د. رضية بنت سليمان الحبسية *
بدأ العمل البرلماني في سلطنة عُمان بإنشاء المجلس الاستشاري في العام 1981م، والذي تم تطويره بإنشاء مجلس الشورى في 1991م؛ تلبية لاحتياجات ومتطلبات المجتمع وتحقيقًا للأهداف الإستراتيجية للدولة، وذلك في إطار مبادئ وموجهات سياسة السلطنة نحو"إرساء أسس صالحة لترسيخ دعائم شورى صحيحة نابعة من تراث الوطن وشريعته الإسلامية، معتزة بتاريخه، آخذة بالمفيد من أساليب العصر وأدواته"، كما نص عليها المرسوم السلطاني رقم 101/96 بإصدار النظام الأساسي للدولة.
ووفقاً لرؤية مجلس الشورى في سلطنة عُمان، التي تتلخص في "وجود مؤسسة برلمانية متدرجة في تطورها ومرتبطة بخصوصية المجتمع العماني، متكاملة في عملها مع الجهد الحكومي، مساهمة في صنع القرار الوطني من أجل تحقيق قيمة اجتماعية واقتصادية شاملة"، حرص المجلس على تحقيق غاياته؛ والمتمثلة في: "السعي للمشاركة الفاعلة لتقديم المشورة من خلال تناول القضايا الاقتصادية والاجتماعية، ومراجعة القوانين والتشريعات، وتقديم التوصيات والمقترحات في مختلف المسائل التي تهم المجتمع"، وتحقيق جملة من الأهداف في إطار أدواره التي حددها له النظام الأساسي للدولة، وصلاحياته التي نصّ عليها قانون مجلس عمان ولائحته الداخلية، لتتوافق مع رؤية عمان 2040.
إنَّ المتتبع لمسيرة العمل الشوروي في سلطنة عُمان، والمطلع على التقاريرالسنوية التي تصدر عن مجلس الشورى، يُدرك حجم الجهود التي تقوم بها اللجان المنبثقة عنه، وحرص أعضائه على الحراك في إطار مسؤولياته وصلاحياته الممنوحة له، تجسَّدت في العديد من الإنجازات، منها: إجازة واعتماد العديد من القوانين والتشريعات التي تخدم المجتمع، ومناقشة القضايا المهمة التي تهم الموطنين، وتقديم مقترحات لمشروعات قوانين، ومتابعة أعمال الجهات الحكومية والتنفيذية، والمبادرات الهادفة لفتح قنوات تواصلية وتفاعلية، مع المواطنيين حول الجوانب المجتمعية التي تشغل الرأي العام.
وبالرجوع للتوجهات الإستراتيجية لرؤية "عمان 2040" ، والتي لها صلة بالعمل البرلماني بصفة عامة واختصاصات مجلس الشورى بصفة خاصة، نجد أن تحقيق التنمية المستدامة، وتطوير القطاع الخاص، وتعزيز الحوكمة والشفافية، وتطوير التعليم والتدريب، وتعزيز البحث العلمي والابتكار، وتطوير البنية الأساسية، هي من الأولويات الوطنية للرؤية، والتي تتطلب دوراً فعالاً من المجلس في اقتراح السياسات والتشريعات اللازمة لتحقيقها، كما إن تحقيق تلك المرتكزات يتطلب جهودًا مشتركة من القطاع الحكومي والخاص وكذلك الأفراد، ويجب أن تكون هناك إرادة حقيقية لتحقيق التغيير والعمل بشكل مستدام وفعّال.
ومع فض انعقاد الفترة البرلمانية لمجلس الشورى، يمكن رصد عدد من التحديات المجتمعية، والتي يمكن لمجلس الشورى المشاركة في البحث عن حلول ناجعة لها، وذلك استنادًا لما تم نشره من تقارير في عدد من الصحف المحلية، حول اللقاءات والندوات والاجتماعات التي تناولت القضايا الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع العُماني، ومن ثم اقتراح إجراءات تطويرية لتحقيق أولويات رؤية عمان 2040 ذات الصلة بمهام واختصاصات المجلس.
ومن خلال الاطلاع على عدد من التقارير الصادرة عن مجلس الشورى، يمكن تلمس حقيقة جهود مجلس الشورى في البحث عن حلول لتلك التحديات في إطار صلاحياته التشريعية، وتفعيل أداوت المتابعة. ومع هذا الواقع يمكن لمجلس الشورى مواصلة سعيه الحثيث، للمشاركة الفاعلة في تحقيق التنمية الشاملة للبلاد، وبما يعكس الاحتياجات المجتمعية أفرادًا ومؤسسات، وتحقيق درجة رضا أعلى من قبل المواطنين خاصة.
ولعلّ أهم التحديات التي تتطلب من مجلس الشورى مزيدًا من المشاركة في صنع القرار والدفع بعجلة التنمية للأمام: نقص المشاركة المجتمعية، والتحديات المتعلقة بتحسين الخدمات المحلية، وتوفير التمويل المستدام، وتعزيز الابتكار والتكنولوجيا، وتعزيز الاستدامة البيئية. وفي هذا الصدد، يمكن اقتراح عدد من الإجراءات التطويرية للتعامل مع التحديات والقضايا المجتمعية، وتفعيل لجان المجلس المختلفة، مع مراعاة عدد من العوامل، كالعوامل الاقتصادية، والتوجهات السياسية، والتشريعات والقوانين، والتنوع الثقافي للمجتمع العُماني، لتحقيق رؤية عمان 2040.
* أستاذ الإدارة التربوية المساعد بجامعة نزوى