آية بنت أحمد بن ناصر السيابية
نؤمن إيمانًا قاطعًا بإرادة المولى جلّت قدرته، ونؤمن إيمانًا تامًا بقضاء الله وقدره، رغم صعوبة اللحظات التي يتلقى فيها الإنسان خبر فقدان عزيز عليه، وما يزيد من وقع الأحزان، حينما نعلم أن حوادث الطرق هي التي تقف وراء فقدان أخ أو أخت.
قبل أيام، رحلت الدكتورة سحر السيابية، وهي في طريقها لأداء عملها الإنساني، رحلت وهي مكرسة حياتها لخدمة أبناء وطنها المرضى الذين ينتظرونها بفارغ الصبر للتخفيف عليهم من وطأة ما يعانون منه من ألم، رحلت وهي تحمل سماعة وأدوات الطبيب في طريقها إلى أداء رسالتها الإنسانية، رحلت في صباح باكر من يوم الجمعة الموافق 15 أغسطس 2025م، رحلت في وقت كان غالبية الناس يغطون فيه في نومهم، رحلت وهي كانت تشق طريقها إلى العمل بكل سكينة وطمأنينة، حتى داهمها القدر من حيث لا تحتسب وعلى حين غِرة، ليحطم أحلامًا وآمالًا كبيرة نسجتها بحجم حبها لعُمان.
سخَّرت -رحمها الله- حياتها لخدمة وطنها ورعاية والدتها وأخوتها بعد فقدانهم لوالدهم وهم في مرحلة باكرة من الطفولة، ولم يثنيها ذلك الفقد عن الكفاح والنضال في مشوارها الدراسي رغم صروف الدهر، وما يكتنف الحياة من مشاق؛ فتفوَّقت في دراستها بالمرحلة المدرسية؛ الأمر الذي مكنها من دخول كلية الطب، وزادها ذلك إصرارًا لتحقيق النجاح والتفوق، فحصلت على المرتبة الأولى في دفعتها. وبدأت مسيرتها العملية بكل إخلاص وتفانٍ لتشق مسار العمل الطبي الإنساني بين أقرانها من أطباء وطبيبات عُمان، ليخدموا جميعًا أبناء هذه الأرض الطيبة والمقيمين عليها، ومن ثم التحقت بالبرنامج التخصصي لتبذل فيه قصارى جهدها وتنهيه بنجاح وتفوق بفضل الله تعالى.
واصلت الفقيدة مشوارها المهني مُكرِّسة حياتها ووقتها لخدمة عملها الإنساني وتقديم الرعاية الطبية للمحتاجين لهذه الرعاية من أبناء عُمان والمقيمين عليها. كما ضحَّت بسنوات عمرها لرعاية والدتها وإخوتها ولتوفر الحياة الكريمة لهم، وشيدت لهم مسكنًا يحتضنهم. رحلت الدكتورة سحر وكأنها خُلقت -بعد عبادة الله سبحانه وتعالى- لتخدم والدتها وإخوتها حتى يقويهم الله، وتنجز مرحلة حددها الخالق جلت قدرته للعمل الطبي الإنساني، وبمجرد انتهاء المهمة التي خُلقت من أجلها في هذه الحياة، غادرتها على حين غِرة، وبلا كلمة وداع، ليفقد الوطن إحدى بناته المخلصات.
غادرت -رحمها الله- وتركت جرحًا لن يندمل في قلب أمها وأهلها ومُحبيها. رحمك الله أختنا وحبيبتنا، وندعو الله سبحانه وتعالى أن يرحمك ويغفر لك ويسكنك فسيح جناته، وأن يجعل نضالك وكفاحك في هذه الحياة شفيعًا لك يوم القيامة.
اللهم آمين.. اللهم آمين.. اللهم آمين.