"المروج" تترنح

 

سالم الكثيري

 

ما إن بدأت شركة المروج للألبان باستقبال حليب الأبقار والإبل من ملاك الثروة الحيوانية في مُحافظة ظفار حتى استبشر الجميع خيرًا بهذا المشروع الذي طال انتظاره كثيرا؛ فالمشروع سيخدم فئة كبيرة من المُواطنين وسيمثل اللبنة الأولى للشراكة المستدامة بين المواطن والجهات الحكومية والخاصة في قطاع الإنتاج الغذائي.

بدأ المشروع كتجربة أولى بثلاثة مراكز على مستوى ولاية صلالة فقط على أن ينمو تدريجيًا ويتوسع لبقية ولايات المُحافظة وهذا أمر مُقدر في مشروع جديد كهذا. ومع أنَّ الأخطاء الإدارية كانت واضحة للعيان منذ بداية الأمر حيث لم تكن عملية تحديد كميات الحليب عادلة لمربي الإبل ولم يكن سعر اللتر مرضيًا لمربي الأبقار وإن استقبلت كل كمياته. كما لم يكن عدد أيام الاستقبال محدداً ثم لم تكن الدفعات المالية مُنتظمة لجميع المربين بل أتت متأخرة منذ الشهر الأول. وقبل هذا كله لم تتعاقد الشركة مع المُربين لتضمن لهم حقوقهم، إلا أنَّ مُلاك الثروة الحيوانية الذين يمثلون طرف الإنتاج الرئيسي كانوا مُتفهمين ومتعاونين لصعوبة البدايات بشهادة القائمين على الشركة نفسها.

وهكذا بدأ عمل الشركة متذبذبًا لقرابة السنتين إلى أن أتت الانفراجة منذ عام تقريبًا بالتعاقد مع إحدى الشركات السعودية والتي استقبلت كميات كبيرة من حليب الإبل وقامت بتسديد المستحقات المالية أولاً بأول قبل أن نعود للمربع الأول مرة أخرى منذ شهرين تقريباً عندما قررت الشركة السعودية التقليل من لترات الحليب التي تستقبلها مؤخرا لتقوم المروج بدورها بتقليص لترات الاستقبال وفقاً للتسجيل الأول الذي لم يراعِ النسبة والتناسب في أعداد القطعان للملاك وهو الخطأ الذي ارتكبته الإدارة منذ الوهلة الأولى وكانت في غنى عنه ولديها الإمكانية لتفاديه بقليل من الجهد.

المُتتبع لهذا المشروع يُمكنه القول إنِّه مشروع نوعي بامتياز ليس على مستوى السلطنة فحسب بل على مستوى دول الخليج العربي ككل وقد اتضح أثره على شريحة كبيرة من أبناء المجتمع العُماني في فترة وجيزة جدًا على ما صاحب هذه الفترة من تحديات متوقعة وغير متوقعة ولهذا فإنِّه من الأهمية بمكان أن تولى الجهات الحكومية متمثلة في مكتب محافظ ظفار ووزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه وغيرها من الجهات ذات العلاقة هذا المشروع اهتماما خاصا وذلك بالدفع به للأمام وذلك لما له من أهمية اجتماعية واقتصادية؛ بل وبيئية أيضًا حيث بات المربي يجني دخلا شهريا وتحول من دائرة الاستهلاك إلى دائرة الإنتاج مباشرة، كما إن المسألة لم تقتصر على المربي الفرد نفسه بل انعكست بشكل واضح على كل الأسرة والتي لا يقل متوسط الباحثين عن عمل فيها عن شابين أو ثلاثة على أقل تقدير وما سيضخه هذا المربي في السوق جراء شرائه للأعلاف والحشائش التي تشكل مصدر الغذاء الرئيسي لحيواناته.

لا يتوقف الأمر عند هذا الحد؛ بل من المتوقع والمرجح بنسبة كبيرة أن يقترن بنجاح هذا المشروع تقليل الأعداد غير المنتجة وتركيز المربي على الكيف بدل الكم وهو ما سيُسهم مع الوقت في تقليل الضغط على المراعي الخضراء، وانعكاس ذلك تلقائيًا على البيئة التي باتت مهددة محليا وعالميا، هذا فضلاً عن الموظفين الذين وجدوا فرص عمل في الشركة وأصبح لهم دخل ثابت في مختلف الدرجات والتخصصات.

في خلاصة هذا الحديث، أدعو الجهات المختصة إلى إعادة النظر في دعم هذا المشروع، وذلك لأهميته من مُختلف الأبعاد المذكورة والتسويق لمنتجاته خارجيًا لضمان استدامته، وألّا تكتفي بالنظر إليه نظرة التاجر القائمة على معادلة الربح والخسارة المادية الصرفة وهو حق مشروع للشركاء والمستثمرين لا ننكره عليهم ولا يستقيم العمل التجاري إلا به. ومشروع المروج بات يترنح على مرأى ومسمع الجميع، في الوقت الذي ينتظر باقي أبناء محافظة ظفار نجاحه وتوسعه في مختلف الولايات والحكومة متمثلة في الجهات المعنية هي من سيكون صاحب الضربة القاضية عليه أو اليد المُنقِذَة له.