يوسف علي الجهضمي
رغم ما تناقلته الصحف المحلية والإعلانات الرسمية عن مشاريع سدود في ولاية دماء والطائيين، فإنَّ هذه المشاريع لم ترَ النور حتى اليوم. بين مناقصات طُرحت ثم أُجلت، وأحاديث تكررت دون تنفيذ، بقي الواقع كما هو: ولاية تواجه الجفاف بموارد محدودة، وتنتظر منذ سنوات مشروعًا استراتيجيًا لم يُنجز بعد.
في أبريل 2025 طُرحت مناقصات لسدود حماية في بعض أودية دماء والطائيين، وتحدثت تقارير صحفية في أغسطس من العام نفسه عن مشاريع لسدود التغذية الجوفية مثل سد الغبيراء بوادي المسفاة. وسد وادي عمدة غير أن هذه الأخبار بقيت مجرد حبر على ورق، فلم يشهد المواطنون بداية أعمال حقيقية على الأرض.
التساؤلات هنا مشروعة: لماذا تأجلت هذه المشاريع رغم أهميتها البالغة؟ هل السبب ضعف الأولويات الحكومية؟ أم عقبات إدارية وفنية؟ أم غياب المُتابعة والمساءلة الجادة؟
وتتضاعف الأزمة لأنَّ دماء والطائيين هي الولاية الوحيدة في محافظة شمال الشرقية التي لا تصلها شبكات تحلية المياه. يعتمد الأهالي اعتمادًا كليًا على الأفلاج والآبار، وهما موردان يعانيان من الجفاف وتراجع المخزون مع ازدياد أعداد السكان.
في مواسم القحط، يضطر كثير من الأهالي إلى شراء مياه الصهاريج بأسعار ترهق ميزانياتهم، وهو حل مؤقت لا يمكن أن يعوّض غياب مشاريع البنية التحتية الاستراتيجية.
وفي ظل هذا الواقع، لم تعد السدود خيارًا إضافيًا، بل أصبحت ضرورة وجودية. فهي السبيل إلى تغذية الأفلاج بالمياه الجوفية وضمان الحد الأدنى من الأمن المائي، بل هي صمام الأمان لحياة الناس واستمرار النشاط الزراعي الذي يمثل عصبًا مُهمًا للولاية.
واللوم لا يقع على الطبيعة وحدها، بل على التأخير المتكرر في اتخاذ القرار وتنفيذه. الأهالي لم يلمسوا وضوحًا في الأسباب، ولم يسمعوا جدولًا زمنيًا محددًا، وإنما وعودًا مؤجلة من عام إلى آخر.
وإذا كانت هناك عراقيل فنية أو مالية، فمن حق المواطنين أن يعرفوا، ومن واجب الجهات المعنية أن تُصارحهم وتضع حلولًا عاجلة.
لقد آن الأوان أن تتحرك هذه المشاريع من خانة التصريحات إلى خانة التنفيذ. على المسؤولين أن يعيدوا ترتيب الأولويات، ويضعوا سدود دماء والطائيين على رأس قائمة المشاريع التنموية، فالماء ليس ترفًا؛ بل حق إنساني وأساس للتنمية المستدامة.
وأخيرًا.. إنَّ أبناء دماء والطائيين لا يطلبون سوى العدالة في التنمية، وأن ينالوا نصيبهم من مشاريع البنية الأساسية مثل بقية ولايات السلطنة. التأخير لم يعد مقبولًا، فالمستقبل لا ينتظر، وأمن الماء هو أمن الإنسان.