مختصون لـ"الرؤية": نظام السداد الجزئي للشيكات يعزز الاستقرار المالي ويحسّن أوضاع السيولة

 

◄ الوهيبي: سداد قيمة الشيك جزئيًا لا يُسقط المسؤولية الجنائية

الهاشمي: النظام يُشجِّع على تعزيز الثقة في الشيكات كوسيلة دفع بالمعاملات التجارية

الرؤية- سارة العبرية

يؤكد عدد من المختصين أن نظام السداد الجزئي للشيكات الذي أقره البنك المركزي العُماني يُشكِّل مسارًا مُهمًا نحو تعزيز الاستقرار المالي وتحسين السيولة في السوق، لافتين إلى أن النظام يوازن بين حماية حقوق المستفيدين وتقليل النزاعات القانونية؛ حيث يتيح استلام جزء من قيمة الشيك حتى عند عدم كفاية الرصيد، مع الاحتفاظ بحق المطالبة بالمبلغ المتبقي قانونيًا.

وقالوا- في تصريحات لـ"الرؤية"- إن تطبيق هذا النظام سوف ينعكس بشكل إيجابي على تعزيز الثقة في الشيكات كوسيلة دفع في المعاملات التجارية.

ويقول المحامي محمد بن سالم الوهيبي، إن هذا التوجه التنظيمي يُعد خطوة موفقة تعكس حرص الحكومة والبنك المركزي على تطوير المنظومة المصرفية وتعزيز كفاءة أدوات الوفاء، بما يحقق التوازن بين حماية الحقوق وتقليل المنازعات، ويسهم في دعم الاستقرار المالي وتحسين التدفقات النقدية، ويؤكد النهج الحكيم في مواكبة أفضل الممارسات المصرفية والقانونية.

المحامي محمد بن سالم الوهيبي.jpeg
 

ويوضح الوهيبي أن قبول المستفيد للسداد الجزئي لقيمة الشيك يترتب عليه التزامًا قانونيًا يتمثل في اعتبار المبلغ المقبوض جزءًا من قيمة الشيك، مع احتفاظه بحقه كاملًا في المطالبة بباقي المبلغ غير المسدد، وذلك وفقًا لما تقضي به أحكام قانون التجارة، دون أن يُعد ذلك إبراءً لذمة الساحب إلا في حدود المبلغ الذي تم سداده فعليًا، مضيفا أن التعليمات التنظيمية الصادرة مؤخرًا عن البنك المركزي العُماني بشأن نظام السداد الجزئي للشيكات لا تمنح المستفيد الحق في رفض السداد الجزئي، باعتبار أن الشيك في أصله أداة وفاء واجبة الدفع، وأن السداد الجزئي يحقق الغاية الجوهرية للشيك بوصفه وسيلة للوفاء.

الآثار القانونية

ويشير الوهيبي إلى أن قبول المستفيد للسداد الجزئي يُعد أثرًا قانونيًا يتمثل في استيفاء جزء من قيمة الشيك، ويقتصر حقه بعد ذلك على المطالبة القضائية بالمبلغ المتبقي غير المسدد فقط، وذلك اتساقًا مع ما قررته المادة (566) من قانون التجارة العُماني، كما أن للمستفيد بعد استلام السداد الجزئي الحق في المطالبة بالمبلغ المتبقي عبر سلوك الطريق القانوني المقرر، سواء بإعادة تقديم الشيك إلى البنك لاستيفاء المتبقي متى ما توفر الرصيد، أو من خلال اللجوء إلى القضاء للمطالبة بالمبلغ غير المسدد، وفقًا لأحكام القانون.

الإجراءات القانونية

ويبيّن الوهيبي أن إعادة تقديم الشيك إلى البنك تهدف إلى استيفاء المبلغ المتبقي من قيمة الشيك؛ حيث يتم احتساب المبلغ الذي سبق سداده، ويُصرف للمستفيد باقي القيمة متى ما توفر الرصيد الكافي في حساب الساحب، كما يملك المستفيد الحق في قيد دعوى جزائية عن الشيك المرتد أمام الشرطة أو الادعاء العام، وبعد استكمال التحقيقات تُحال الدعوى إلى المحكمة المختصة للفصل فيها وفق الإجراءات القانونية المقررة.

المهلة الزمنية المحددة قانونًا

ويقول الوهيبي إن هناك مهلة زمنية نصّ عليها القانون يجوز خلالها إعادة تقديم الشيك، وهي المدة المنصوص عليها في المادة (545) من قانون التجارة، وتبلغ 6 أشهر من تاريخ استحقاق الشيك، كما يجب قيد الشكوى الجزائية خلال مدة 3 أشهر من تاريخ رجوع الشيك، وذلك عملًا بحكم المادة (5) من قانون الإجراءات الجزائية.

ويؤكد الوهيبي أن سداد قيمة الشيك جزئيًا لا يؤدي إلى انقضاء المسؤولية الجنائية المترتبة على الساحب؛ إذ يظل للمستفيد الحق في قيد شكوى جزائية استنادًا إلى المادة (365/ أ) من قانون الجزاء، باعتبار أن جريمة الصك المرتد تقوم سواء في حالة انعدام الرصيد أو عدم كفايته لتغطية كامل قيمة الشيك، وفي حال نظر الدعوى أمام المحكمة، يقتصر القضاء للمستفيد على المبلغ غير المسدد فقط، تطبيقًا لنص المادة (566) من قانون التجارة.

وحول المخاطر القانونية عند تكرار حالات السداد الجزئي، حذّر الوهيبي من أن تكرار حالات السداد الجزئي يفتح المجال أمام قيد شكاوى جزائية عن جرائم الصك المرتد، وما يترتب عليها من عقوبات قانونية، فإذا كان الشيك شخصيًا، تُطبق العقوبات المقررة التي تشمل السجن كعقوبة وجوبية، بالإضافة إلى الغرامة، أما إذا كان الشيك صادرًا عن شركة، فتُفرض الغرامة على الشخص الاعتباري، ويجوز للمحكمة عند الإدانة الحكم بالعقوبات التكميلية المنصوص عليها في المادة (57) من قانون الجزاء، والتي تشمل حل الشركة، أو نشر الحكم في الجريدة، أو إغلاق المحل، أو إلغاء الترخيص، أو الحرمان من مزاولة المهنة، كما أنه في حال تكرار الجريمة، يكون للمحكمة توقيع العقوبة الأصلية المنصوص عليها في المادة (356) من قانون الجزاء، إلى جانب أي عقوبة تكميلية تراها مناسبة.

الدوافع الأساسية

من جهته، يرى محمد بن حمد الهاشمي مساعد مدير عام الالتزام والحوكمة في بنك نزوى، أن هذا الإجراء يُعزز الاستقرار المالي ويحسن من وضع السيولة في السوق، لأن النظام يسمح للبنوك بسداد جزء من قيمة الشيك إذا كان رصيد الحساب أقل من قيمة الشيك، مما يقلل من عدد الشيكات المرتجعة ويقلل من آثار عدم الحصول على المبالغ المستحقة وبه يعزز الثقة في استخدام الشيكات كوسيلة دفع، مؤكدا أن هذا الأمر يتطلب تطبيق ضوابط كافية لضمان عدم استغلال النظام وتعزيز الانضباط المالي.

محمد بن حمد الهاشمي.jpg
 

ويوضح أن الدوافع الأساسية لهذا الأمر هو لتقليل عدد الشيكات المرتجعة والتي تؤدي إلى نزاعات قانونية وخلل في الوفاء المالي للمستحقين، والتوجه بهذا النظام لجعل الشيكات وسيلة دفع أكثر موثوقية، حتى يعزز استخدامها في المعاملات التجارية، لافتا إلى أن نظام السداد الجزئي يلعب دورا في تخفيف الضغط على النظام القضائي والقانوني من خلال تقليل القضايا المتعلقة بالشيكات.

ويلفت إلى أنَّه من المتوقع أن يساعد هذا الأمر في تحسين إدارة السيولة للأفراد والمؤسسات من خلال توفير جزء من المبلغ، كما أنه يقلل من الخسائر المالية للأفراد والمؤسسات المستفيدة من الشيكات، وقد يشجع الأفراد والمؤسسات على إدارة رصيدهم بشكل أفضل لتجنب السداد الجزئي كون المستفيد سيحصل على ما يتوفر من نقد في حساب المصدر للشيك، كما يسهم في استمرار حركة الأموال ويعزز الثقة في الشيكات كوسيلة الدفع، مما يدعم تداول الأموال بشكل أكبر.

ويُشدد الهاشمي على ضرورة قيام الجهات المعنية في القطاعين بنشر توعية مستخدمي الشيكات حول كيفية استخدام النظام بشكل صحيح، مضيفا: "نقوم بالتعامل مع تنفيذ إجراءات الشيكات المرتجعة في المؤسسات المالية، وشهدنا على حالات تواجه بعض الأفراد والمؤسسات مشاكل مع الشيكات المرتجعة، مما يؤكد أهمية هذا النظام في تقليل هذه المشاكل؛ فالشيكات المرتجعة قد تؤدي إلى خسائر مالية وتوترات قانونية، كما أرى أن المستفيد هو المتضرر الأول من عدم حصوله على حقه المالي ولو كان جزء منه لتلبية احتياجاته؛ لذلك نظام السداد الجزئي حلاً مفيداً".

ويتوقع الهاشمي أن يشجع "السداد الجزئي" على استخدام الشيكات بثقة أكبر، ويزيد من استخدامها في المعاملات التجارية، وسوف يقوم الأفراد والشخصيات الاعتبارية بإدارة الرصيد البنكي بشكل أفضل لتجنب السداد الجزئي، مما يعزز الانضباط المالي، مضيفاً سيكون هناك تقليل في الاعتماد على وسائل الدفع الأخرى التي قد تكون أقل أماناً أو أكثر تكلفة.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة

z