مدرين المكتومية
استيقظت هذا الصباح بمزاج غير جيد لأبدأ الروتين الحياتي اليومي الذي يمارسه الجميع، لكني تفاجأت بأن اليوم هو الذي أكتب فيه مقالي الأسبوعي، ولأنني في مزاج غير جيد لم أكن أنوي الكتابة، لكني فكرت في التزامي الأسبوعي بالكتابة باعتبار أن هذا الأمر مسؤولية، فقررت أن أكتب عن "المسؤولية".. تلك المسؤولية التي تحتم عليك ألا تتوانى أو تترد عن القيام بدورك المنوط بك في مختلف المجالات الحياتية.
أن تكون مسؤولا، هذا يعني أنك قادر على أن تنظم وقتك وتجيد دور "الساعة الرملية" في منح الوقت لغيرك أو الاستفادة منه لنفسك، وقد يعتقد البعض أن مفهوم المسؤولية شيء بسيط، لكنه أعمق بكثير، لأن الفرق بين شخص وآخر في التعامل مع الأشياء والأحداث هو حجم المسؤولية التي يحملها على عاتقه تجاه أي أمر، فالمسؤول عن منزله وأسرته تجده دائم الحرص على توفير كل متطلباتهم ليعيشوا كأسرة سعيدة، كما أنه ملزم بتوفير كل احتياجاتهم دون تذمر كجزء من مسؤولياته، فتجده يتنازل عن الكثير من الأشياء التي تخصّه لأجل سعادة الآخرين.
المسؤولية أن تقوم بعملك المطلوب منك بكل جودة وكفاءة، أن تقدم عملا مميزا، شيئا جميلا ومختلفا، أن تتعامل مع الناس على أنهم يستحقون أن تنجز معاملاتهم في وقتها، أن تضع نفسك دائما مكان هذا الرجل الكبير وهذا الشاب الذي جاء إليك ليطلب حقه في إنهاء عمله، فهو يطلب منك ذلك لرغبته في قضاء مصلحته لا رغبة في مجادلتك على التأخير، ولكن بمجرد أن تؤمن أن الأمر لو كان بيده ما كان قد أتى إليك، ستنجزها له في أقل من المطلوب لأنك وفي تلك اللحظة بالتحديد كانت إنسانيتك قد ارتبطت بمسؤوليتك في الإنجاز.
المسؤولية أن تشارك الآخرين أفراحهم ومسراتهم، تحتفل معهم بالإنجازات والنجاحات والسعادات الصغيرة، وأن تحزن معهم في مصائبهم وخساراتهم، وأيضا انهياراتهم، نحن لم نخلق لنكون دائما على "رتم" واحد، وإنما خلقنا لحياة فيه الكثير من التحديات والكثير من التفاصيل الشاقة والمتعبة التي تحتاج إلى يد أخرى لاحتضانها واحتواء انهياراتها، فلربما الشخص الجالس أمامك بكل قوته وكبريائه هو نفسه الشخص الذي لو تحدثت معه لدقائق لانهار باكيا من الوجع ومن المصائب التي تحيط به.
المسؤولية أن تراني اليوم كما تتمنى، أن تراني الشخص الذي تتوقعه، الذي لا تغيره الأيام والأشهر، ولكنها في كل مرة تصنع منه شخصًا أفضل مما كان عليه، شخصٌ لديه القدرة على التكيّف مع كل الظروف، ولديه القدرة على التحمل وأخذ المسؤولية، والاهتمام بصورة أكثر عمقا بما له وعليه، المسؤولية أن أسعى دائما أكون في المقدمة رغم كل شيء وأدفع بنفسي نحو نجاحات دائمة مهما كلفني الأمر.
المسؤولية أن أمنح الحب لمن حولي لتعود إلي، وأن أهتم بهم وأغدق عليهم من المشاعر أجملها، وأن أصنع لهم الحياة التي يحلمون بها، أن أكون دائما للآخرين طريق الوصول، وأن يهبني الله القدرة على أن أكون العون لكل من يحيطون بي من أناس أشعر بالانتماء إليهم، ويشعرون أنهم جزء لا يتجزأ من حياتي.
وأخيرا، المسؤولية هي التي تحتم عليَّ اليوم الجلوس على أمام هذه الشاشة لأكتب هذا الكلام، هي نفسها المسؤولية التي تجعلني كل صباح أستيقظ لأقوم بواجباتي وبأشياء إضافية -أحيانا- تزيد من إنتاجيتي في العمل.