مسقط - العُمانية
تنطلق في وقت لاحق اليوم الجولة الثانية من المحادثات بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والولايات المتحدة الأمريكية بوساطة عُمانية في العاصمة الإيطالية روما، بعد أن استضافت سلطنة عُمان السبت الماضي لقاءً تاريخيًّا بين معالي الدكتور عباس عراقجي وزير الخارجية الإيراني ومبعوث الرئيس الأمريكي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، سادته أجواء ودِّية ساعدت على تقريب وجهات.
وقد أعربت سلطنة عُمان يوم الخميس الماضي عن ترحيبها بتيسير عقد الجولة الثانية وبوساطتها في العاصمة الإيطالية روما والتي تم اختيارها مقرًّا لاستضافة هذه الجولة لأسباب لوجستية؛ حيث تهدف هذه المحادثات إلى إحراز مزيد من التقدم نحو التوصّل إلى اتفاق عادل ومُلزم ومُستدام.
وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي: أبدينا حسن النية ونلتزم بالدبلوماسية مع الحفاظ على مصالحنا، لافتًا إلى أن الجولة الثانية من المحادثات ستقودها سلطنة عُمان وسط تفاؤل بأن تفضي هذه الجولة إلى إحراز تقدم، حيث أكد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أن بلاده ترحب بإبرام اتفاق مع واشنطن.
كما أكد معالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي وزير الخارجية وأنطونيو تاياني، نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية والتعاون الدولي الإيطالي في روما أمس على أهمية مواصلة التنسيق ودعم نهج الدبلوماسية والحوار في معالجة التحديات وتحقيق الأمن والاستقرار والازدهار للجميع.
وتترقب الأوساط الإعلامية والسياسية، في ظل تطلعات إقليمية ودولية إلى نتائج تفضي إلى تهدئة التوترات وتعزيز الاستقرار . وفي تطور لافت استعادت العملة الإيرانية نحو 20 بالمائة من قيمتها الإجمالية أمام العملات الأجنبية خلال الأسبوع الماضي؛ نتيجة الأخبار الإيجابية التي وصلت من الجولة الأولى للمحادثات الإيرانية الأمريكية والتي استضافتها سلطنة عُمان
. فيما قام المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رفائيل غروسي بزيارة إلى العاصمة الإيرانية طهران عقب الجولة الأولى من المحادثات، مؤكدًا دعم الوكالة الدولية للمحادثات الإيرانية الأمريكية.
وصرّح غروسي أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية على اتصال مع المفاوض الأمريكي لمعرفة كيف يمكن للوكالة أن تكون جسرًا بين إيران والولايات المتحدة وتساعد في تحقيق نتيجة إيجابية في المفاوضات.
وقُبيل انعقاد الجولة الثانية من المحادثات الإيرانية الأمريكية في روما، قام وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بزيارة العاصمة الروسية موسكو والتقى خلالها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الروسي سيرجي لافروف،حيث أكد وزير الخارجية الإيراني أن زيارته إلى موسكو كانت بهدف التشاور بشأن المحادثات الجارية مع الولايات المتحدة.
وفي هذا السياق يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة طهران ميرجواد میرکلوی بیات أن استئناف المحادثات الإيرانية الأمريكية يعد خطوة إيجابية إلى الأمام ومن شأنها أن تسهم في تعزيز السلام والاستقرار الإقليمي والدولي. وفي حوار مع وكالة الأنباء العُمانية قال ميركلوي بيات إن المؤشرات الاقتصادية الإيجابية في سوق الأسهم الإيرانية وتحسن قيمة العملة المحلية عقب الجولة الأولى من المحادثات الإيرانية الأمريكية تعكس مدى التفاؤل بنتيجة هذه المحادثات.
وأشار أستاذ العلوم السياسية في جامعة طهران إلى أن جهود الوساطة العُمانية في هذه المحادثات تحظى بثقة راسخة لدى مختلف شرائح المجتمع الإيراني بما في ذلك التيارات السياسية وصناع القرار، والدور البنّاء الذي قامت به السلطنة في توفير بيئة آمنة وخالية من التوتر من شأنه أن يسهم في نجاح هذه المحادثات.
وأكد ميركلوي بيات أن الابتعاد عن أجواء التهديد واعتماد المطالب الواقعية والمبنية على الأسس المنطقية سيؤدي إلى إحراز مزيد من التقدم والسير بالمحادثات نحو التوصّل إلى اتفاق عادل ومُلزم ومُستدام.
هذا وقد تصدرت الجولة الثانية للمحادثات الإيرانية الأمريكية في روما واجهات الصحف الإيرانية الصادرة صباح اليوم في طهران، حيث دعت صحيفة "هم ميهن" إلى استغلال هذه المحادثات كفرصة لتخفيف التوترات الإقليمية، خاصة في ظل الأوضاع الراهنة التي تتطلب حلولًا دبلوماسية عاجلة.
فيما أشارت صحيفة "ستاره صبح" إلى أن المفاوضات تمثل خيارًا استراتيجيًّا لتفادي التصعيد، مؤكدة على ضرورة تقديم تنازلات متبادلة لتحقيق تقدم ملموس في الملفات العالقة، لا سيما فيما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني.
فيما كتبت صحيفة "اعتماد" أن الجولة الأولى من المحادثات تمخضت عنها مؤشرات إيجابية تمثلت في حضور الطرفين إلى مسقط بلغة محترمة ونبرة دبلوماسية مقبولة، الأمر الذي عكس جدية مبدئية في التفاوض والمضي في المسار الصحيح. وقد أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن بلاده لن تسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي، ملوحًا بإمكانية اللجوء إلى العمل العسكري إذا فشلت الجهود الدبلوماسية.
وفي الوقت نفسه، أعرب عن تفضيله للتوصل إلى "اتفاق نووي موثوق" يسمح لإيران بالنمو والازدهار، مؤكدًا على ضرورة البدء الفوري في العمل على هذا الاتفاق.
كما أن المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، قال إن بلاده تسعى إلى اتفاق "عادل وقوي" يمنع إيران من تطوير برنامج نووي عسكري، مشددًا على أن أي اتفاق يجب أن يكون "اتفاق ترامب" وليس مجرد عودة إلى اتفاق.