دانة الحمادية **
يعيش الأطفال في زمننا الحالي صراعًا بين مخاوف الاهل ورغباتهم، وبين الواقع الحقيقي الذي نعاصره، وذلك عندما نشاهد الأمهات والآباء يحاولون جاهدين منع أطفالهم من كثرة استخدام وسائل التكنولوجيا؛ كالجلوس لساعات طويلة أمام شاشات الهواتف والأجهزة المحمولة والساعات الذكية وغيرها من الإلكترونيات.
ويبقى السؤال المُحيِّر: لماذا يميل الأطفال لاستخدام الإلكترونيات؟! وقت الفراغ هو الإجابة التي لم يستوعب حقيقتها الأهل والمجتمع، الأطفال يتمتعون بوقت فراغ هائل، وحقيقة هم لا يعرفون كيف يستغلونه، أو ماذا يمارسون فيه؟! ولهاذا يقضون معظم أوقاتهم على شاشات الأجهزة المحمولة لتلهيهم ولتصنع لهم نوع من المتعة السريعة والنشاط الذهني المُهدر لتمُر الساعات الطويلة، ويمتلئ وقت الفراغ الذي يشكل حاجه نفسية مهملة ولم يلتفت إليها المجتمع.
حثنا ديننا الحنيف على تعليم أبنائنا الرماية والسباحة وركوب الخيل، وهذا دليل واضح على أن وقت الفراغ لا يُعالج بمنع مُتع الحياة والأنشطة؛ بل بملئها بالشكل الصحيح وبالطريقة الصحيحة، والحل هو إيجاد البديل المناسب الذي يحقق المتعة والفائدة في نفس الوقت، فلا يشعر الأبناء بالحرمان أو الغضب تجاه الأهل، فكما تعلمون أن كل ممنوع مرغوب!
ومن تجربتي الشخصية البسيطة في هذه الحياة، أؤمن بضرورة توفير الأندية ومراكز الأنشطة المتنوعة المدعومة من قبل الحكومة والتي تُلبي جميع أشكال الأنشطة العقلية والأدبية والفنية والهوايات والرياضات المختلفة، لكي تُتيح للأطفال قضاء وقت فراغهم في ممارسة الهوايات والأنشطة المفيدة والممتعة؛ كالرسم والصناعة والمسرح والرياضة والسباحة وغيرها، كما توفر لهم بيئة آمنة لإقامة علاقات اجتماعية مع أقرانهم وتعزيز ثقتهم بأنفسهم وبناء شخصيات قوية وفعّالة للجيل القادم.
المجتمع مسؤول بشكل كامل ومباشر عن توفير أماكن مُخصَّصة لتلبية احتياجاتنا النفسية والجسدية، وكل محافظة تشكل وصيًا حقيقيًا على أبنائها ويجب عليها توفير مستلزماتهم ومتطلبات الحياة والتي نعتبرها نحن الأطفال أساسية، ولا أظن أبدًا أن توفير مراكز وأندية أمر ثانوي أو لا تقدر الجهات المعنية تفنيذه؛ بل هو حاجة مُلحَّة ويجب تلبيتها وأخذها بعين الاعتبار.
الأجهزة الإلكترونية ليست الخطر الذي يتربص بناء كجيل ناشئ، إنما العدو الحقيقي والأشد هو وقت الفراغ القاتل الذي يُحوِّل براءتنا لشيء آخر لا يُشبه فطرتنا السليمة.
في الختام.. رسالتي لكل ولي أمر، لا تتركني لساعات طويلة بين أربعة جدران دون أن تشاركني الوقت والأنشطة والأفكار والحوار، لا تحرمني من أي شيء مُتاح قبل أن تمنحني بديلًا يسُد فراغ أيامي ويجعلني ابنًا أو ابنةً سعيدة وراضية عن نفسي، عندها لن تجد أيًّا من أبناء جيلي يبحث عن مُتعة وهمية خلف شاشة افتراضية!
** طالبة بمدرسة الفلج الخاصة في ولاية صحار