الرؤية- ريم الحامدية
احتفلت شركة أمواج بوضع حجر الأساس لمركز الزوار ومصنع عين دوكة، الذي يعد خطوة محورية في تحويل محمية وادي دوكة إلى وجهة مستدامة تجمع بين التراث والابتكار، ورعى الحفل صاحب السمو السيد مروان بن تركي آل سعيد محافظ ظفار، بحضور السيد خالد بن حمد البوسعيدي رئيس مجلس إدارة أمواج، والسيد أيمن بن حمد البوسعيدي نائب رئيس مجلس الإدارة، إضافة إلى سعادة المهندس إبراهيم بن سعيد الخروصي وكيل وزارة التراث والسياحة للتراث، وعدد من أعضاء الإدارة التنفيذية بالشركة.
وتُعدّ محمية وادي دوكة الطبيعية واحدة من 4 مواقع في محافظة ظفار تُشكّل معًا ما يُعرف بأرض اللبان المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو. ومنذ عام 2022، تتولّى أمواج- دار العطور العالمية الفاخرة والمستقلة- رعاية وادي دوكة بموجب اتفاقيةٍ مع وزارة التراث والسياحة تُعنى بحماية الموقع وتطويره بأسلوبٍ يحترم طبيعته ويصون إرثه، ومن خلال هذه الشراكة، تعمل أمواج على تأسيس منظومةٍ مسؤولةٍ ومستدامةٍ لاستخلاص اللبان، وتحويل الوادي إلى وجهةٍ تضمن حماية هذا الموروث ودراسته والاحتفاء به.
وفي محمية وادي دوكة، يتجلّى المعمار كامتدادٍ للأرض التي تحتضنه؛ تتماهى ألوانه وتفاصيله مع طبيعة الوادي المدرج على قائمة التراث العالمي لليونسكو، فيبدو من بعيد كصخرةٍ ناعمةٍ صاغها الزمن وتركها لتروي حكاية الأرض، ومع الاقتراب، تظهر هندسته الدائرية المستوحاة من التواصل بين الإنسان والطبيعة، شُيّد بتربةٍ مضغوطةٍ وحجرٍ جاف، وتكسوه ألوانٌ صحراويةٌ دافئة تمتد نحو آفاق جبال القرى، ومن الأعلى، تتجلّى "عين دوكة" كعينٍ حيّةٍ ترنو إلى الوادي وتحرسه، شاهدةً على المكان والزمان.
وقال السيد خالد بن حمد البوسعيدي: "يُعدّ تأسيس عين دوكة امتدادًا لمسيرة أمواج في صون محمية وادي دوكة والمحافظة على إرثها العريق، ونُدرك تمامًا حجم المسؤولية الملقاة على عاتقنا في إدارة موقعٍ مدرجٍ ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو، وما يمثّله من قيمةٍ لعُمان وللتراث الإنساني على حدٍّ سواء، ونسعى ان يصبح هذا المشروع مرآة لقيم عُمان في احترام الطبيعة وتجسيدًا لإبداعها وحضورها على الساحة العالمية."
من جانبه، أوضح رينو سالمون المدير الإبداعي في أمواج: "كانت رؤيتنا لعين دوكة واضحة منذ البداية، أردناه مكانًا يعكس جمال البساطة وعمق العلاقة بين الأرض والعطر، فالتصميم يبدو وكأنه ينمو من طبيعة المكان ويتناغم معها، ليجمع بين الأصالة وروح المعاصرة في شكل هادئ يحمل جوهر عُمان، ولذا راعينا توفير مساحات مفتوحة لتضفي شعورًا خاصًا وتترك طابعًا يعبر عن شخصية الدار وطبيعة الأرض وتتيح للحرفة العُمانية أن تكون جزءًا أساسيًا من التجربة؛ حيث يرى الزائر كيف يتحوّل اللبان من مادته الطبيعية إلى عطر بنغمات دافئة ومميّزة، أما مركز الزوار، فقد صُمم ليكون واحة للتأمل، يتباطأ فيها الإيقاع، ليمنح كل زائر فرصة لعيش التجربة والتقرّب أكثر من عالم اللبان".
وستضمّ عين دوكة مركز الزوار ومصنع محمية وادي دوكة؛ لتكون فضاءً يجمع المشاريع والمبادرات التي تحتفي باللبان علميًا وثقافيًا وفنيًا، فمن علم الأحياء والآثار إلى العادات والتقاليد، ومن الفنون إلى تحديات الحاضر وتطلعات المستقبل، يُجسّد هذا المكان رؤيةً شاملة تُبرز أهمية اللبان كرمزٍ من رموز عُمان، وجسرٍ يصل بين المعرفة والتراث والإبداع.
وجرى تصميم عين دوكة لتأخذ الزوّار في رحلةً إلى عوالم اللبان العُماني عبر التاريخ، ليتعرّفوا من خلالها على مسيرته التي عبرت القارات، وعلى أدواره المتعدّدة في حياة الإنسان منذ القدم، من التداوي والتجارة والعلاقات بين الحضارات، إلى مكانته في فنّ العطور الذي حمل عبيره إلى العالم، كما تضمّ التجربة قاعةً تفاعلية بطلها اللبان كأحد أقدم أشكال العطور التي عرفها الإنسان.
وتضمّ عين دوكة مصنعًا لاستخلاص زيت اللبان من الراتنج، ليُعاد في هذا المكان إحياء الحرفة التي شكّلت عبر العصور جوهر صناعة العطور في عُمان، وقد صُمّم المصنع ليتيح للزوار مشاهدة عملية الاستخلاص عن قرب، ومتابعة كيف تتحوّل قطرات اللبان إلى الزيت العطري الذي تروي به أمواج قصصها، كما يضمّ المبنى مقهى وبوتيكًا يُكملان تجربة الزائر في رحلته إلى عالم اللبان وأمواج.
ويأتي هذا المشروع ليُضيف بعدًا جديدًا لمحافظة ظفار ولسلطنة عُمان، من خلال إبراز مكانتها على خارطة السياحة الثقافية واستقطاب الزوّار من داخل المنطقة وخارجها، كما يمنح عُمان نافذةً تُطلّ منها على العالم لتروي حكاية اللبان العُماني، هذا المكوّن الذي شكّل عبر العصور جزءًا من هوية البلاد وإرثها الإنساني.
وعن فلسفة المشروع وعلاقته بالمكان، قال معماريّو جيو فورما: "جاء تصميم مبنى عين دوكة ليعبّر عن توازنٍ دقيق بين المعمار والطبيعة، فبُني على شكل دائرةٍ تحتضن في قلبها حديقةً لشجر اللبان، كرمزٍ للاستدامة واستمرارية الحياة. وتنفتح واجهات المبنى بإطلالاتٍ خلابة، بينما ينحدر منه درجٌ حجريٌّ منحوتٌ في الصخر ليربط الزائر بالوادي، وقد استُخدمت في إنشاء عين دوكة موادّ محليّة وعناصر مستدامة لصوغ ملمسٍ يحمل طابع الأرض، فيما استُلهمت بعض تفاصيله من راتنج اللبان ليمنح الزائر تجربةً حسّيةً هادئة، تنبع من صميم الوادي وخصوصيّته."
وقال ماثيو رايت رئيس مشروع وادي دوكة: "سعينا إلى بناء وجهةٍ استثنائية تعبّر بذوقٍ وشغفٍ عن جمال وادي دوكة، وعن الإنسان الذي عاش فيه قرونًا، وعن دوره التاريخي كمصدرٍ للّبان منذ العصور القديمة، وفي الوقت نفسه، صُمّم المركز ليجسّد خبرة عُمان العريقة في فنون العطور، وليبقى شاهدًا على هذا الإرث لعقودٍ قادمة. نأمل أن يترك هذا المشروع بصمته في نفوس الزوّار من عُمان والعالم؛ بما يعكس مكانة الوادي وجماله الفريد."
