مسقط - حامد حسين مجور
تعتبر الحبية الشبوانية واحدة من أبرز عناصر الزي التقليدي اليمني، ورمزاً للأصالة والهوية المتجذرة في المجتمع اليمني، حيث لا يكتمل مظهر الرجل اليمني دون ارتدائها.
تُطرَّز الحبية يدوياً أو آلياً بزخارف هندسية ملونة، ما يجعلها قطعة فنية فريدة تحمل دلالات ثقافية واجتماعية متوارثة منذ آلاف السنين. وتشير الدراسات والنقوش التاريخية إلى أن الحبية كانت موجودة في الحضارة اليمنية منذ الألفية الثانية والثالثة قبل الميلاد، كما ورد ذكرها في السيرة النبوية بوضعية "الاحتباء"، وهي أحد أساليب الجلوس المريحة في المجالس والمحافل.
وترتبط الحبية بعمق بالحياة الاجتماعية اليمنية؛ فقد كانت تُستخدم في الأعراف القبلية كرمز لحل النزاعات وفرض الصلح بين المتخاصمين، اذ تمثل دور جاه الوسيط حينما يقال باللهجة البدوية الأصيلة : "هذا جاهي عليك" والجاه في اليمن يعني قدر ومكانة الوسيط.
كما ارتبطت بطقوس الأعراس، حيث تقوم النساء بحياكة مجموعة من الأحزمة المزينة بألوان زاهية للعريس، لتنسقها مع بدلة العرس، ما يجعلها ذكرى خالدة توثق اللحظة وتُجسد جماليات التراث اليمني.
وتظل الحبية الشبوانية أكثر من مجرد حزام تقليدي، فهي ذاكرة نابضة وجسر يصل الماضي بالحاضر، وشاهد حي على أصالة المجتمع اليمني وثرائه الثقافي في محافظة شبوة واليمن عامة، مؤكدة على قيم الوحدة والتواصل الاجتماعي، وجسراً للسلام والمحبة بين الأفراد داخل المجتمع.
الحبية الشبوانية اليوم لا تزال تحتل مكانة بارزة في الزي الوطني والمهرجانات التراثية، حيث يعكس كل نقش وكل لون قصص الأجيال وموروثات عريقة تنقلها الأيدي اليمنية إلى الحاضر، لتبقى إرثاً حياً يروي تاريخ اليمن وهويته العريقة.
