أحمد السلماني
لم يكن إخفاق مُنتخب الناشئين في كأس الخليج أمرًا مُفاجئًا بقدر ما كان نتيجة طبيعية لمسار طويل من غياب الاهتمام الحقيقي بالفئات السنية، إذ انصب التركيز على المنتخب الأول الذي يستعد لخوض الملحق الآسيوي، بينما تركت بقية المنتخبات دون إعداد متكامل أو برامج واضحة، وهو ما انعكس على نتائج الأولمبي والشباب والناشئين في بطولاتهم الأخيرة.
المنتخب الأولمبي كان البداية، حين خرج من التصفيات الآسيوية بعد أن حُرم من أبرز عناصره الذين جرى استدعاؤهم للأول، وزاد الطين بلة عجزنا الإداري عن تأجيل مباراته الحاسمة أمام كمبوديا، تلك المباراة التي وُصفت بأنها أقرب إلى بركة سباحة منها إلى ملعب كرة قدم، ليودع التصفيات من الباب الخلفي.
منتخب الشباب بدوره حاول واجتهد وظهر بصورة أفضل في بطولة كأس الخليج، لكنه سقط في المتر قبل الأخير أمام المنتخب اليمني الذي أثبت أنَّ العمل الممنهج في الفئات السنية قادر على صنع الفارق حتى وسط الظروف السياسية والاقتصادية الصعبة التي يعيشها اليمن، فمدرستهم الكروية أكثر تنظيمًا وتدرجًا، وهو ما جعل كعبهم أعلى على مستوى هذه الفئة.
أما منتخب الناشئين فقد وجد نفسه في وضع أكثر صعوبة؛ حيث نُسي تمامًا في خضم التركيز على مباراتي الملحق للمنتخب الأول، وتمت الاستعانة بالمدرب الوطني أحمد سالم الذي اجتهد بقدر ما يستطيع، لكن عملية اختيار اللاعبين تمت على عجل وبالاعتماد على توصيات واتصالات هاتفية لا على رؤية مدروسة، ليُشارك المنتخب في بطولة الخليج بعناصر لم تُحضّر بالشكل المطلوب في مواجهة منتخبات بُنيت وفق منهجيات واضحة تبدأ من البراعم وتنتهي بالناشئين.
ورغم ذلك فقد قدم المدرب ولاعبوه مستويات مقبولة نسبيًا قياسًا بفترة الإعداد القصيرة والظروف المحيطة، غير أن المقارنة تكشف حجم الفارق بين العمل المؤسسي الممنهج وبين الاجتهاد الفردي المؤقت.
إن ما جرى مع هذه المنتخبات يثبت أن كرة القدم العمانية بحاجة ماسة إلى استراتيجية نهوض شاملة تبدأ من القاعدة وتبنى عليها المنتخبات تباعًا، فلا يمكن أن ننتظر من المنتخب الأول معجزات إذا كانت الفئات السنية تعاني التهميش ونقص الرعاية.
وفي هذا السياق برز حديث الرئيس التنفيذي لشركة جندال حديد، على هامش توقيع اتفاقية رعاية دوري النخبة، حين كشف عن مبادرة لتبني نخبة من المواهب الناشئة وتوفير كل متطلبات تأهيلهم لتشكيل منتخب المستقبل القادر على ضمان حضور عُماني قوي في القارة والتأهل إلى كأس العالم، وهي رؤية مُتقدمة تستحق التوقف عندها والتعامل معها بجدية، بل تمثل فرصة حقيقية يجب أن تحتضنها المنظومة الرياضية بأكملها وتتكامل معها شركات أخرى في المستقبل، خاصة وأنها تنطلق من حس عالٍ بالمسؤولية والانتماء للبلد من مؤسسة خاصة رائدة.
ومع انتظارنا لمواجهتي الملحق للمنتخب الأول نتمنى أن يكون التأهل حليفنا، لكن الأهم أن ندرك أنَّ الطريق الصحيح يبدأ من وضع رؤية واضحة لبناء قاعدة كروية صلبة تضمن ألا تتكرر هذه الإخفاقات، فالمستقبل لا يُصنع بالصدفة بل بالعمل الطويل المتدرج من القاعدة وحتى القمة.