القدس المحتلة – الوكالات
تتصاعد في إسرائيل موجة هجرة وُصفت بأنها "مقلقة وغير مسبوقة"، وسط تحذيرات رسمية من تأثيرها على بنية المجتمع والاقتصاد، خاصة مع اقتراب الانتخابات المبكرة المقررة عام 2026، التي يرى مراقبون أنها ستحدد مستقبل الدولة العبرية.
وأظهر تقرير أعده مركز الأبحاث والمعلومات في الكنيست أن عدد المغادرين لإسرائيل تجاوز عدد المهاجرين إليها بنحو 145 ألفا و900 شخص بين عامي 2020 و2024، في حين واصلت النسب ارتفاعها خلال العام الجاري. وبيّن التقرير أن 82 ألفا و800 إسرائيلي غادروا البلاد عام 2023، بزيادة بلغت 39% عن العام السابق، مع تسجيل قفزة كبيرة بعد اندلاع الحرب على غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023.
كما أظهرت بيانات مكتب الإحصاء المركزي أن معدلات الهجرة السلبية بدأت تتصاعد منذ عام 2022 بالتزامن مع الأزمة السياسية الداخلية المرتبطة بـ"الانقلاب القضائي"، لتصل إلى 55 ألفا و300 مغادر ذلك العام، بزيادة 46% عن العام الذي سبقه.
ويشكل الشباب بين 20 و39 عاما نحو 40% من المهاجرين، وهي نسبة تفوق نسبتهم في المجتمع الإسرائيلي، ما يعكس استنزافا لفئة عمرية منتجة تشكل عماد سوق العمل والاقتصاد. كما تبين أن أكثر من نصف المغادرين من منطقتي تل أبيب والوسطى ذات التكلفة المعيشية المرتفعة، وأن معظمهم من أصحاب التحصيل العلمي العالي.
وفي تعليقه على التقرير، قال جلعاد كاريف، رئيس لجنة الهجرة والاستيعاب والشتات في الكنيست، إن "هذه ليست مجرد ظاهرة مؤقتة، بل موجة تسونامي سكاني تهدد حصانة المجتمع الإسرائيلي"، معتبرا أن السياسات الحكومية خلال العامين الماضيين "فككت النسيج الداخلي وأهملت الجبهة المدنية"، وداعيا إلى اعتبار الظاهرة "تهديدا استراتيجيا حقيقيا".
ويشير مراقبون إلى أن الحكومة الإسرائيلية تفتقر إلى خطة واضحة لوقف النزيف الديموغرافي أو تشجيع عودة المهاجرين، إذ تظهر البيانات أن نحو 79 ألف إسرائيلي غادروا البلاد خلال العام العبري الماضي وحده، مع ازدياد وتيرة الرحيل في أشهر الصيف والشتاء.
ويربط محللون هذا التصاعد بالتحولات السياسية المرتقبة، حيث أظهرت استطلاعات القناة 12 الإسرائيلية أن 70% من الإسرائيليين يعتبرون الانتخابات المقبلة الأكثر مصيرية في تاريخ الدولة، وأن واحدا من كل ستة إسرائيليين يفكر في الهجرة بعدها، خصوصا بين الأكاديميين وأصحاب المشاريع التقنية.
وتقول البروفيسور كارين ناهون من جامعة رايخمان إن "انتخابات 2026 ستكون مفصلية، لأنها ستحدد الحمض النووي لإسرائيل، وما إذا كانت ستبقى دولة ديمقراطية ليبرالية أم تتحول إلى وجه آخر تماما".
وبينما يرى الوزير السابق يزهار شاي أن "البلاد تقف اليوم على مفترق طرق خطير"، تتزايد القناعة في الأوساط السياسية والإعلامية بأن نتائج الانتخابات قد تحدد ليس فقط من يحكم إسرائيل، بل من سيبقى فيها ومن سيغادرها.
