بدر بن علي الهادي
سبق وأن تناولتُ في مقالٍ سابق وتحديدا في اليوم الأول من شهر أكتوبر لعام 2024 بعنوان "من خارج صندوق القارة الهندية" ظاهرة الاعتماد المُفرط على العمالة الوافدة القادمة من شبه القارة الهندية ولا سيّما من الفئات التي لا تدين بدين الإسلام ولا تنتمي إلى الديانات السماوية المعروفة كالمسيحية التي تؤمن بالله الواحد دون شرك أو عبادة وثن.
وقد جاء ذلك المقال في إطار التحذير من الآثار الاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي قد تنشأ عن هذا النمط من الاعتماد وما يمكن أن يفرزه من مظاهر تتعارض مع هوية المجتمع العُماني وقيمه الدينية الراسخة.
وها نحن اليوم نرى ما كنت قد حذّرت منه يتحقق أمام عيني إذ لم تعد تلك الطقوس تُقام في أماكن مغلقة كالسابق؛ بل باتت تُمارس في الحدائق العامة كحديقة العامرات، وفي مشاهد أثارت استغراب واستياء الكثير من المواطنين، مشاهد تُظهر حمل المجسمات والرموز الوثنية علنًا كمجسم لبقرة بيضاء عليها وشاح أحمر وحلقة من الزهور، يطاف به في حديقة العامرات التي تقع في بلد عربي يدين بالإسلام وله مكانته الدينية والتاريخية العريقة في نشر الإسلام ورسالة التوحيد.
إن رؤية أبنائنا لمثل هذه المظاهر يترك سؤالاً مؤلماً يقطع القلب السليم: ماذا نقول لهم؟ وكيف نبرر لهم هذا الشرك الجلي الذي يخالف ما تربوا عليه من عقيدة صافية تقوم على توحيد الله ونبذ عبادة غيره؟
إن عقيدتنا، ووطننا، وأبناءنا خط أحمر لا يجوز تجاوزه تحت أي مبرر ومن واجب الجميع مسؤولين ومواطنين أن يحافظوا على هوية هذا البلد الطاهر وأن يصونوا ثوابته الدينية والاجتماعية من أي ممارسات تتنافى مع قيمه الراسخة.
نعم ونعلم أن بلدنا لا تزال من الدول التي تعتمد على العمالة الوافدة لتلبية احتياجات سوق العمل في العديد من القطاعات ونعلم كذلك أن العمال من القارة الهندية لهم نصيب كبير من هذه الفرص ولكن الاعتماد المفرط عليهم دون رقابة حقيقية يعد من أخطر الجوانب وهو ما قد نشأ عنه من توترات اجتماعية وثقافية نراها الآن وأن الشعور المتزايد لدى المواطنين بتهديدٍ لهويتهم أو فرصهم في سوق العمل أضحت صورها جلية.
وكما قلنا سابقا ونكرر ذلك الآن أن حصر قطاعات معينة في جنسية أو ديانة محددة يُعد مؤشرًا مقلقاً يمس أمن واستقرار المجتمع؛ حيث أصبح واضحًا أن الغزو الثقافي الهندي بدأ يُفرِخ ثماره بحيث أضعف الممانعة الشعبية تجاه كل ما يهدد سيادة البلد وهويته. وأصبح تقبّل بعض المظاهر الدخيلة يتم تدريجيا في حين تُبرّر أو تُهمّش الأصوات الوطنية الغيورة على الدين والوطن.
هذه مرحلة خطيرة تستدعي وعيًا جماعيًا وتدخلاً رسميًا حازمًا يُعيد الأمور إلى نصابها الصحيح.
وعليه، فإنَّ على الجهات المعنية أن تتعامل مع هذه القضية بجدية تامة من خلال تنظيم إقامة الشعائر والأنشطة الدينية لغير المسلمين بما يحفظ احترام القوانين ويمنع أي مظاهر علنية تتعارض مع هوية البلد وثقافته الإسلامية مع الاستمرار في دعم رؤية "عُمان 2040" التي تسعى لتحقيق التنمية المتوازنة والمستدامة دون المساس بالثوابت الوطنية والدينية.
عُمان أمانة في أعناقنا جميعًا.. فلنكن حراسا لهذه الأمانة في كل موقع وفي كل لحظة.
