محمد بن زاهر العبري
اليوم التاسع من سبتمبر 2025 فوجئت المنطقة بخبر استهداف مقر حركة حماس في العاصمة القطرية الدوحة، في سابقة خطيرة تعكس تصعيدًا غير مسبوق في معادلة الصراع. لم يكن ما جرى مجرد هجوم على مبنى أو رسالة عابرة لفصيل فلسطيني؛ بل هو طعنة مباشرة لسيادة دولة عربية، وإشارة واضحة بأن التحديات التي تواجهها الأمة تتجاوز حدود الجغرافيا والسياسة.
السيادة ليست مسألة شكلية أو سياسية؛ بل هي كرامة وطنية وحق أصيل للشعوب. حين تُستباح أراضي دولة عربية بهذا الشكل، فإن الخطر لا يتوقف عند حدودها، وإنما يطرق أبواب الجميع. والتغاضي عن مثل هذه الاعتداءات يفتح الباب واسعًا أمام تكرار المشهد في أماكن أخرى، ويجعل العواصم العربية كلها عرضة للانتهاك.
الدوحة لم تُستهدف لأنها قطر فقط، بل لأنها تمثل منصة دبلوماسية ونافذة للحوار ووساطة في قضايا معقدة. الرسالة الحقيقية التي تقف خلف العدوان تقول إن أي صوت يسعى إلى دعم القضية الفلسطينية أو فتح المجال لها على الساحة الدولية، سيُواجَه بالقوة. ومن هنا يصبح ما جرى قضية عربية بامتياز، لا شأن داخليًا يخص دولة واحدة.
أمام هذا الواقع، لا يكفي الاكتفاء ببيانات التنديد والاستنكار التي تذوب مع مرور الوقت. المطلوب اليوم موقف عربي جاد وموحد يعيد الاعتبار لهيبة الأمة، ويؤكد أن السيادة خط أحمر لا يمكن تجاوزه. إن التاريخ لا يرحم لحظات التخاذل، والشعوب لا تغفر استمرار الصمت.
ما حدث في قطر جرح في جسد الأمة بأكملها، وتنبيه صريح إلى أن الضعف والتشرذم يفتحان الأبواب أمام كل عدوان. وإذا لم يتحول هذا الحدث إلى لحظة يقظة حقيقية تدفعنا نحو التضامن وصيانة الكرامة العربية، فإن المستقبل سيحمل فصولًا أشد قسوة، وسيظل الضعفاء مجرد سطور هامشية في كتب التاريخ.