الحرب المفتوحة والدمار الشامل

خالد بن أحمد الأغبري

سؤال يطرح نفسه.. ما هو الغرض المتحقق من المواقف الدبلوماسية التي تطلقها الدول في مواجهة الصهاينة عبر قنواتها الرسمية كالشجب والاستنكار والتنديد وما إلى ذلك من إعلانات دعائية أكثر من أن تكون ذات قيمة فعلية في المواقف الإنسانية والقيم الأخلاقية؟؟

فيا ترى، هل لهذه العناوين الفضفاضة أي تأثير معنوي أو دبلوماسي أو سياسي حقيقي يلامس متطلبات شعوب المنطقة واحتياجاتها من خلال توطيد الأمن وتحقيق الاستقرار المنشود والكف عن تلكم الإرهاصات العدوانية والقيام بذلك الإرهاب المتجذر والفساد المتجدد الذي يستبيح قتل الأبرياء وما يخلِّفه من مآسٍ عميقة تتمثل في استشهاد الأطفال والنساء وكبار السن وهدم دور العبادة ودور التعليم والمستشفيات، مع هدم المباني السكنية والصناعية والتجارية وغيرها من مقومات الحياة اليومية، بالإضافة إلى تصفية جميع المؤسسات والمشاريع الخدمية والأهلية والحكومية، أم أنها هي عادة يستخدمها البعض لبث روح الاطمئنان والتهدئة وضبط النفس بصورة شكلية وجمالية تعطي انطباعًا عاطفيا مأساويًا مزيفًا في آن واحد، وهو لا يقدم ولا يؤخر على المستوى الإنساني ولا على مستوى المجازر اليومية التي يشهدها العالم وترصدها أدوات الحرب وآلياته ومعسكرات الإبادة الجماعية، ويا ليتها تؤدي إلى حفظ كرامة هذه الأنظمة التي تخلَّت عن مسؤولياتها وواجباتها عن طيب خاطر، أو أنها أخذت مساراتها القانونية ومسؤولياتها الفنية الفاعلة، وضمنت حقوقها الشرعية الدولية ذات الأبعاد الاستراتيجية التي تطبق على أرض الواقع لتجنب الممارسات الخاطئة والغطرسة السائدة في ظل العنجهية والعنصرية التي باتت تتشكل كمشروع قومي تدفع ثمنه تلك الشعوب المستضعفة التي أضحت تتعرض للظلم والقهر والاضطهاد، ولمختلف أنواع الانتهاكات الجسدية والنفسية والمعنوية، بينما تقف بعض الأنظمة المتواطئة مع الكيان الصهيوني لتعمل على تحسين وتلميع صورتها وتنقية الأجواء المحيطة بها فيما بينها وبين الكيان الصهيوني لإقناعه بأن مواقفهم ثابتة لصالح هذا الكيان، وأن ما يحدث من زوبعة هو مجرد تغطية إعلامية لا تعبر عن موقف رسمي وليس لها أي تبعات إجرائية قانونية نظير ما وصل إليه حال الشعوب المستهدفة بتلك الحروب وجرها إلى المزيدٍ من النكبات وتعميق الجروح والآلام التي ما تزال تنزف منها هذه الدماء الطاهرة والأرواح البريئة..

بل وبالعكس من ذلك تجد في الجهة المقابلة حالات  تمثل نوعًا من التفاهمات والاتفاقات التي  تمرر عبر أنفاق مظلمة لضمان وصولها بأنه ما نصرح به  في وسائل الإعلام وما نسطره ونكتبه على الأوراق في مثل هذه الحالات ما هو إلا مجرد عبارات شكلية منمقة لا تسمن من جوع ولا تغني من خوف، فما عليكم من ضجيجها ولا تضعوا لها أي حساب، فمضوا حيث ما ترونه يحقق مصالحكم ويدمر كل من يقف في طريقكم..

إن استهداف المدارس والمخيمات التي تؤوي الآلاف من النازحين في قطاع غزة واستشهاد العدد الكبير منهم، من أجل تفريغ القطاع من سكانه، بالإضافة إلى ارتكاب المجازر العشوائية بوسائل وآليات وأسلحة مدمرة وأصناف متعددة وتشكيلات متطورة ومختلفة بهدف الاستيلاء على المزيد من الأراضي الفلسطينية ومصادرتها وضمها إلى المناطق المحتلة وتصفية سكانها وإرغامهم على النزوح وتهجيرهم إلى دول ومناطق أخرى لاستغلال أراضيهم وثرواتهم بشكل قصري

إن تسلسل الأحداث السلبية والدفع بها وتنسيقها بتلكم الصورة المدعمة بالنوايا السيئة، لم تكن محض صدفة عابرة وبريئة، وإنما هي وليدة مخطط متكامل ومدروس وعلى مستوى عال من التفكير والدقة والتنظيم والتنفيذ العملي من أجل إشعال الفتنة  وتداخل القضايا وتحريك النزاعات وتوطينها لتشمل الكثير من المناطق والفئات المستهدفة من خلال محاور الشر  التي هُيئت للقيام بأدوار تكتيكية تتمثل في مجمل الأحداث التي من شأنها تعميق الكثير من الخلافات والاضطرابات المؤدية إلى الاقتتال وإثارة الحروب الدموية بين شعوب المنطقة وفق خطة محكمة ومتفاعلة بين أطرافها على المدى القريب والبعيد لتظل نظرة التشاؤم قائمة وجروح الغطرسة تبقى تنزف دمًا بشكل أو بآخر.

إن الوضع المأساوي الذي يعيشه أهل غزة بصورة خاصة وأهل فلسطين بصورة عامة يؤلم كل إنسان حر يحس ويشعر بمدى المعاناة القاسية التي تلقي بضلالها على هذا القطر العربي المسلم، نتيجة الجرائم والانتهاكات التي أودت بحياة الكثيرين من الأبرياء، ومع استمرار هذه الحرب العشوائية والمجازر الصهيونية الوحشية يبقى الانسان حائرًا بماذا يصف هذا البشر في عالم غيبت فيه المبادئ الإنسانية والقيم الأخلاقية والقوانين الدولية، وغلبت عليها العنجهية والفوضى والهمجية، وتجريد هذا الانسان الضعيف من أبسط حقوقه حتى لا يؤثر ولا يتأثر بمن حوله، وأصبحت حياته تدار من قبل أولئك المتغطرسين الذين ينافسون الله في ملكوته ويعملون على تجريد الناس من حقوقهم وبسط السلطة الصهيونية عليهم دون خوف ولا حياءٍ.

نسأل الله السلامة والعافية والمعافاة التامة في الدين والدنيا والآخرة (حسبنا الله ونعم الوكيل).

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة