الوزراء .. ومزيد من الصلاحيات

د. محمد الشعشعي

الوزير كما أشرنا في مقال سابق هو عضو في الحكومة يختلف نظام تعيينه من دولة إلى أخرى وفقا لنظام الحكم في الدولة وقانون الحكومة. وهذا ينعكس على الصلاحيات أيضا التي تمنح للوزراء، وكلمة وزير في الشعوب العربية لها ثقل كبير واعتبار معنوي معتبر، وبالأخص في دول الخليج؛ إذ يحظى فيها الوزير بمكانة عالية معنوية ومرموقة.

لهذا أي مقال نذكرفيه كلمة وزير ولو تلميحًا نتأكد من كثرة قرائه ومتابعيه لاعتبار أنّ الوزير أحد أعمدة الهكيل الحكومي، وعادة ما يكون مطلعا على قضايا وتطلعات الشعب، وعلى سياسة وتوجهات الحكومة؛ فضلا عن أنه قد يكون أحيانا شريكا في اتخاذ بعض القرارات أو في رفع بعض المقترحات.

الوزير.. هناك من يتطلع الى مقابلته، ومنهم من قابله أصلا لموضوع ما، وثالث ينتقد الوزير لعدم تحقيق ما يريد من مطالب، ورابع مرتاح من الوزير الفلاني ومن قدراته وإمكانياته، وخامس غير راض حتى على كل الوزراء لأنه يملك أساسا النظرة القاتمة السوداوية لكل شيء في الحياة بما فيها الوزراء المسؤولون والأداء.

لا خلاف على أن الأصل في الإنسان الصدق قبل الكذب، والعدل قبل الظلم، والخير والرحمة في التعامل مع سائر المخلوقات لا الشر والعنف، فالتواضع غريزي في الفرد لا الكبر والطغيان والغرور. هذه المقاييس التي تحدد لنا المسار الذي نتوقع أن يسلكه كلٌ منّا، مع التأكيد على أنّ الحكم المسبق من البديهي أن ينطلق وفق هذه القاعدة السمحاء إن كان لابد منه لأن أساس الحياه الخير والمحبة، وإن كان الحكم المسبق على أي حالة أو ظاهرة بدون التيقن من أسبابها ومكوناتها وكل ما يحيط بها فقد يكون الحكم مجحفا جانبه الصواب، فالشائعات المتناقلة والمنتشرة بين الأفرد كلمحة برق حول بعض الأحداث والمستجدات فإنّ ناقلوها آثمون ومذنبون إن لم يتيقنوا منها تمام اليقين.

كل منّا يريد أن يقابل الوزير وكل واحد لديه من المطالب الكثير ويرى أنها ضرورية وملحة وأنّ له قائمة استحقاقات يجب توفيرها، ويعتقد أنه الوحيد الذي يحتاج إلى تلك المطالب أو هو ومعه عدد قليل، كما أنّ هذه المطالب قد تكون غير مألوفة أو أنها تحتاج إلى مرونة خاصة أو استثاء للمصادقة عليها؛ إذ أنّ لها من الحالات المشابهة الموقوفة أو المعلقة أو حتى في سجل الانتظار لحجم الطلبات التي لم يبت فيها ولم يصدر بشأنها أي توجيهات؛ فالذي يريد الوزير يريده للاستثناء من كل هذه التبعات الإجرائية، ويطمح أن يُحظى طلبه بالقبول والمصادقة السريعة والعاجلة فبجرة قلم معاليه أو توجيه الوزير شفهيًا إلى أحد موظفيه يتحقق ذلك الحلم، ويحصل المراجع المستثنى على ما يصبو عليه، لكن في المقابل تجتمع مطالب الشعب من مسندم إلى ظفار على أهمية أن يكون المواطنون سواسية كأسنان المشط، وهذا ما تنص عليه المادة 17 من النظام الأساسي للدولة (فالمواطنون جميعهم سواسية أمام القانون، وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة ولا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللون أو اللغة أو الدين أو المذهب أو الموطن أو المركز الاجتماعي) إذا كان هذا النص الدستوري صريحًا ولا يختلف اثنان على أن الوزير الذي نال الثقة السامية وأقسم اليمين يجب أن يكون أول المتقيّدين بتنفيذ مواد دستوره، من هنا فالاستثاء الذي ينشده البعض قد لا يتحقق بسبب هذه القاعدة التشريعية فضلا عن الإخلاص والقسم، والمطالب العامة للجمهور.

ولعدم حصول البعض على هذا الاستثناء، يصدر أحيانا من بعضهم العتب أو التذمر أو اللوم أو التلاسن ووضع الكلمات في غير مواطنها، بل يصل بهم الحال أحيانا إلى نشر الشائعات على مواقع التواصل الاجتماعي وفي الجلسات العامة للنيل من هذا الوزير أو ذاك للأسباب السابقة.

أنا لست مدافعًا عن الوزراء فالوزراء لديهم من الثقات والمبرارات والمسببات المنطقية التي تدعم مواقفهم دون أن يحتاجوا إلى مرافعة مني. كما أنني لست وصيا على الشعب أو انتقص من مطالبه واحتياجاته، فأنا واحد منهم وما يحظون به من مزايا واعتبارات وخصوصيات تسعد المجتمع لاشك أنها تسعدني أيضا. لكنني لن أسكت عن غير الحقيقة والواقع، وسوف أحارب التزلّف والتشدق والزور فالساكت عن الحق شيطان أخرس.

نشير إلى نقطة جوهرية يجب توضيحها وهي مقابلة الوزير من أجل رفع المظلمة أو للحصول على حق واجب، أو لمناقشة معاليه في تصور مقترح للنهوض بعمل معين يحسن من أداء الوحدة وتقديم خدماتها للمواطنين بكل سهولة وسلاسة.. وما شابه ذلك من الأفكار النيرة أو البناءة التي تفيد أكبر شريحة من المجتمع، مثل هذه الأعمال تتطلب الاستثناء من الوزير ومنحه المزيد من الصلاحيات التي تعينه على اتخاذ قرار سريع وسليم وحاسم لتعم الفائدة، وهذا لا يمكن تحقيقه إلا بالرجوع والتمحيص في الأنظمة والقوانين وإعادة النظر في تعديل بعض موادها.

تعليق عبر الفيس بوك