مبادرات الشباب والاستثمار في المستقبل


يمثل الشباب نصف الحاضر وكل المستقبل، ويعد الاهتمام بهم أحد أهم مفاتيح النهوض والتطور والارتقاء في مدارج التقدم..

وأول مظهر للاهتمام المنهجي بالشباب يتمثل في التأسيس لمفهوم النظر إليهم على أنّهم جزء من الحل وليس مشكلة..

فهم فرصة في واقع أفضل، وغد واعد بالتنمية والعطاء، باعتبارهم الطاقة التي تحرك دولاب الإنتاج، وفي ذات الوقت يعدون القوى المستهلكة للسلع والخدمات مما يعظم تأثيرهم الاقتصادي والاجتماعي.

فالشباب هم طاقة الدفع لانطلاقة الأمّة، ووقود بناء الحضارة، ومن أهم عوامل تقدم وازدهار الأوطان، لما يتوفرون عليه من طاقات خلاقة، وإمكانيّات كبيرة قادرة على العطاء في شتى الميادين إذا ما أحسن توظيفها، وتمّ تفعيلها بالصورة الصحيحة، ووجدت ما تستحق من اهتمام وحرص على تنمية هذه الطاقة وحسن استغلالها.

فالنمو المتسارع في نسبة الشباب في مجتمعنا، يحمل في طيّاته بشريات الأمل لدفع النمو الاقتصادي وتحقيق الازدهار والنماء. وتقف تجربة منطقة جنوب شرق آسيا دليلا حيًا، ومثالا ساطعًا على أنّ التضخم السكاني في الشباب يمكن توظيفه كعامل إيجابي في تعزيز الرفاه وتدعيم أركان الازدهار الاقتصادي من خلال تسخير عوامل قوة الشباب وإبداعاتهم في مختلف المجالات.

وعلينا إن أردنا لشبابنا أن يلعب هذا الدور، أن نهيئ لهم الفرص لقيادة المستقبل، وإعدادهم لذلك من خلال نوعية التعليم المناسبة التي تنمي فيهم روح الإبداع والابتكار، وأن نوفر لهم فرص العمل الملائمة التي تحقق ذواتهم، وتعينهم على الإسهام الحقيقي في تنمية ونهضة وطنهم، وأن تتاح لهم فرص التدريب على المهارات المختلفة، وإطلاق العنان لكل إمكاناتهم، عبر زيادة الاستثمارات في مجال التنمية البشرية بما يؤهلهم للنهوض بمهامهم وواجباتهم العملية على أفضل وجه، وبالتالي يتسنى لهم تحقيق تطلعاتهم.

وقبل ذلك يتوجب تهيئة مناخات صحيّة للتعبير عن الرأي وبناء روح التفكير الإيجابي.

وعلى المجتمع أن يعمل على احتواء الشباب من خلال معرفة أنسب السبل للتعامل معهم، وعدم تضخيم أخطائهم، والعمل على تدعيم البناء التربوي في نفوسهم، وتقوية روح الانتماء للوطن، والحفاظ على مكتسباته، وإيلاء اهتمام أكبر بقضايا الشباب، وتسليط الضوء الإعلامي عليها بغية الوصول إلى معالجات مقنعة، والاحتفاء بنتاجاتهم الفكرية وإبداعاتهم، وتبني ودعم رواد الأعمال، ونشر ثقافة العمل الحر في أوساطهم وتعزيز قيم العمل في نفوسهم.

والاعتماد في كل ذلك على خطاب جديد قادر على الوصول إلى عقول الشباب وقلوبهم، حتى نضمن تأثيره عليهم، وانتشالهم من هوة الإحباط التي يجد بعض الشباب أنفسهم أسرى لها نتيجة لإفرازات الواقع الذي يعيشونه، وفي ظل ما يعج به الفضاء من أطروحات متباينة.

وتزداد موجبات وأهميّة الاهتمام بالشباب في السلطنة بوجه خاص؛ لأنّ المجتمع العماني فتي، ويشكل فيه الشباب أغلبية كبيرة..

ومما يحمد، أنّ بوادر جدية للاهتمام بهذه الشريحة بدأت في التشكل في الآونة الأخيرة، يعبر عنها هذا الحراك الذي نشهده حاليًا من حوارات شبابية واستطلاعات لآراء هذه الفئة تقوم بها العديد من الجهات، في جهد نتمنى أن يتكامل حتى يجني شباب الوطن ثماره اليانعة..

ولا تقع مسؤولية رعاية الشباب، وتعهدهم بالعناية على عاتق الجهات الحكومية وحدها، بل هي مسؤولية تضامنية، لكل فيها نصيب، الحكومة، ومؤسسات المجتمع نزولا إلى المدرسة والأسرة والفرد..

وفي هذا الإطار الشمولي لمفهوم المسؤولية تجاه شباب الوطن، تأتي مبادرة جريدة الرؤية باستحداث جائزة لمبادرات الشباب، وذلك ضمن رؤية الجريدة ونهجها المتمثل في تبني إعلام المبادرات الذي يقوم على تفعيل دورها في المسؤولية الاجتماعية بشكل منهجي ومدروس، وبما يتماشى ورسالتها كمنبر تنويري رائد يهدف إلى خدمة قضايا المجتمع بكافة أبعادها الاقتصادية والاجتماعية..

وتركز الجائزة على البحث عن أفضل المبادرات والمشاريع والابتكارات الشبابية المجيدة بهدف التعريف بها وبأصحابها بما يتيح قاعدة جديدة لانطلاق هؤلاء المبدعين نحو المزيد من المبادرات المجيدة، كما تسعى الجائزة كذلك إلى تحفيز فئة الشباب، وحث مهاراتهم الإبداعية لإظهار أفضل ما لديهم على صعيد الابتكار والإجادة في كافة المجالات العلميّة والثقافية والفنيّة والاجتماعيّة والإعلاميّة والتطوعية والمشاريع التنموية بما يحقق المساهمة الفاعلة في الدفع بمسيرة التنمية الشاملة في جميع المجالات.

ومن ضمن أهداف الجائزة، أيضًا تعزيز مفهوم الريادة والمبادرة والقيادة الاجتماعية لدى الشباب العماني، وتشجيعهم على التميّز والإبداع في مختلف المجالات، علاوة على تعميق حس المسؤولية والشعور بالانتماء الوطني.

وحتى تحقق هذه الأهداف النبيلة، تتعدد مجالات الجائزة لتتضمن حزمة من الحقول العلميّة والثقافية والتطوعية، حيث تشتمل المبادرة على جائزة أفضل مشروع علمي، وتتفرع عنها: البحوث العلمية والاختراعات وتقنية المعلومات والهندسة والبيئة والفلك، وهي مجالات واسعة، وتحتوي طيفًا عريضًا من التنوع في إطار واحد وتتيح لكل صاحب إسهام في هذه المجالات التقدم للجائزة وكذلك فرع الجائزة للثقافة والفنون والذي يتضمن كافة صنوف الأدب والإبداع من الشعر والقصة والرسم والتصوير والخزف والأعمال اليدوية.

أمّا في المجال الاجتماعي، فتشمل الجائزة حقول العمل التطوعي والمبادرات المجتمعيّة والخدمات الاجتماعية.

وكذلك تتنوع مجالات الجائزة في ميدان الإعلام لتشمل إعداد البرامج والتقديم والإخراج والإذاعة و الصحافة.

كما تشمل المبادرة جائزة لأفضل المشاريع التنموية في المجالات الاقتصادية والاجتماعيّة والسياحية وغيرها.

ولأهميّة التقنية ودورها المتعاظم في عالم اليوم، راعت المبادرة تخصيص جائزة لأفضل مشروع إلكتروني، ويتعلق بتصميم المواقع الإلكترونية والبرامج وغيرها من المجالات والابتكارات الإلكترونية.

وتأتي جائزة التفوّق العملي، تكريمًا للمجيدين والمتفوقين دراسيًا على كافة مستويات التعليم بشقيه العام والعالي، تقديرًا لهم وتشجيعًا لغيرهم من الطلاب لحذو حذوهم على طريق مسيرة الإجادة العلمية..

ولا تقتصر الجائزة على هذه المجالات، بل تتسع لتشمل تكريم المجيدين في الرياضة والتطوع وخدمة المجتمع.

ومن منطلقات الجائزة، السعي لأن تكون حافزًا لاستثمار الوقت كقيمة، وتوظيفه فيما يفيد من خلال تكريسه في مشاريع تحفظ له قيمته، وتترجم الإبداعات الشبابية إلى واقع ملموس قادر على تشكيل قيمة مضافة لمسيرة البناء والتقدم..

كما أنّ التركيز في هذه المبادرة ينصب على خلق نماذج ريادية للشباب يمكن الاقتداء بها، ولتكون نبراسًا لغيرها للسير على خطاها في مسارات التألق والإبداع، مما يزيد فرص تنوع الطاقات الإبداعية وبالتالي إثراء المسيرة النهضوية لبلادنا. نأمل أن يكون لهذه المبادرة إسهامها الإيجابي ضمن منظومة المبادرات والخطط التي تستهدف الشباب، واستثمار دوره في الحاضر والمستقبل، باعتبار أنّه استثمار في غد أفضل للجميع، ترتجى منه عوائد كبيرة، وفوائد جمّة على الوطن الغالي ومواطنيه الأوفياء.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تعليق عبر الفيس بوك