بقلم: فادية هاشم المصري
دعوة لإحياء العربية في صيف الأبناء
في ظل ازدحام الشاشات، وضجيج التطبيقات، وسطوة العالم الرقمي، يتردد السؤال الملحّ:
أين لغتنا العربية من قلوب أبنائنا؟
لغة الضاد، لسان القرآن، وجسر البيان، باتت اليوم تئنّ تحت وطأة الإهمال، متواريةً خلف ستار اللهجات الدخيلة، مستبدَلةً بمصطلحات لا أصل لها ولا سياق، تنقطع بها الصلة بين الجيل وتاريخه وحضارته.
ومع اقتراب فصل الصيف، يقف أبناؤنا أمام مفترق طرق:
إما أن يُمضوه في ترفيه عابر وألعاب لا تُثمر، أو أن يستثمروه في بناء الذات، وصقل الهوية، وتعلُّم لغةٍ أحبها الله، فأنزل بها كتابه، وشرّفها بأن جعلها لسان أهل الجنة.
إن اللغة العربية ليست مجرد وسيلة تواصل، بل هي هوية، وميراث، وعمق حضاري. فإذا أتقن الأبناء لغتهم، سهل عليهم حفظ القرآن، وفهم معانيه، وتدبُّر أسراره. أما إذا تُركوا فريسةً لوسائل الإعلام ومنصات التواصل التي لا تعترف بالهوية، تاهت القيم، وضعفت الألسن، وتشوهت المفاهيم.
ولا خلاف في أهمية تعلُّم اللغات الأخرى والانفتاح على العالم، فقد قيل: "من عرف لغة قوم، أمن مكرهم". لكن أن يكون ذلك على حساب اللغة الأم، فذاك هو الخلل بعينه؛ إذ لا يُبنى انتماءٌ راسخ على لسانٍ مستعار.
ومن بواعث الأمل، أن جهات حكومية وخاصة بدأت تستعيد وعيها بدور العربية، فعادت تحرر مراسلاتها وتقاريرها بلغة الضاد، بعد أن رصدت مظاهر ضعف استخدامها وتراجع حضورها لدى الأجيال الجديدة.
فيا أيها الآباء والمربّون، ويا أصحاب القرار والمسؤولية:
أعيدوا العربية إلى بيوتكم، واجعلوها لسان الأبناء في صيفهم. افتحوا لهم أبواب دروسها، ومراكزها، ونواديها التفاعلية.
ازرعوا في قلوبهم أن العربية ليست مجرد مادة دراسية، بل هي وسام فخر، وراية مجد، وثغر بيان.
كما قال شاعرها:
لغتي وأفخر إذ بُليتُ بحبها
فهي الجمال وفصلها التبيانُ
فهل من مشمّرٍ لصيفٍ نُحيي فيه لغتنا؟
إن أردنا أبناءً يحفظون القرآن، ويعقلون البيان، فلتكن العربية طريقهم، وليكن حبها غذاء أرواحهم، وضياء عقولهم.