استعراض النماذج الاستثمارية المبتكرة لتعزيز الاستدامة المالية

"مؤتمر عُمان الوقفي" يناقش الدور الاستراتيجي للوقف في دعم خطط التنويع الاقتصادي والتنمية

 

 

 

 

 

 

◄ اليحمدي: الوقف لبنة أساسية في بناء المجتمعات ومرتكز استراتيجي وطني

◄ وزير الأوقاف: القطاع الوقفي يقوم على منظومة مؤسسية حديثة من الحوكمة والتشريعات

◄ 40 ألف أصل وقفي في السجل الوطني للأوقاف

◄ المعمري: الوقف والزكاة "الثنائي الذهبي" للتنمية المستدامة

◄ رئيس "جهاز الاستثمار": ضرورة تعزيز الابتكار في الاستثمارات الوقفية لترسيخ دورها الاقتصادي

 

 

مسقط- العُمانية

بدأت أمس أعمال مؤتمر عُمان الوقفي في نسخته الثانية تحت عنوان "الوقف وتعزيز التنويع الاقتصادي"، والذي تنظمه مؤسسة بوشر الوقفية بالتعاون مع وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، ويهدف إلى مناقشة الدور الاستراتيجي للوقف كرافد اقتصادي في دعم خطط التنويع والتنمية المستدامة واستعراض النماذج الاستثمارية المبتكرة لتعزيز الاستدامة المالية.

رعى افتتاح المؤتمر صاحب السّمو السّيد تيمور بن أسعد آل سعيد رئيس مجلس إدارة البنك المركزي العُماني، ويستمر لمدة يومين بمشاركة واسعة من المعنيين والمختصين والخبراء في مجال الوقف من دول مجلس التعاون الخليجي ودول العالم العربي والإسلامي.

وقال مالك بن هلال اليحمدي رئيس مجلس إدارة مؤسسة بوشر الوقفية في كلمة اللجنة المنظمة: "إن الوقف يمثل ركيزة أساسية في بناء المجتمعات، وعبر تاريخنا العُماني والإسلامي العريق كان الوقف من أهم الأركان المساهمة في خدمة كل القطاعات الحيوية، واليوم وفي ضوء ما يشهده العالم من تسارع في وتيرة التحولات الاقتصادية فقد أصبح الوقف من الركائز الرئيسة التي توليها حكومات المنطقة الاهتمام، وتحرص على تضمينها في خططها الاستراتيجية ورؤاها الوطنية". وأوضح أن المؤتمر يجمع تحت مظلته كل من له صلة بالقطاعين الوقفي والاقتصادي في سلطنة عُمان، ويضعهم أمام نخبة من ذوي التخصص في العمل الوقفي والمسؤولين عنه والمبادرين لتطويره في شتى المجالات الاقتصادية والمالية من داخل سلطنة عُمان وخارجها ليتبادلوا الخبرات والآراء ويستفيدوا من تجارب بعضهم في هذا المجال.

وأكد معالي الدكتور محمد بن سعيد المعمري وزير الأوقاف والشؤون الدينية في الجلسة الرئيسة للمؤتمر أن وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في سلطنة عُمان تعمل عبر 4 موجهات استراتيجية في كافة قطاعاتها ومنها القطاع الوقفي وتشمل: المساهمة في تحقيق التنمية المستدامة من خلال تعزيز التعليم الديني المتوازن وإدارة الأوقاف بفعالية وبناء الشراكات المحلية والدولية وإدارة الزكاة بفعالية، أما المحور الثاني فيتثمل في بناء الثقة والشراكة المجتمعية الفاعلة بواسطة التفاعل والتواصل المستمر وحوكمة القطاعات الدينية واستثمار التكنولوجيا والمنصات الرقمية وإشراك المجتمع وتمكين الأفراد وتشجيع المبادرات الرقمية والمجتمعية، والمحور الثالث فهو استثمار الموارد الدينية ويشمل حوكمة إدارة الموارد والرقابة الفعالة والتخطيط طويل الأمد وحماية المكتسبات الدينية وتحفيز الابتكار، ويتصل المحور الرابع بتعزيز قيم الوسطية والاعتدال والمواطنة من خلال تعزيز دور المؤسسسات الدينية وتأهيل الكوادر الدينية.

وأوضح معاليه أن القطاع الوقفي شهد تحولًا تاريخيًّا خلال العقود الخمسة الماضية في سلطنة عُمان؛ إذ انتقل من الممارسات التقليدية إلى بناء منظومة مؤسسية حديثة تعتمد على الحوكمة والتشريعات والأنظمة الإلكترونية، ودشنت الوزارة السجل الوطني للأوقاف الذي يضم أكثر من 40 ألف أصل وقفي، كما ارتفع عدد المؤسسات الوقفية إلى 61 مؤسسة حتى نهاية 2024.

وأشار معاليه إلى أن الوزارة تعمل على تكامل الوقف والزكاة بوصفهما "الثنائي الذهبي" للتنمية؛ فالزكاة توفر دعمًا عاجلًا للفئات الهشة، بينما يقدم الوقف تمويلًا مستدامًا للمشروعات التعليمية والاجتماعية والصحية وبرامج التمكين.

ولفت معاليه إلى أنه في إطار الاستثمار الوقفي الحديث، نفَّذت الوزارة نماذج استثمارية مبتكرة شملت دخولها قطاع الفضاء عبر إطلاق قمرين صناعيين (أمان 1 وأمان 2)، وكذلك تأسيس شركة للبرمجيات اللغوية والذكاء الاصطناعي، إلى جانب الاستثمارات العقارية والزراعية والصناعية، ويعزز هذا التوجه رؤية الوزارة نحو رفع مساهمة الوقف في الناتج المحلي وجعله عنصرًا رئيسًا في دعم التنمية والازدهار، انسجامًا مع أولويات رؤية "عُمان 2040".

من جانبه قال معالي عبدالسلام بن محمد المرشدي رئيس جهاز الاستثمار العُماني إن الأوقاف بشكل عام تمتلك ثروة عالمية ضخمة، إلّا أن معظمها لا يزال حبيس الاستثمار العقاري وضعيف الحوكمة، ما يحد من دورها الاقتصادي الحديث، موضحًا أن المؤسسات الوقفية في سلطنة عُمان- ومن بينها مؤسسة بوشر الوقفية- بدأت تتجه نحو الابتكار وتوسيع الوعي المجتمعي بالوقف، والتحول من العمل الخيري التقليدي إلى دور اقتصادي يسهم في ريادة الأعمال وتنويع مصادر الدخل.

وتطرق معاليه إلى أبرز التجارب الدولية الرائدة في تطوير الأوقاف، ومنها التجربة التركية التي حوّلت الوقف إلى قوة اقتصادية عبر أدوات مالية وتنموية متنوعة، والتجربة الهندية التي برز فيها "وقف تاتا" كنموذج متقدم في الصحة والتعليم ومحو الأمية والعدالة الاجتماعية، إضافة إلى تجربة نيوزيلندا التي استحدثت صكوك الأضاحي والمنتجات الحلال بعوائد سريعة ومجزية. وأشار معاليه إلى تجارب عُمانية حديثة، من بينها "وقف أثر الصحي" الذي اعتمد أدوات ومنصات رقمية لتعزيز الشفافية وتجربة مؤسسة بوشر الوقفية التي حولت أرضًا مُهملة إلى مشروع إنتاجي يُوفِّر وظائف وعوائد مستدامة، داعيًا إلى تعزيز الشراكات المالية وربط مشروعات الوقف بمستهدفات رؤية "عُمان 2040" لتحقيق أثر اقتصادي واجتماعي أكبر.

ويتضمن المؤتمر- على مدى يومين- 4 جلسات، تُركِّز على محور الوقف كأداة استراتيجية لدعم سياسات التنويع الاقتصادي، ويستعرض هذا المحور دور الأوقاف كمكوّن اقتصادي قادر على دعم خطط التنويع الاقتصادي في الدول الخليجية، كما يناقش السياسات الوطنية التي اعتمدت الوقف كأداة استراتيجية في التحول الاقتصادي وبرامج التنمية المستدامة، وتوجيه الأوقاف نحو القطاعات ذات الأولوية مثل التعليم، والصحة، والابتكار، والأمن الغذائي وقدرة الوقف على تعزيز التكامل بين الأهداف التنموية والسياسات الاقتصادية الوطنية.

ويركز المحور الثاني "الابتكار في الاستثمارات الوقفية" على تطوير نماذج استثمارية مبتكرة تسهم في تنويع مصادر الدخل الوقفي وتعزيز الاستدامة المالية، ويستعرض الفرص الجديدة مثل الصناديق الوقفية المشتركة والمحافظ المتنوعة والصكوك الخضراء، كما يبرز تجارب إقليمية وعالمية وظّفت الوقف في قطاعات واعدة كالطاقة المتجددة والتكنولوجيا والسياحة والصحة.

أما المحور الثالث فجاء بعنوان "النماذج المالية الوقفية المبتكرة في الاقتصاد" ويركز على استكشاف الأدوات المالية الحديثة التي تعتمد على فاعلية الأوقاف في الاقتصاد، مثل التقنيات الرقمية و"البلوك تشين"، ويستعرض تجربة "وقفي بنك" التركي كنموذج رائد يدمج الوقف بالمنظومة المالية الوطنية ويحوله إلى مورد اقتصادي، كما يناقش النماذج المالية الوقفية، والصكوك الوقفية، والمحافظ الاستثمارية المتقدمة، ويُبرز دور هذه الأدوات في دعم التنويع الاقتصادي، وتعزيز الاستدامة المالية، وتنمية الموارد لخدمة الأولويات الوطنية. ويتناول المحور الرابع دور الأوقاف في تمكين ريادة الأعمال والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، من خلال تمويل المشروعات الناشئة والمبتكرة عبر موارد وقفية مخصصة وبناء شراكات فعالة مع حاضنات ومسرّعات الأعمال ضمن رؤية وقفية تنموية.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة

z