الآن، وقبل نضوب النفط بعقود. وتقدر نسبة مساهمة النفط في الناتج المحلي الإجمالي في السلطنة في عام 2013م حوالي 39%، وبلغت قيمة الصادرات النفطية حوالي 66%، وشكل النفط حوالي 85% من جملة الواردات الحكومية. وفي عام 1986م، على سبيل المثال، انخفض سعر النفط بحوالي 46% وعلى أثر ذلك انخفض الانفاق العام بحوالي 2% في نفس العام وبحوالي 15% في عام 1987م، وشهد الناتج المحلي الإجمالي انكماشا حقيقيًا بلغ حوالي 4% في1987م، في عام 2009م انخفضت أسعار النفط بحوالي 42% وأدى ذلك إلى خفض الإنفاق الحكومي بحوالي1% وإلى تحقيق نسبة نمو بلغت 1% فقط في الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بنسبة 13% في عام 2008م، إذا وبالنظر إلى حجم النفط في الاقتصاد وإلى حساسية الأنشطة الاقتصادية إلى تقلبات سعر النفط في السوق العالمي فمن من المؤكد أنّه إذا استمر سعر النفط في التراجع فإنّه سيؤدي إلى إعادة النظر في أولويات وبرامج ومشاريع التنمية وزيادة الإنفاق الحكومي المتكرر الذي يقدر بحوالي 65% من الموازنة العامة.
ومساهمة الخدمات قائم على النفط وحتى الصناعة جزء مهم منها قائم على وجود الصناعة النفطية. بمعنى آخر، إذا تمّ احتساب مساهمة النفط المباشرة وغير المباشرة في الناتج المحلي الإجمالي ستزيد على 74%، وقيمة الصادرات النفطية حوالي 66% وشكل حوالي 85% من جملة الإيرادات العامة في عام 2013م.
وانخفاض سعر النفط سيكلف السلطنة خسارة أكثر من 55 مليون دولار من الإيرادات المتوقعة يوميا. فماذا لو انخفض سعر برميل النفط إلى أكثر من ذلك؟. ولما كان التنبؤ بالتقلبات في الإيرادات النفطية أمرًا ممكنا وفقا للهزات النفطية منذ 1973، فلا داعي إذن أن نعطي أهمية مبالغ فيها للفائض والعجز في الإيرادات، بل يجب تركيز الاهتمام على معرفة أفضل السبل لتخصيص الإيرادات المتوفرة للاحتياجات الحالية والأهداف التنموية المستقبلية، وايجاد استراتيجيات مقبولة اجتماعيًا وسياسيًا واقتصاديًا لمعالجة آثار انخفاض الإيرادات النفطية. وهذا هو التحدي الحقيقي الذي يواجه الاقتصاد الوطني.
وإذا بقيت الأسعار في هذا المتوسط الحالي فلا بد أن تتأثر المصروفات العامة وتتأجل بعض المشروعات غير الاستراتيجية، تلافيا لارتفاع العجز المالي وبالتالي في ظل انخفاض أسعار النفط عن الأسعار الحالية في المتوسط إلى 80 دولارًا فإن العجز في الموازنة السنوية قد يصل إلى 3 مليارات ريال عماني، وكيف وصولها إلى 40 دولارا للبرميل الواحد فإنّ ذلك من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع العجز المالي وتفاقمه. فمن المتوقع أن يتأثر الاقتصاد الوطني بشدة جراء انخفاض الأسعار من خلال المحاور التالية: التأثير سلبًا على بند الإنفاق الجاري والتأثير سلبًا على الانفاق الاستثماري واتجاه الدولة إلى الاستدانة العامة، وفي حال الانخفاض الشديد لأسعار النفط واتجاه الدوله نحو الاقتراض خارجيًا فإنّ ذلك سيعرض التصنيف الائتماني للدولة للخطر. وفي الآونة الأخيرة خفضت وكالة ستاندر اند بوز التصنيف الائتماني لكل من مملكة البحرين وسلطنة عمان بدرجة واحدة. وتتأثر القطاعات الاقتصادية المختلفة وبدرجات متفاوتة. وشح القروض من القطاع البنكي لتمويل المشاريع بأنواعها مما يؤثر على الاستثمارات المختلفة. وانخفاض حجم وقيمة الصادرات الصناعية وصعوبة الحصول على التمويل الكافي للمشاريع الصناعية الكبرى. والأثر على الاستهلاك الخاص بسبب تدني الدخل وتآكل الثروة الناتج عن انخفاض سوق مسقط للأوراق المالية بأكثر من 17% وانخفاض قيم العقارات وقلة وضعف الاستثمارات الفردية. وتأثر وضع البنوك المحليّة بسبب تباطؤ النشاط الاقتصادي والتدني الائتماني وحركة الاستثمار وتأثر سوق مسقط للأوراق المالية، حيث تراجع أحيانًا لأكثر من 17%. ولا ينبغي أن تدخل الحكومة بتقديم دعم قوي للسوق لأن ذلك لن يطول في حالات النزول وستكون نتائجه غير حميدة.
من هنا يتضح أن هناك أبعادا مالية واقتصادية واجتماعية وسياسية كثيرة وستكون مؤلمة مستقبلا نتيجة اعتماد الموارد المالية العامة بشكل أساسي على النفط وعدم إيجاد بديل حقيقي دائم عن ذلك.
* عضو الهيئة الاستشارية العليا بالمعهد العربي للتخطيط بجامعة الدول العربية
ومستشار اقتصادي سابق في البنك الدولي في واشنطن.